الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إسرائيل الدولة الطبيعية في المنطقة!!/ بقلم: عصام بكر

2023-07-12 09:49:50 AM
إسرائيل الدولة الطبيعية في المنطقة!!/ بقلم: عصام بكر
عصام بكر

 احتفلت دولة الاحتلال قبل أسابيع قليلة "باستقلالها" ال 75 وبعيدا عن المزاعم التي تسوقها بتحقيق العودة لأرض صهيون والروايات التي تتغنى بها في إطار محاولاتها تكريس وجودها على أرض فلسطين وكأنه حالة "طبيعية" ضمن المنطقة العربية، وأنها قوة مهابة يخشاها الجميع تملك جيشا قويا وأنها صاحبة ذراع طويلة "لمحاسبة الأعداء" كل هذا وغيره من أساطير سقط سقوطا مدويا في مساحة لا تتعدى كيلو متر واحد من الجغرافيا يسكنها نحو 13 ألف (لاجئ) في مخيم جنين هؤلاء الذين شرد آباؤهم وأجدادهم وعاشوا ويلات النكبة هم يشهدون اليوم ذات الأعمال العدوانية التي أدت لاقتلاع أهلهم من أرضهم وإرغامهم عنوة على مغادرة بيوتهم ومزارعهم لتستمر المأساة المسماة نكبة إلى يومنا هذا أجيال طويلة تعاقبت على ذات المصطلح الذي ما زال يلتصق بنا في محاولة لتجريدنا من إنسانيتنا وثقافتنا وهويتنا المصبوغة بلون الأرض والبلاد التي هي لنا منذ آلاف السنين ورغم تعاقب الاحتلالات عليها على مر الزمان.

 إسرائيل الدولة "الطبيعية" التي تسمي نفسها أيضا بالديمقراطية في المنطقة العربية باعتبارها حقيقة واقعة هي في حقيقة الأمر امتداد للاستعمار البريطاني على فلسطين ووعدها المشؤوم في الثاني من نوفمبر 1917 لم ولا تملك الجرأة لاستعراض تاريخها منذ "النشأة" باستثناء ما تحاول بثه من أكاذيب وهو تاريخ مجبول بالإجرام والإرهاب وهو ما تملك الحديث عنه دوما إذ كيف لدولة طبيعية عادية مثلا أن تشن وأن تقوم بهذا العدد من الحروب والمجازر والمذابح وتسمى نفسها "بالطبيعية" وأنها حققت "استقلالها" من الذي احتلها لتستقل عنه أصلا!! 

