الحدث الفلسطيني
للسنة الخامسة عشرة على التوالي؛ أطلق الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة )أمان( تقريره السنوي حول تطورات واقع النزاهة ومكافحة الفساد في فلسطين للعام 2022، الذي يرصد بين ثناياه الجهود الرسمية والمجتمعية المبذولة لمكافحة الفساد والتحدّيات المتعلقة بنزاهة الحكم في إدارة المال والشأن العام، ما بين واقع السياسات والخطط التي تشمل التشريعات والإجراءات والقرارات والنشاطات التي صدرت من قِبَلِ المسؤولين، بالإضافة إلى تسليط الضوء على بعض القضايا أو المؤسسات أو حالات الفساد لوضعها على أجندة الرأي العام والمسؤولين.
ركز التقرير في ثناياه على المتغيرات على واقع النزاهة ومكافحة الفساد والتحديات التي تواجه نزاهة الحكم، محددا أبرز أشكال الفساد المُمارس، وواقع ملاحقة وتجريم الفاسدين خلال العام، فضلا عن تتبع التقرير لتطورات الحوكمة في إدارة المال العام وبشكل خاص شفافية إعداد وإقرار وتنفيذ الموازنة العامة، وواضعا تحت الضوء بعض القضايا أو المؤسسات أو حالات الفساد ذات الاهتمام العام.
ويهدف التقرير المعنون بشعار "الاحتلال والانقسام والفساد السياسي حلقة مغلقة يغذي كلٌّ منها الآخر"، إلى رفع توصيات محددة لصناّع القرار الفلسطيني والأطراف ذات العلاقة، من أجل مساعدتهم في تبني إجراءات وتدابير لتعزيز النظام الوطني للنزاهة وتحصين مناعته ضد الفساد، مشددا على ضرورة قيام القائمين على الحكم باتخاذ قراراتهم لمصلحة المواطنين أو المنفعة العامة من أجل إستعادة ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، الأمر الذي سيساهم في تحمله أعباء المرحلة.
الحسيني: السلطة السياسية الممسكة بالحكم في شقي الوطن استحوذت على مراكز اتخاذ القرار لتحقيق أهداف ليست بالضرورة للمصلحة العامة
استهل السيد عبد القادر الحسيني، رئيس مجلس إدارة ائتلاف أمان كلمته في المؤتمر، مركزا عما يدور في التقرير من فساد سياسي ناتج عن البيئة التي يوفرها النظام السياسي المتفرد، والتي تتيح لكبار المسؤولين التنصل من الواجبات الرسمية المتصلة بخدمة المصلحة العامة في الوظيفة العامة مستغلين هذه السلطة الممنوحة لهم في إدارة الشأن والمال العام لتحقيق مصالح خاصة أو للإفلات من العقاب.
واشار الى أنه قد مر وقت طويل دون ان تنجح الأطراف السياسية المتخاصمة في وقف الانقسام السياسي وتولدت مع الوقت وبحسب الظروف الداخلية والخارجية قناعات رجحت كفة الإبقاء على الوضع القائم على تغييره ترافق مع استمرار تعطيل السلطة التشريعية ودورها الرقابي وهيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وتعزيز مواقعها واستحواذها على مراكز اتخاذ القرار من خلال تبني سياسات واتخاذ قرارات تعمق الانقسام المؤسساتي. الامر الذي سمح لطيف واسع من المصالح الضيقة التي تبدأ بمصلحة مناطقية او مصلحة فئوية وتنتهي بالمصلحة الشخصية وهذا هو الفساد السياسي.
