الثلاثاء  03 كانون الأول 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وفاة الروائي السوري حيدر حيدر الذي لحق بالمقاومة الفلسطينية في لبنان

2023-05-05 08:08:08 AM
وفاة الروائي السوري حيدر حيدر الذي لحق بالمقاومة الفلسطينية في لبنان
الروائي الراحل حيدر حيدر

تدوين- يحدث الآن

رحل عن عالمنا هذا اليوم، الأديب والروائي السوري، حيدر حيدر، الذي ذاع صيته عربياً، بعد روايته "وليمة لأعشاب البحر"، التي حظرت في عدة دول عربية.

وقد أعلن خبر رحيله نجله، مجد حيدر، صاحب دار “ورد” للنشر، على صفحته في فيسبوك بالقول: “الفهد غادرنا إلى ملكوته”، في إشارة لبطل روايته “الفهد” (1968)، التي تحولت إلى فيلم سينمائي بالاسم نفسه للمخرج السوري الراحل نبيل المالح.

ولد حيدر حيدر في عام 1936في قرية بعيدة صغيرة تقترب من حدود البحر، وتأخذ اسمها منه “حصين البحر”. 

برزت ميوله الأدبية في وقت مبكر من حياته، وفي دمشق بدأ ينشر قصصاً في الدوريات اليومية والشهرية، وكانت مجلة الآداب اللبنانية أبرز المنابر التي كتب فيها قصصه الأولى، التي صدرت في مجموعته “حكايا النورس المهاجر” في العام1968، وفي العام نفسه بدأ التحضير لتكوين اتحاد الكتاب العرب على مستوى الكتّاب والهيئة التحضيرية وانتخب كأحد أعضاء مكتبه التنفيذي، وفي المكتب وزعت المهام واللجان ووقع عليه اختيار مسؤولية الإشراف على النشر.

في سبعينات القرن الماضي ترك سوريا باحثا عن لقمة العيش فكان أحد أهم المُعارين لدولة الجزائر في حملة التعريب التي خاضها التعليم الجزائري فعمل هناك مدرسا للغة العربية ولجميع المواد تقريبا باللغة العربية ثم عاد إلى دمشق وبعدها إلى بيروت، التي تركت الأثر الأعمق في نفسه حتى هذه اللحظة.

الالتحاق بالمقاومة الفلسطينية

إبان الحرب الأهلية اللبنانية، لم يستطع حيدر حيدر أن يكون حياديا تجاه أحداث بيروت الدامية، فانخرط في كتائب المقاومة الفلسطينة من خلال الإعلام الفلسطيني الموحد واتحاد الكتاب الفلسطينيين، وعمل ما استطاع في النشر والإذاعة وكافة الوسائل التي يستطيع أن يقاوم من خلالها.

وفي زمن الحرب صدرت له “التموّجات” و”الوعول”، وأعيد نشر رواية “الزمن الموحش” ورواية “الفهد” بعد فصلها عن مجموعة “حكايا النورس المهاجر”، وأعيد طباعة “حكايا النورس” و”الومض” ثانية عن دار الحقائق في بيروت.

وفيما يتعلق بحضور القضية الفلسطينية في أعماله الأدبية قال حيدر حيدر في إحدى المقابلات الصحفية: "قبل أن أذهب إلى بيروت كنت ضابطا في الجيش السوري وكنت قائد سرية للفلسطينين تضم حوالي 50 جنديا وذلك قبل أن يتكون الجيش الفلسطيني وقبل انطلاقة الفدائيين في1965 وبالتالي فإن إيماني الداخلي لا يتزعزع بالقضية الفلسطينية التي تعد عصب الوجود العربي".

وتابع قائلاً: "بعد ذلك انتقلت إلى لبنان واشتغلت مع الفلسطينيين وأصبحت واحدا منهم إلى درجة انهم كانوا ينادونني بالفلسطيني ذي الجذور السورية وكنت أفتخر بذلك وعايشت الفلسطينيين خلال حرب82 بلبنان واشتغلت في الإعلام حيث أصدرنا في تلك الفترة جريدة المعركة التي كنا نوزعها على المقاتلين في الجبهة لهذا من الطبيعي أن تحضر القضية الفلسطينية في كل أعمالي لأنها مسألة مصيرية بالنسبة لنا كعرب وكمثقفين".

بعد رحيل المقاومة الفلسطينية عن بيروت في العام 1982، اثر الاجتياح الإسرائيلي، عاد إلى قبرص ثانية مسؤولاُ عن القسم الثقافي في مجلة صوت البلاد الفلسطينية. وفي العام 1984 صدرت له رواية “وليمة لأعشاب البحر” بطبعتها الاولى في قبرص والتي ظل يكتبها طيلة عشر سنوات.

أهمية الثقافة ودور المثقفين

كان حيدر حيدر يرى أن الثقافة هي جدار المقاومة الأخير في البلاد العربية والذي ستنقرض وتنهار بسقوطه الأمة العربية. إذ كان أشار في أكثر من لقاء إعلامي أنه: "في ظل هذا التردي السياسي الذي يعيشه العالم العربي تم إغلاق كل بوابات المستقبل والأمل ولم يتبق سوى الثقافة التنويرية و العميقة التي يقع على عاتقها إظهار النور في آخر النفق وإشعال ضوء في هذه العتمة".

أما عن وضع المثقفين في العالم العربي اليوم فيقول حيدر: "المثقفون تمزقوا، لم يعد هناك ما يسمى المثقف العضوي، كذلك انقسام المثقفين ممن وقفوا مع النظام أو ضده، أو ممن هاجر أو رفض كل شيء، وهناك منهم من اضُطهد وعُذِّب، ومن قُتِل. فتكت الأنظمة بالمثقف كما لم يحدث في الأنظمة الفاشية والنازية التوتاليتارية. نعيش اليوم في عالم يسوده الدمار الممنهج. دمار الإنسان أولاً، ودمار المثقف ثانياً، وانتهاءً بانعدام أي أمل بتغيير المجتمعات."

ويقول حيدر حيدر: "إن من يدفع الثمن اليوم هو المثقف الذي لم يساوم، ففي النهاية إما أن يكتب هذا المثقف غير المساوم شيئاً ويخبئه، أو يصمت، حتى إذا كتب روايةً أو كتاباً إما يصادر بالقمع والمنع والمحاكمة"

يُشار إلى أن الأديب الراحل هو من مؤسسي اتحاد الكتاب العرب في دمشق، ومن أشهر أعماله بالإضافة لرواية "وليمة لأعشاب البحر": الفهد، الومض، الزمن الموحش، مرايا النار وشموس الغجر.

ترجمت له قصص إلى اللغات الأجنبية: الألمانية، الإنكليزية، الفرنسية، الإيطالية والنرويجية وغيرها، كما انجزت في كتبه رسائل جامعية للدراسات العليا والماجستير في أكثر من بلد عربي.