الحدث- قيس ابو سمرة
إذا كنت فلسطينياً تعيش في مناطق مصنفة "ج" بالضفة الغربية، فحتماً أنك تلقيت أو ستتلقى إخطاراً من قبل السلطات الإسرائيلية تبلغك فيه بهدم المنزل بداعي "البناء غير المرخص".
صورة من هذه المعاناة يعيشها نحو 450 فلسطينياً في خربة سوسيا، الواقعة بين تلال زراعية إلى الجنوب من مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، بعد أن رفضت محكمة إسرائيلية، الأسبوع الماضي، التماساً قدمه أهالي القرية ضد قرار الإدارة المدنية الإسرائيلية بالهدم ولاتوا في انتظار "نكبة جديدة".
وقد رفض قاضي المحكمة العليا الإسرائيلية، نوعَم سولبرج، في الـ4 من الشهر الجاري، طلبًا لإصدار أمر مؤقّت يوقف تنفيذ أوامر الهدم التي أصدرتها الإدارة المدنية، ضدّ بيوت في خربة سوسيا.
وكان سكان القرية، طلبوا من خلال التماس قدمته منظمة حاخامين من أجل حقوق الإنسان الإسرائيلية، من المحكمة إصدار هذا الأمر في إطار التماسهم ضدّ قرار الإدارة المدنيّة رفض الخارطة الهيكليّة التي أعدّوها من أجل ترخيص البيوت القائمة وتمكين السكان من التوسع العمراني.
وقال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، إنه "في أكتوبر/ تشرين أول 2013 رفضت اللجنة الفرعيّة للتخطيط والترخيص التابعة لمجلس التخطيط الأعلى في الإدارة المدنيّة، الخارطة الهيكليّة التي قدّمها سكان خربة سوسيا".
وأضاف: "في فبراير / شباط 2014 التمست منظمة حاخامين من أجل حقوق الإنسان إلى المحكمة العليا ضدّ قرار اللجنة الفرعيّة للتخطيط والترخيص ورفض الخارطة الهيكليّة التي جهّزت للقرية".
ولفت المركز إلى أن قرار القاضي سولبرج، يعني أنّ بوسع الإدارة المدنيّة هدم كلّ بيوت القرية في أيّة لحظة، معتبراً أن طرد سكانها "خطوة قاسية وغير قانونيّة".
سكان القرية الذين يجهلون موعد تنفيذ ذلك القرار، يترقبون بخوف قدوم الجرافات الإسرائيلية في أية لحظة لهدم منازل لهم مصنوعة من الصفيح والخيام لا تقيهم برد الشتاء ولا حر الصيف.
وقال نصر نواجعة، أحد السكان، ويعمل باحثاً في مركز(بتسيلم): "القرية تعرضت للتهجير عام 1986، تم تهجيرنا من أراضينا القريبة من هذا الموقع الذي يقع على موقع أثري يدعي الاحتلال أنه إرث يهودي سيطر عليه وحوله إلى كنيس، الآن يسعى لتهجيرنا من الموقع الذي نسكن عليه لإيجاد مناطق فارغة بين الموقع الأثري ومستوطنة سوسيا للسيطرة".
وأضاف نواجعة: "في حال تم تهجيرنا سوف يسيطر الاحتلال على 10 آلاف دونم زراعي (الدونم يساوي 1000 متر مربع)، يتم تحويلها للمستوطنين لزراعتها وإنشاء مشاريع استيطانية تجارية عليها".
وبنبرة تحدٍ، تابع الباحث الفلسطيني حديثه: "لو هُدمت منازلنا سنحفر في الصخر كهوفاً، ونعيد بناء منازلنا. لن نرحل هذه أراضينا".
وبينما كانت عائدة من عملها بمدرسة "سوسيا الأساسية"، التقت الأناضول، المعلمة أحلام نواجعة، التي تحدثت عن الحياة البدائية التي يعيشونها في هذه القرية.
وقالت أحلام: "نعيش حياة بدائية وبسيطة في خيام وبيوت من الصفيح، نفتقر لأدنى مقومات الحياة لا تقينا برد الشتاء ولا حر الصيف، في مواجهة الاحتلال ومستوطنيه".
وأضافت أحلام: " نعتمد في حياتنا على الزراعة وتربية الأغنام، لقد هُدمت قريتنا عدة مرات، لكننا نعيد بناءها من جديد، لا مكان آخر لدينا، نحن نعيش في هذه الخيام لعدم السماح لنا بالبناء، ولو سُمح لنا سيُعاد هدمها، لأن المحكمة الإسرائيلية تتذرع بعدم وجود بنية تحتية".
وبصوت اعتلاه من التحدي والإصرار زاد عن سنواته الـ11، قال الطفل محمد نواجعة :"اليهود يأتون هنا دوماً يريدون هدم بيوتنا، أقول للعرب أن يتضامنوا معنا حتى لا تُهدم مساكننا".
"هم يهدموا بيوتنا واحنا (نحن) بنرجع نبنيها.. راح نبقى لو حتى تحت شجرة زيتون ما راح نترك أرضنا"، هكذا أكمل محمد حديثه.
ويعيش محمد مع عائلته المكونة من 7 أفراد، بحسب والدته إسلام.
وقالت إسلام: "عائلتي تسكن هنا منذ ما يزيد عن 40عاماً، نعتمد على الزراعة وتربية الأغنام، لا نشكل خطراً على أحد، الاحتلال يطاردنا ويسعى لتهجيرنا من أراضينا التي نمتلكها".
وفي مدرسة سوسيا المهددة بالهدم أيضاً، كانت الطفلة أروى شنار (9 سنوات) تلهو مع زميلتها ديانا نواجعة.
تقول أروى: " اليوم دخل الجيش مدرستنا، يريدون هدمها، لكننا سنصمد وسنعيد بناءها".
وتضم مدرسة "سوسيا" 49 طالباً وطالبة يتلقون دروسهم حتى الصف السابع الإعدادي، وتتبع وزارة التربية والتعليم، بحسب مديرها، محمد نواجعة.
وفي حال تم تنفيذ قرار الهدم في هذه الأيام، فإن سكان قرية "سوسيا" سيكونون على موعد مع نكبة جديدة، إذ تحل الذكرى الـ67 لـ"النكبة" الفلسطينية في الـ15 من مايو/أيار الجاري.