محاولات التضييق في مجال العمل المجتمعي في الضفة وغزة
وعلى صعيد الحياة المدنية وفضاء عمل المجتمع المدني، أشار الحسيني أنه خلال 2022 جرت محاولات مستمرة لتضييق مجال العمل المجتمعي بمشاريع قوانين يُراد بها سحب دور المؤسسات المدنية في المشاركة بتحديد الأولويات الوطنية والرقابة المجتمعية على ادارة الشأن والمال العام؛ كمحاولات إصدار لائحة تنظيم قطاع المنظمات غير الهادفة للربح والترتيبات القانونية ونظام ترخيص المؤسسات الإعلامية. كما فرضت السلطة القائمة في قطاع غزة إجراءات تضييقية على عمل منظمات المجتمع المدني والتجمع السلمي من خلال فرض طلب تصريح أو إشعار لوزارة الداخلية (جهاز الشرطة/ قسم مباحث المؤسسات)، يحدد طبيعة النشاط وحيثياته قبل موعد النشاط بعدة أيام.
مرسوم الرئيس حول تشكيل المجلس الأعلى للهيئات القضائية برئاسته يمثل انقلاباً على أحكام القانون الأساسي الفلسطيني وإدارة الظهر للمبادئ التي تضمنتها وثيقة إعلان الاستقلال
وأكد الحسيني على أن المرسوم الرئاسي رقم (17) لسنة 2022 المتعلق بانشاء المجلس الأعلى للهيئات القضائية برئاسة رئيس السلطة التنفيذية (الرئيس الفلسطيني) يمثل حالة من الانقلاب على أحكام القانون الأساسي الفلسطيني وإدارة الظهر للمبادئ التي تضمنتها وثيقة إعلان الاستقلال من خلال مساسه بمفهوم الدولة الديمقراطية، ومبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات، واستمرار إفلات مسؤولي السلطة التنفيذية من الرقابة القضائية. كما تسببت هذه السياسة في تعطيل منظومة العدالة لأشهر بسبب الإضرابات المستمرة، ومن الأمثلة التي برزت حديثاً الملابسات التي ترافقت مع قرار المحكمة الإدارية بشأن إضراب المعلمين.
تعطيل إجراء الانتخابات هو استمرار لمخالفة القانون الأساسي وإبقاء السلطة التنفيذية دون رقابة رسميّة ومساءلة فعّالة
وعلى صعيد الحياة الديمقراطية، أكد الحسيني على ان عدم إجراء الانتخابات العامة (الرئاسية والتشريعية) للعام 13 على التوالي عطل آليات الوصول السلمي إلى مراكز السلطة عبر الانتخابات الدورية، وعطّل حقّ المواطنين في اختيار ممثليهم في مؤسسات الحكم، واستمرت مخالفة أحكام القانون الأساسي الذي أقرّ حقّ المواطنين في شغل الوظائف التمثيلية العامة واحترام مبدأ تكافؤ الفرص للوصول إلى مراكز الحكم السياسية، وهو الأمر الذي أضعف ثقة المواطنين بالمسؤولين السياسيين ومؤسسات الدولة، وأشاع حالة من الاحباط لدى المجتمع الفلسطيني، وأبقى السلطة التنفيذية دون رقابة رسميّة أو مساءلة فعّالة.
اضافة لاستمرار السلطة القائمة في قطاع غزة بالتفرد في إدارة الشأن والمال العام بإدارة حركة حماس ولمصلحة استقرار سلطتها من خلال السيطرة على مراكز القرار في السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وحافظت على بقاء مجلس تشريعي انتهت مدته الدستورية، وتحكمت في تشكيل مجلس قضاء، ناهيك عن الامتناع عن إجراء انتخابات لمجالس الهيئات المحلية في قطاع غزة؛ وأبقت على وسيلة الاختيار والتعيين لأعضاء المجالس الجدد عند إجراء تغييرات في عضوية المجالس البلدية في قطاع غزة. واستمرت كذلك باحتكار سلطة مجلس الوزراء بالتحكم في تعيين الجسم الإداري المسؤول عن إدارة الشأن والمال العام.