تفند كل هذه الأقاويل الفارغة جولات الحروب والعدوان المتواصل نهجا في سياساتها المستمرة إذا تناولنا دون تفاصيل وبشكل سريع أهم تلك الحروب حرب 1948 ثم العدوان الثلاثي على مصر 1956، الكرامة 1968 ثم حرب الاستنزاف، وبعدها حرب أكتوبر 1973 ثم اجتياح جنوب لبنان 1978 وحرب لبنان 1982 واجتياح بيروت ثم الانتفاضتين الأولى 1987 والثانية 2000 وما بينهما من هبات شعبية والحرب على لبنان 2006 وحروبها المتتالية على قطاع غزة منذ 2008 ثم 2014 الجرف الصامد، وسيف القدس 2021 وأيضا الحرب 2022 التي أطلق عليه وحدة الساحات، وربما هناك الكثير مما لم يتم ذكره في زحمة الحديث عن "دولة" مداد وجودها هو الاعتداء والقتل والدمار اضف إلى ذلك عمليات القتل والاغتيال والقصف والإعدامات الميدانية والعمل الاستخباري الممتد على أنحاء العالم المبني على الفبركة الكاذبة، ونشر الروايات المضللة ومحاولات تزيف التاريخ، واصطناع القصص الملفقة وإلى جانب ذلك كل هذا التغيير المستميت لمعالم ووجه الأرض الفلسطينية الحقيقي، وحرب الديمغرافيا التي تمارسها بحق أصحاب الأرض الأصليين هل دولة تقوم بكل هذا وفق أحكام القانون الدولي وتاريخ الشعوب وحتى في العلاقات الدولية يمكنها أن تقوم بكل ذلك هل هي دولة طبيعية؟ بل الوقاحة أنها تسوق نفسها بأنها امتداد للحضارة الغربية ويقوم هذا الغرب المنافق والشريك بتوفير الحماية والغطاء السياسي العسكري والمالي، ممنوع على أي جهة أو مؤسسة أن يتنقد هذه الدولة رغم بشاعة وفظاعة ما تقوم به من جرائم!! ممنوع إساءة الظن بحق هذه الدولة التي "تدافع" عن نفسها!! وأي محاولات للحديث عن وقف ما تقوم به فإن التهمة الجاهزة "معاداة السامية" هي وصفة تنجح في الترويج لها وتمريرها في ظل الرعاية الأميركية المطلقة والحاضنة لتلك الأفعال التي يجب في حقيقة الأمر أن يندى لها جبين البشرية، وأن يتم التعامل معها بوصفها أعمال إبادة وقتل جماعي نتاج إرهاب دولة منظم تمارسه حكومة مستوطنين استمرارا لنهج كل الحكومات المتعاقبة لكيان غير طبيعي الولادة والتأسيس تمارس كل هذه الجرائم ويعلم العالم علم اليقين أنها كذلك دون أن يحرك ساكنا.

 بعد ما جرى في جنين ونابلس وحرق القرى والبلدات الفلسطينية ترمسعيا عوريف أم صفا وقبل ذلك عشرات القرى الأخرى ماذا علينا أن نفعل وماذا نريد؟ وفي الحقيقة فإننا نريد حماية شعبنا من الاحتلال هذا في غاية الأهمية، ونتطلع ونطالب دوما للتدخل لتوفير الحماية الدولية التي أصبحت تتردد في كل موقف أو بيان لكن الذي لا يقل أهمية هو أن تكون هناك خطوات إلى جانب وبموازاة مطلب الحماية كجزء من استراتيجية شاملة وخطة عمل متوافق عليها من الجميع المهم إضافة للحماية هو العمل على تأمين محاسبة ومحاكمة الاحتلال كيف لهذا العالم أن يصمت على ما يجري بل يصاب بالعمى بالشلل ولا يتحرك للدفاع على الأقل عن القيم التي ينادي بها!! إلا إذا كانت قيما جوفاء مهشمة فاقدة للإحساس الآدمي لم يعد التعامل المجدي مع كيان الاحتلال الغاصب على أنه طبيعي بعد هذا التاريخ الأسود الذي لا يخلو فيه يوم واحد دون تنفيذ جريمة بحق الإنسانية هذه الحكومة ببرنامجها المعلن تشرع الإرهاب علنا قولا وفعلا هدم للبيوت فوق رؤوس أصحابها وترحيل قسري في القدس ومحيطها واستهداف لمقدساتها الإسلامية والمسيحية خنق الحياة بكل تفاصيلها من يقوم بكل هذه الآثام عليه أن يدرك أنه سيحاسب ولو كان يخشى ذلك لما اقترف هذه الأفعال هو يقوم بذلك ويعي أنه لا رقيب ولا حسيب على أفعاله.

