الخميس  21 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الطيار آرنست واصف يروي قصة زميله الذي أسره الصهيونيون

2023-05-05 12:12:56 PM
الطيار آرنست واصف يروي قصة زميله الذي أسره الصهيونيون

 

تدوين- ذاكرات/ شخصيات وأحداث

نشرت صحيفة فلسطين، التي كانت تصدر فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، بتاريخ 20 نيسان 1948، قصة اختفاء طيار مصري أثناء عبوره فوق إحدى المستوطنات الإسرئيلية. حيث روى حكايته زميل طيار له لصحيفة فلسطين.

ونشرت الصحيفة التقرير على النحو التالي:

أين الطيار المصري؟ معلومات أخرى خطيرة عن حادث اختفائه

مستعمرة شاروشيم لا تزال تحتجز الطيار وطائرته وتكذب على السلطات

الطيارون المصريون يلجأون إلى جلالة الفاروق لإنقاذ زميلهم وحكومة فلسطين لا تفتأ تماطل

نشرنا في مكان آخر من هذا العدد بعض المعلومات عن الطيار المصري السيد محيي سوسة حسن، الذي أجبره اليهود على النزول بطائرته في مستعمرة شاروشيم قرب الخليل، كما أشرنا إلى أن شركة مصر للطيران قد اهتمت بالأمر وأوفدت ثلاثة من طياريها على إحدى طائراتها إلى فلسطين للبحث والتحقيق، وقد عاد طياران من الثلاثة إلى القاهرة وبقي الطيار الثالث وهو السيد آرنست واصف الذي زارنا أمس وأدلى إلينا بمعلومات أخرى مهمة عن هذا الحادث المريب ننشرها كما يلي:

خرج الطيار السيد محيي سوسه حسن بطائرته ذات المحرك الواحد وهذا الطراز من الطائرات لا يحق لقائده -فنيا- أن يطير به فوق البحر، خرج من القاهرة في رحلة إلى فلسطين وهو من هواة الطيران ومن طياري شركة مصر المعدودين، وفي طريق عودته إلى القاهرة يوم الجمعة الماضي مر في خط سيره من فوق مستعمرة شاروشيم في منطقة الخليل، ومن المؤكد أن بعض طائرات اليهود اعترضته واضطرته إلى الهبوط في المستعمرة حيث احتجزه الإرهابيون واستولوا على طائرته وهي كما قلنا ذات محرك واحد من طراز "نير تشايلد" ومسجلة تحت رقم ( SU ADT ).

وفي مساء الجمعة أرسل اليهود برقية إلى سلطات البوليس في يافا يزعمون فيها أن الطائرة المصرية قد هبطت بسبب خلل فني طارئ وأن الطيار المصري قد أصيب بجراح وأنهم – أي اليهود – نقلوه إلى المستعمرة "للعناية به!!"

 

وفي اليوم التالي – السبت – أرسلوا برقية ثانية قالوا فيها إن الطائرة هبطت على بعد ستة كيلومترات شرقي المستعمرة وأنهم بعد أن اعتنوا بالطيار وضمدوا جراحه وأصلحوا العطب في طائرته، غادرهم بالطائرة الساعة السادسة من صباح اليوم المذكور باتجاه مطار اللد ولا يزال مطار ألماظة في القاهرة ينتظران الطيار المصري وطائرته حتى كتابة هذه السطور، فأين الطيار وأين الطائرة إذن؟ إن للقصة بقية يرويها آرنست واصف زميل الطيار المصري المنتدب رسميا للبحث عنه في فلسطين فيقول:

جئت مع زميلي اللذين عادا إلى القاهرة، على طائرة من طائرات شركة مصر التي انتدبتنا لهذه المهمة، ومنذ وصولنا يوم السبت الماضي وأنا أتصل بسلطات الجيش والبوليس وحتى هذه الساعة – مساء أمس الاثنين- لم تسفر الاتصالات عن شي ذي عناء، وقد طلبت من السلطات البريطانية أن تسهل لي سبيل الوصول إلى المستعمرة برفقة بعض رجالها للبحث عن زميلي المفقود، ولكن هذه السلطات ما تزال تماطل في الأمر، واتصلت كذلك بسعادة قنصل مصر في القدس فعلمت أن سعادته مهتم بالأمر، وهاأنذا في يافا الآن وقد راجعت البوليس البريطاني ويبدو لي أنه لا يبالي بالموضوع ولا يحفل له، وزميلي الطيار المفقود من أكرم الأسر المصرية في المنوفية وهو رب عائلة وأب لأطفال ثلاثة، ولا شأن له في مسائل السياسة أو في ما هو جار في فلسطين الآن إذ أنه طيار مدني، ولم يعرف عنه يوما أنه تعدى الاختصاصات أو العمل الذي يضطلع به في شركة مصر للطيران، فإذا كان الصهيونيون قد احتجزوه أو أسروه واستولوا على طائرته لاستعمالها في أغراضهم العدوانية فليعلموا أن أي مساس به أو أي أذى يناله منهم سيكلفهم غاليا وخاصة بعد أن ذهب وفد من زملائه الطيارين مع أسرته إلى قصر عابدين العامر ظهر أمس لائذين بحمى جلالة الفاروق لإنقاذ أحد نسوره والعناية بأمره وما من شك في أن الحكومة المصرية ستهتم منذ اليوم بالأمر اهتماما بالغا وهي لن تسكت حتى يعود الطيار المصري الشاب سالما إلى بلده، ومما يجدر ذكره هنا أن جميع الطائرات المدنية التي تصل إلى فلسطين أو تمر بها تغير اتجاه سيرها وتحلق فوق المنطقة التي هبط فيها الطيار المفقود، بحثا عنه منذ يوم اضطراره للنزول بطائرته ولكن هذا البحث أيضا لم يسفر حتى الان عن أية فائدة أو نتيجة.

هذه هي المعلومات الجديدة عن الحادث أدلى إلينا بها الطيار المصري السيد آرنست واصف ومنها يتبين للقارئ أن الطيار المصري المفقود لم يعد بعد وأن اليهود كانوا كذابين عندما زعموا للبوليس البريطاني أن الطيار المفقود قد غادر مستعمرة شاروشيم بعد أن اعتنوا به وأصلحوا له طائرته، فالطيار محيي سوسة حسن وطائرته لا يزالان في المستعمرة أو في مكان آخر يعرفه اليهود وحدهم.

وهناك ما هو أبلغ من هذا كله في الخطورة وهو أن اليهود يهزأون بالسلطات الرسمية – كعادتهم – ولا يقيمون وزنا للحكومة وقواتها الجوية والبرية وقوانينها ونظمها، كما أنهم لا يراعون حرمة ولا يعترفون بأي حق لأية دولة أو بلاد مجاورة وغير مجاورة، فهل لحكومة فلسطين وهي المسؤولة هنا بالدرجة الأولى أن تهتم بهذا الموضوع فتأمر هؤلاء الجبناء المتلصصين بإعادة الطيار المصري وطائرته في الحال؟

إننا لما تفعله الحكومة في هذا الشأن وبعد هذه الإيضاحات والمعلومات لمنتظرون... ولنا إلى هذا الحادث الذي يتصل بأحد أبناء مصر الشقيقة عودة وشرح وتفصيل، إن لم تسرع حكومة فلسطين في اتخاذ الإجراءات الكفيلة لإعادة حرية الطيار المصري له وفي هذا القدر كفاية اليوم.