استثناءات لأعضاء السلطة السياسية تعكس ضعفا في مستوى الامتثال لضوابط وأخلاقيات الوظيفة العامة وأنظمة تجنب تضارب المصالح وسجل الهدايا
بالرغم من تبني الحكومة لأنظمة تعزز نزاهة العاملين في الوظيفة العمومية مثل نظام الافصاح عن تضارب المصالح ونظام تلقي الهدايا إلا أنها استثنت كبار المسؤولين في مؤسسات الدولة من الإفصاح عن الممتلكات والأموال المنقولة وغير المنقولة على الرغم من أن هذه الفئة هي الاكثر عرضة لمخاطر الفساد.
دعم سياسة بناء منظومة صحية موازية من القطاع الخاص للاستفادة من التحويلات الطبية
بلغت فاتورة التحويلات الطبية نتيجة استمرار شراء الخدمة من خارج المستشفيات الحكومية أكثر من مليار شيقل خلال العام 2022، كما لم يتم إقرار نظام تأمين صحي شامل تضامني وإلزامي وذلك تحت ضغط مصالح جهات مستفيدة من زيادة التحويلات الطبية، حيث لوحظ مبادرة عدد من كبار المستثمرين بما فيه صندوق الاستثمار الفلسطيني لدعم سياسة بناء منظومة صحية موازية من القطاع الخاص مستفيدين من الحصول على نسبة كبيرة من التحويلات الطبية على حساب تدنّي مستوى الخدمات في المستشفيات العامة.
الحكومة تتبنى سياسة ترحيل الأزمات المالية ولم تلتزم بسياسة ترشيد النفقات
تبنت الحكومة في إدارتها للمال العام سياسة ترحيل الأزمات، الأمر الذي راكم الديون والمتأخرات، وساهم في تأجيج الأزمات المالية وتصاعد المطالب النقابية ما أدى إلى توقف المسيرة التعليمية والمحاكم وغيرها لاشهر، حيث لم تلتزم الحكومة بسياسة ترشيد النفقات وفقا لخطط إصلاح الإدارة المالية وإدارة الوظيفة العامة ومنظومة التقاعد وسياسة ترشيد النفقات، حيث لوحظ التزايد المستمر في فاتورة الرواتب والأجور، وتعيين 1500 موظف في القطاع الأمني، وعدم تجميد جميع الترقيات للمدنيين والعسكريين.
"شركة صروح".. قرار بقانون يمنح امتيازات لأشخاص مقربين من السلطة السياسية دون وضوح صلتهم بالشركة وحجم استثمارهم بها
هناك إشكالية وقصور فيما يتعلق بمدى التزام قرار بقانون الشركات رقم (14) لسنة 2021 بمبادئ الشفافية فيما يتعلق بملكية الشركات المساهمة الخصوصية، إذ لم تتضمن المادة (14) المتعلقة بسجل الشركات نشر أسماء المساهمين (المالكين) الحقيقيين للشركة، واكتفت فقط بنشر أسماء المفوّضين بالتوقيع عن الشركة وأسماء المدراء العامين وأعضاء مجلس الإدارة. مثال على ذلك قيام الحكومة بمنح امتيازات استثنائية لشركة صروح للطاقة المساهمة الخصوصية لإنتاج الطاقة المتجددة من النفايات الصلبة في زهرة الفنجان، على أن تكون مدة الامتياز خمسة وعشرين عاماً من بدء التشغيل التجاري للمحطة، دون الإفصاح عن المالك الحقيقي لها. كما أنّ القرار بقانون "امتياز مشروع زهرة الفنجان" تضمّن أحكاماً خاصة واستثنائية غير اعتيادية وغير متوازنة بالمقارنة مع العقود الإدارية التي غالباً ما تكون لحماية المصلحة العامة، وبغرض حماية الشركة حامل الامتياز "شركة صروح".
