الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الصراع والوفاق الإقليمي.. والقضية الفلسطينية| بقلم: نبيل عمرو

2023-06-05 11:46:28 AM
الصراع والوفاق الإقليمي.. والقضية الفلسطينية| بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

 

تشهد منطقة الشرق الأوسط، تطورات متسارعة، للانتقال من حالة الصراع الحاد بين دُوله وخصوصا الكبيرة منها، إلى حالة وفاق قوامه إطفاء النيران المشتعلة، وتأسيس علاقات بينية توفر مناخا صحيا لتطوير المصالح المشتركة وتوقف النزف المميت لمقدرات الدول في صراعاتها وتنافساتها على النفوذ فيما وراء حدودها.

السعودية.. كانت أول من سار على هذا الطريق، بادئة بنفسها من خلال تأسيس علاقة إيجابية جديدة مع إيران، وكانت قبل ذلك قد استجابت للسعي التركي لتطبيع العلاقات بعد أن شهد البلدان الكبيران توترات بلغت حد الوقوف على حافة حرب، وكذلك حين علقت الجرس بشأن حسم أمر عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركة رئيسها في أعمال قمة جدة، ما كان أمرا مستعصيا على مدى سنوات طويلة، وقمم عديدة!

وعندما تفتتح العربية السعودية مسارا تطبيعيا مع الدولة التي كانت بمثابة عامل التوتر الأعلى بالنسبة لها، وتنتقل بشأن اليمن من موقع الطرف المباشر في الصراع إلى موقع الوسيط مع آخربن لإنهائه، فذلك فتح الباب لظهور مناخ من الوفاق بين المتصارعين الآخرين، لتشهد مقدمات متفائلة لعلاقة مصرية إيرانية ومعها مقدمات أكثر تفاؤلا لعلاقات مصرية تركية، ما يؤدي منطقيا إلى خفض التوترات في منطقتنا ويخفف إن لم أقل يوقف النزف الكارثي في الطاقات والمقدرات التي أعاقت نمو الدول وأرهقت شعوبها جراء فداحة الأثمان التي تدفع عبر صراعات ما قبل الوفاق.

الفلسطيني وعند أي تطور إقليمي وحتى محلي في البلدان العربية يثير سؤالا واحدا.. ما هو أثر التطور على القضية الفلسطينية، هل يحمل بداية انفراج نحو الحل، أو حتى تغييرا إيجابيا في التعامل مع الفلسطينيين، أم أنه يحمل عكس ذلك مما يثير القلق والمخاوف.

الأمر هنا يحتاج إلى إجابة موضوعية تحددها الحسابات وليس الرغبات، والحسابات الصحيحة هي تلك التي تنتجها الوقائع المتغيرة، وتتحكم بالمسارات والخلاصات.

بهذا المقياس العملي والموضوعي فإن القضية الفلسطينية التي أغلقت التطورات الداخلية والإقليمية والدولية ملف الحلول وأساسه حل الدولتين، وذلك من خلال نشوء قضايا أكثر سخونة وحروبا أكثر اتساعا.. هذه القضية التي صارت توصف بـ المزمنة وأحيانا مستحيلة الحل في الوقت الراهن، فقدت الكثير من مقومات بقائها على رأس الاهتمام الإقليمي والدولي، وبالأخص العربي، ولأنه لا يوجد في الواقع تصفية قضية بحجم وعمق القضية الفلسطينية فإن الذي يوجد فعلا هو تأجيل فتح ملفاتها الأساسية، واستسهال فتح ملفات ثانوية لا أثر لها في الواقع أكثر من أن ندير تطورات متعلقة بها، وفي حال غياب المعالجة السياسية الجدية فكل جهد يبذل لن يتعدى إطفاء حريق اشتعل، وتقديم إسعافات أولية لجراح نازفة.

القضية الفلسطينية ستبقى قائمة بكل تفاعلاتها وتأثيراتها على مستوى طرفيها المباشرين أي الفلسطينيين والإسرائيليين، إلا أن فتح ملف الحل مثلما حدث في مدريد وأوسلو ارتبط كليا بالوضع الدولي بحالته المستجدة فمن ذا الذي يجازف بفتح الملف، والحرب الأوكرانية الروسية الكونية تشغل بال دول العالم جميعا، وترغمها على دفع أثمان باهظة كل يوم في حرب متصاعدة غير معروفة النهاية، أما من كانوا الظهير القومي الأوسع فما زالوا يعالجون كوارث حدثت ومخاوف من أن لا تحدث مجددا، وحين يكون الأمر كذلك في الإقليم الذي هو عربي في الأساس فمن يطلب من أمريكا وأوروبا أو ما يسمى بالمجتمع الدولي أن يفعل شيئا بشأن الحل.

القضية الفلسطينية تتميز بأن اللا حل هو القاعدة، وفتح ملف الحل بصورة جدية هو الاستثناء، وفي حالة كهذه فإن البحث عن حلول من جانب الإقليم والعالم، ومن جانب المقاولين المعتمدين لمعالجة الحالة الفلسطينية الإسرائيلية وعلى رأسهم وفي مركزهم الولايات المتحدة.. هو أمر لا يجدي بل إنه يبدد الطاقات والجهود والرهانات، فالذي يحدث هو أمر واحد فقط، ان ينتبه كل صاحب قضية إلى ذاته، وأن يعمل كل المستطاع كي يظل على قيد الحياة والفعل، إلى أن تنضج الظروف لفتح الملف من قبل من يملكون.