السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

لا شرعية وطنية لمن لا يقاوم العدوان.. بقلم: عبد الفتاح القلقيلي

2014-07-21 12:03:38 AM
  لا شرعية وطنية لمن لا يقاوم العدوان.. 
  بقلم: عبد الفتاح القلقيلي
صورة ارشيفية

 تنبيه: لا أنقل هذا القول عن جيفارا الماركسي الذي كان يقاوم العدوان الرأسمالي، ولا أنقله عن أسامة بن لادن الذي كان يقاوم العدوان الاشتراكي والرأسماي معاً، كما أنني لا أنقله عن أحمد بن بيلا الذي كان يقاوم الاستعمار الاستيطاني، وأخيراً لا أنقله عن نلسون منديلا الذي كان يقاوم النظام العنصري.

لا أنقل هنا عن أي رمز من رموز المقاومة متنوعة المنطلقات والثقافات، حتى لا أُتهم من قبل أولي الأمر (في ميادين السياسة أو الدين). وهذا القانون "لاشرعية وطنية لمن لا يقاوم العدوان"، الذي جعلته عنواناً لمقالتي هذه، إنما أنقله عن أمين معلوف، الكاتب والفيلسوف اللبناني الذي يحمل الجنسية الفرنسية ويكتب بلغتها. ولا يستطيع أحد، مهما كان معتدلاً أو حتى متخاذلاً، أن يتهم أمين معلوف بالتطرف، فإن أمين معلوف، رمز من رموز الاعتدال، ولكنه الاعتدال العقلاني، وليس الاعتدال "التطنيشي"، أي اللامبالاة المدهونة بالاعتدال.

وأحيل القراء إلى كتاب أمين معلوف، وعنوانه "اختلال العالم"، ترجمة ميشيل كرم، الصادر عن دار الفارابي في بيروت- لبنان في طبعته الأولى عام 2009. لنقرأ سوياً في صفحة 110 ما نصه: "غداة الحرب العالمية الأولى، وفيما كانت أراضي تركيا موزعة بين مختلف الجيوش الحليفة، وكانت الدول المجتمعة في فرساي أو في سيفر تتصرف بالشعوب وبأراضيها بكل برود، تجرأ ضابط في الجيش العثماني أن يقول للمنتصرين لا!!!

وبينما كان كثيرون آخرون ينوحون بسبب قرارات ظالمة نزلت بهم، كان كمال أتاتورك، الضابط العثماني الذي أشرنا إليه أعلاه، يحمل السلاح ويقاوم القوات الأجنبية التي احتلت بلاده، ويفرض على الدول أن تعيد النظر في مشاريعها".

إن هذا السلوك النادر "أعني به الإقدام على مقاومة أعداء اشتهروا بأنهم لا يُقهرون، والقدرة على الخروج فائزاً" صنع لهذا الرجل شرعيته.

وبعد أن صار الضابط السابق "أباً للأمة" بين ليلة وضحاها، أصبح يتمتع بولاية مديدة كي يعيد قولبة تركيا والأتراك على هواه. هذا ما شرع القيام به بقوة. فوضع حداً للأسرة الحاكمة العثمانية، وألغى الخلافة، وأعلن الفصل بين الدين والدولة.

ومشى شعبه وراءه، وتركه يخلخل العادات والمعتقدات دون كثير من التبرّم والاعتراض. لماذا سمح له الشعب التركي بذلك؟

لأنه أعاد إليه كبرياءه.

والذي يعيد إلى الشعب كبرياءه وكرامته يستطيع أن يحمله على قبول كثير من الأمور. ويستطيع أن يفرض على شعبه تضييقات وتضحيات، ويبقى مسموع الكلمة ومطاعاً، حتى مع بعض التصرفات الذاتية والطغيانية.

إن الشرعية التي اكتسبها أتاتورك بمقاومته للعدوان، رغم اختلال موازين القوى ظلت قائمة من بعده. وتركيا ما زالت تُحكم باسمه حتى اليوم.. وحتى الذين لا يشاطرونه قناعاته يشعرون بأنهم مكرهون على إظهار بعض الانتماء له!