إنّ منح امتيازات وحصانات استثنائية في القرار بقانون لشركة صروح للطاقة المساهمة المحدودة دون نشر الاتفاقيات والالتزامات المترتبة على الحكومة الفلسطينية والأجيال القادمة، ودون الإفصاح عن المالك الحقيقي للشركة مع وجود أشخاص نافذين في السلطة السياسية، يشير إلى عدم شفافية القرارات الصادرة عن مؤسسات الحكم وشبهة وجود تضارب مصالح بمنح امتيازات لأشخاص مقربين من السلطة السياسية دون وضوح صلتهم بالشركة وحجم استثمارهم بها، الأمر الذي يشير إلى أنّ إصدار القرار بقانون بشأن امتياز زهرة الفنجان يضمن نسبة من التداخل بين المصالح الخاصة والعامة ويثير الشكوك حول مبرر منح امتيازات غير مستحقة.
استمرار الحكومة في سياسة الانغلاق وتجاهل أهمية المشاركة زاد من فجوة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة
استمرت الحكومة بإعداد مشاريع القرارات بقوانين وبإحاطتها بجدار من السرية وإحالتها إلى الوزراء دون ذكر اسم تلك المشاريع وطبيعتها، اضافة الى استمرار ضعف الشفافية وتوفير المعلومات للمواطنين، حيث ضرب التقرير عدة أمثلة على ذلك كامتناع الحكومة ومسؤولي المؤسسات العامة الوزارية وغير الوزارية عن نشر الحقائق، أو تأخرهم في تفسير بعض الأحداث، أو تضارب التفسيرات المقدمة من قبل بعض المسؤولين للعديد من قضايا الرأي العام خلال عام 2022. ومن تلك القضايا؛ امتيازات الوزراء التي حصلوا عليها إضافة إلى رواتبهم، أو تحويل أموال العمال الفلسطينيين في "إسرائيل" إلى البنوك المحلية، أو التطورات على ملف الغاز والاتفاقيات المتعلقة بمكب زهرة الفنجان، أو التعيينات في المراكز العليا، أو نشر مبررات استمرار شراء سيارات مخصصة لأفراد أو أجهزة رغم الأزمة المالية الخانقة واستمرار العجز في الموازنة، الأمر الذي زاد من فجوة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة والمسؤولين والعاملين فيها.
استمرار ضعف الشفافية والنزاهة في إدارة الموارد الطبيعية
لم تصدر الحكومة قانون المنافسة ومنع الاحتكارات، لا سيما المنظّم لعمليات إدارة الموارد الطبيعية المملوكة للشعب الفلسطيني، والتي ما زالت تحت مسؤولية السلطة أو تمّ تخصيصها وإدارتها من قبل شركات القطاع الخاص لتقديم خدمات عامة. هناك غموض في سياسة الحكومة في إدارة ملف الغاز، ما يعكس ضعف الإلتزام بشفافية إدارة الموارد العامة، حيث تبنت الحكومة مشروع قانون لهيئة البترول، يشرع كافة الإشكالات الموجودة في عملها وفي الإشراف عليها وتبعيتها ما يزيد من مخاطر الفساد.
استمرار عدم الإفصاح عن أعمال لجان التحقيق في التعديات على أراضي الدولة
عرج التقرير متسائلا عن مصير اللجان التي تمّ تشكيلها من قبل الحكومة والرئاسة لمعالجة التعديات على أراضي الدولة مجهولاً، والتي لا يتمّ الإفصاح عن أعمالها أو تقديم تقارير تحدد حجم الاعتداءات وطبيعتها والجهات التي تقف وراءها، الأمر يساهم في هدر موارد الدولة وممتلكاتها، وأتاح فرصة الاستمرار في اعتداءاتهم على أراضي الدولة واستخدامها لغايات خاصة لا للمصلحة العامة وذلك رغم الجهود التي تبذلها سلطة الأراضي لحماية أراضي الدولة وتصويب أوضاع المعتدين عليها، كما أن الحكومة لا تنشر أسماء الأشخاص المستفيدين من أراضي الدولة ولا تتيح للمواطنين حقّ الاطّلاع على البيانات المتعلقة بالأشخاص الذين حصلوا على امتيازات خاصة بهم أو بأقاربهم للتصرف بأراضي الدولة والأملاك الوقفية.