 بقاء الإرادة الدولية عاجزة يعطي المزيد من التشجيع في ظل الصمت المطبق والمخزي للعالم وهو بمثابة ضوء أخضر كبير لممارسة أعمال أكثر اتساعا وعنفا ودموية وهو ما ترجمه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي تابع بطائرة مروحية ما جرى في جنين ومخيمها حين قال "نحن نواصل عملنا حينما يجب وأينما يتوجب القيام به العملية العسكرية قد نعود إليها وقد تكون في مناطق أخرى" وهذا ما حدث في نابلس أيضا بعد جنين في حكومة الاحتلال يتخيلوا بل على قناعة أنهم سيفلتوا من العقاب، وحديث نتنياهو يتعدى التدمير والقتل بل ترمي من ورائها لتحقيق هدف سياسي محوره الأساس إجهاض الحلم بقيام دولة فلسطينية، وفرض حل الاحتلال في إطار مخطط الحسم والضم المعلن بينما "شبيبة التلال" يقومون بمساعدة جيش الاحتلال على تنفيذه بالهجمات على القرى والبلدات الفلسطينية، وسرقة الأرض لإرغام الناس على المغادرة بالتهجير هو مخطط قديم جديد يجري تنفيذه ليدخل الصراع إحدى حلقاته الأكثر والأشد ضراوة ليصل لعنوان مباشر لا مفر منه ما تبقى على هذه الأرض أي صراع وجود فعلي بالمعنى اليومي على كل شارع، وجبل، وبيت، وشجرة، وحقل، في هذه البلاد . 

هذا يتطلب العمل على العودة لمرحلة التحرر الوطني وأن يتم تغيير المعطيات وطرائق التعامل التقليدية فصائل قوى مؤسسات أهلية، وشعبية وبما في ذلك السلطة بمؤسساتها لتلعب باعتبارها إحدى الأدوات ووضع إمكاناتها طالما نحن شعب وسلطة تحت الاحتلال في خدمة المشروع الوطني التحرري للشعب الفلسطيني، إلى جانب اتخاذ خطوات بإعادة القضية الوطنية للأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة بمطلب واحد وهو إنهاء الاحتلال لأرض دولة فلسطين ثم ثالثا العمل على محاكمة وتفعيل القضية القانونية في المحكمة الجنائية الدولية دون تردد مهما كانت تبعات القرار هذه العصابات التي لم تكن في أي يوم "دولة" بالمعنى المتعارف عليه في علوم السياسة على العالم أن يوقف نفاقه تجاهها وأن يرفع الغطاء القانوني والسياسي عنها ووضعها على قائمة العار بما يقتضي ذلك من فرض عقوبات ومقاطعة دولية شاملة عليها بوصفها كيان عنصري فاشي يشكل خطر على الأمن والسلام في العالم، وهذا هو التوصيف الأدق لها كونها كيانا طبيعيا.

 وما بين كل ذلك علينا محليا إنجاز الوحدة ورغم كل الملاحظات فإن اجتماع الأمناء العامين المرتقب بعد قرارات القيادة الأخيرة يعطي أملا جديدا ويوفر أرضية بإمكانية إحداث اختراق ولو جزئي بالتوحد في مواجهة الاحتلال وعدوانه، وحق الشعب في الدفاع عن نفسه المدماك الأول في ذلك هو تصعيد المقاومة الشعبية بكل الأشكال المتاحة فإسرائيل ليست دولة بالمعنى الطبيعي للدول بل يعرف الجميع أنها قامت على أنقاض شعب آخر حاولت محوه من التاريخ لكنه بقي في أرضه هذا هو جوهر الموضوع - إسرائيل قوة احتلال عسكري استيطاني كولونيالي تسعى لاستمرار وفرض سيطرتها على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدراته ومن حقه أن يقاوم في كل زمان ومكان بما يراه ويحدده من أشكال ووسائل - إسرائيل تدرك بشكل أكيد وواضح أن الحل لم يكن يوما عبر بوابة الأمن التي لا توفر أمنا أو استقرارا وأن الحل سياسي لكنها تبتعد عنه بإصرار - الحل لا يمكن أن يتم دون تقرير المصير والاستقلال الوطني لدولة فلسطين كاملة السيادة وتكون القدس عاصمتها- ملاحقة الأطفال في جنين من مواليد ما بعد العام 2002 بعد الاجتياح يجب أن تذكر الاحتلال أن هذا شعب لا ينكسر وأن الجيل الجديد الذي تواجهه اليوم هو أكثر تجذرا وعنفوانا من الأجيال التي سبقته وهو يواصل الطريق دون تردد.