76% من مجمل الشكاوى والبلاغات الواردة لهيئة مكافحة الفساد تتعلق بإساءة استخدام السلطة
وقد استعرض د. عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة ائتلاف أمان لشؤون مكافحة الفساد القسم الخاص بتجريم وملاحقة الفساد والفاسدين خلال عام 2022، متطرقا الى نسبة الشكاوى والبلاغات التي تتعلق بإساءة استخدام السلطة والتي بلغت نحو 76% من مجمل الشكاوى والبلاغات الواردة لهيئة مكافحة الفساد، فيما حيث تركزت في الاشتباه أو الادّعاء بوجود حالات فساد غالباً في القطاع العام بنسبة 52% من مجموع الشكاوى والبلاغات، وفي الهيئات المحلية بنسبة 34%، في حين شكّلت بقية القطاعات والجهات الأخرى ما نسبته 14% من مجموع تلك الشكاوى والبلاغات، فيما أظهرت إحصائيات المتوجهين إلى مركز المناصرة والإرشاد القانوني في أمان أنّ معظم حالات شبهات الفساد كانت ذات علاقة بالمؤسسات الوزارية وغير الوزارية والهيئات المحلية.
11% (97 شكوى) من الشكاوى والبلاغات الموجهة لهيئة مكافحة الفساد تتعلق بأشخاص من كبار المسؤولين
وأشار الى أنه نسبة الى استطلاع أمان السنوي 2022، يعتقد 73% من المواطنين أنّ الفساد يتركز لدى فئة الموظفين العليا، فيما 11% (97 شكوى) من الشكاوى والبلاغات الموجهة لهيئة مكافحة الفساد تتعلق بأشخاص من كبار المسؤولين (وزير، وكيل، وكيل مساعد، مدير عام، سفراء، أشخاص في القضاء، النيابة)، والجدير ذكره إحالة هيئة مكافحة الفساد 8 ملفات فقط الى النيابة العامة تتعلق بمسؤولين من الفئات العليا، الا أن النيابة العامة لم تُحِلْ إلى محكمة جرائم الفساد سوى ملف واحد فقط. كما أن 86% من الملفات ما زالت محجوزة لدى النيابة العامة ولم يتم البتّ فيها حتى نهاية العام 2022 منها ملفات من سنوات عديدة. وللسنة الرابعة على التوالي ترفض النيابة العامة في الضفة الغربية نشر البيانات المتعلقة بواقع جرائم الفساد التي تعاملت معها ونوعها وطبيعتها ومواقع الأشخاص المشتبه بهم أو تزويد ائتلاف أمان بحجم قضايا الفساد وطبيعتها والجهات التي تمّ التحقيق معها بها، وكذلك حجم الجرائم الاقتصادية لعام 2022.
قضية التمور من ملاحقة قضائية إلى ابتزاز للاستيلاء على الممتلكات
ما زالت ملاحقة قضية تبييض تمور المستوطنات مستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات إلّا أنّها أخذت في العام 2022 منحىً مختلفاً؛ فعوضاً عن إحالة الأشخاص المتورطين إلى المحاكم، بدا كأنّها تصفية حسابات ومحاولة استيلاء على أملاك أحد المتهمين المساهمين من كبار المستثمرين في قطاع زراعة التمور وتسويقها. وكان أمان قد حذر من عدم ملاحقة هذه القضية من قبل جهات العدالة، ومن تخوّفه من أن تصبح قضية تبييض تمور المستوطنات تصفية حسابات أو ابتزازات وتسويات مالية.
خطورة استمرار الواقع الحالي يعزز من الانفصال التدريجي بين الضفة وغزة لكيانين منفصلين ما يسيء لقضيتنا العادلة
واختتم المؤتمر السيد عصام حج حسين، المدير التنفيذي لائتلاف أمان، مشيرا أن الممارسات الحالية للسلطات الحاكمة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة بدون أدنى شك تساهم في تعزيز الانفصال التدريجي بين الضفة وغزة لكيانيْن سياسيين. فكلا السلطتين تعملان على المضي في اتخاذ إجراءات غير دستورية، ويعمل كل طرف على تمكين نفسه أكثر فأكثر للامساك بالسلطة وإقصاء الطرف الآخر على كافة الصعد المؤسساتية والسياساتية والقانونية والتنفيذية، الأمر الذي لا يخدم المشروع الوطني بالتحرر وإقامة الدولة الفلسطينية، كما يضعف من التضامن الداخلي والاقليمي والدولي مع قضيتنا العادلة، ويساهم في انتشار الشعبوية وزيادة التطرف والابتعاد عن الدولة الديمقراطية وسيادة القانون والتداول السلمي للسلطة، كما أن فقدان الثقة يساهم في عدم تجاوب المواطنين مع مبادرات الدولة (مثل الضمان الاجتماعي) أو الحلول المقترحة للخروج من أزمات متعلقة بمطالب الاتحادات والنقابات وبعض الحراكات كما حدث في أزمة المعلمين والمحاميين والأطباء.
استعادة الحياة الديمقراطية تتطلب تحديد موعد لاجراء الانتخابات العامة
وأجمل حج حسين جملة من التوصيات التفصيلية بناء على النتائج والاستخلاصات، حيث يوصي ائتلاف أمان بضرورة تبني استراتيجية عامة اصلاحية لتعزيز النزاهة السياسية كمدخل ضروري لمكافحة الفساد، من خلال الاعلان فورا عن موعد لإجراء الانتخابات العامة وتشكيل حكومة وطنية لاستعادة الحياة الديمقراطية ومدخلا ضروريا لإنهاء الانقسام وتجفيف البيئة الحالية المعززة للفساد السياسي، ودعوة مؤسسات المجتمع المدني بكافة أشكالها من اتحادات ونقابات وجمعيات وغيرها لتشكيل تحالف وطني للضغط من أجل اجراء الانتخابات وتقديم مقترحات للقيادة لتذليل التحديات أمام اجرائها ولحشد المجتمع الدولي بهدف الزام الاحتلال ببرتوكول الانتخابات المتفق عليه مع السلطة الوطنية بضمان إجرائها في القدس.
ضرورة إنشاء لجنة مستقلة للرقابة على تعيينات المرشحين للوظائف العليا في القطاع العام
كما يطالب أمان السلطتيين في الضفة وغزة بوقف جميع السياسات والإجراءات التي تعمق الانقسام والفساد السياسي ووقف الانحدار نحو تثبيت الانفصال الى كيانين، أنه يقع على عاتق السلطة القائمة في قطاع غزة السماح بإجراء الانتخابات في الهيئات المحلية؛ ليتمكّن المواطنون من اختيار ممثليهم في هذه الهيئات والغاء الاجراءات التي اتخذتها لتعطيل هذا الحق. كما يدعو ائتلاف أمان الى إنشاء لجنة مستقلة للرقابة على تعيينات المرشحين للوظائف العليا في القطاع العام، وضمان وضوح طريقة التعيينات للمناصب العامة والحساسة في الدولة، وبشكل خاص للسفراء والمحافظين وقادة الأجهزة الأمنية ورؤساء المؤسسات العامة الوزارية وغير الوزارية، واجراءات تعيين رئيس مجلس القضاء الاعلى ورئيس المحكمة العليا، والعمل على إقرار قانون بشأن المحافظين يحدد شروط تعيينهم وفق أُسس من الكفاءة والخبرة، ويوضح مهامهم وحدود صلاحياتهم وآليات مساءلتهم.
تشكيل لجنة وطنية للإشراف على عملية الإصلاح
أما على صعيد تعزيز النزاهة في ممارسة الحكم، فيدعو أمان جميع مؤسسات المجتمع المدني لإنشاء وقيادة تحالف وطني واسع للعب دور محوري في فرض عملية إصلاح جدية تُعلي المصلحة الوطنية فوق أيّ اعتبارات أخرى، من خلال تشكيل لجنة وطنية للإشراف على عملية الإصلاح من شخصيات عامة مستقلة تحظى بثقة واحترام المواطنين الفلسطينيين، وتبنّي الحكومة لسياسة للترشيد في الإنفاق العام، تأخذ بعين الاعتبار التوزيع العادل للموارد المحدودة والأعباء، مع إعطاء الأولوية لقطاع الصحة والتعليم وللبرامج الداعمة للفئات المهمشة والفقراء.
ضرورة تبني سياسة الإفصاح من قبل كبار المسؤولين عن ممتلكاتهم وإعمال حق المواطنين في الاطلاع على المعلومات
ضرورة تبني سياسة الإفصاح من قبل كبار المسؤولين عن ممتلكاتهم، وعن ذممهم المالية عند توليهم مناصبهم وبشكل دوري، مع ضرورة إعادة النظر في القرار بقانون بشأن الشركات للنص على وجوب الإفصاح عن المالك الحقيقي للشركة وعدم الاكتفاء بتسجيل المفوّضين عنها وأعضاء مجلس إدارتها. هذا بالاضافة الى ضرورة إعمال مبادئ الشفافية في ممارسة الحكم وبشكل خاص ما يتعلق بأداء الحكومة، واحترام حقّ المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني في الاطّلاع على المعلومات العامة، مع ضرورة إقرار قانون الأرشيف الوطني مع الاستمرار باستكمال نظام الأرشفة الإلكترونية لجميع الملفّات في الوزارات والمؤسسات الحكومية، كخطوة استباقية ضرورية لإقرار قانون الحقّ في الحصول على المعلومات والالتزام بتنفيذه.
ضرورة إصدار قانون منح الامتياز وقانون المنافسة ومنع الاحتكار
وأوصى أمان أيضا أن على الحكومة نشر كافة الاتفاقيات وملاحقها والالتزامات المترتبة عليها والمتعلقة بعقود الامتياز، مع ضرورة إصدار قانون منح الامتياز، وقانون المنافسة ومنع الاحتكار وإصدار قانون خاص لتنظيم عمل صندوق الاستثمار الفلسطيني كصندوق سيادي.
يجب تعزيز فاعلية واستقلالية الرقابة الرسمية والمجتمعية وتحرر النيابة العامة من تدخل السلطة السياسية في أعمالها
ودعا امان الى إلغاء جميع الإجراءات المتخذة على الصعيد التشريعي والمؤسساتي التي زادت من هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية والمؤسسات الرقابية واضعفت قدرتها على مساءلة السلطة السياسية، والعمل على تمكين القضاء وحمايته من تدخلات السلطة السياسية والأمنية، وتبني رؤية مؤسسات المجتمع المدني لإصلاح القضاء والتي حظيت بترحيب وإجماع مجتمعي، إضافة الى تحرير النيابة العامة من تدخل السلطة السياسية بأعمالها وقراراتها باعتماد مرجعية النائب العام لمجلس القضاء الأعلى، وتعزيز قدراتها وإمكانياتها لإنجاز الملفات التحقيقية المتراكمة لديها؛ للحدّ من فرص الإفلات من العقاب عندما تتعلق الملفات بكبار الفاسدين، ووقف سياسة حل بعض قضايا الفساد بإجراء تسويات خارج إطار القانون.