الحياة المهنية بكلمات وصفية قصيرة هي عبارة عن مجموعة من المحطات والإنجازات في التعلم ومشاركة التعلم وتبدأ فعليا من مقاعد الدراسة وتتوج بما نحتفل به هذه الأيام من نجاحات الطلبة في الثانوية العامة حيث تبدأ أحلامهم وأحلام الآباء برسم خطط المستقبل والمهن التي يودون الحصول عليها.
جميلة النجاحات وتصبح أجمل بالتخطيط للمستقبل في حين تصبح الخطط قابلة للتحقيق فيما إذا شملنا في مخططاتنا إدارة المخاطر المحتملة والتي ستخفف من المفاجئات أو فرص فشل خطط المستقبل في تحقيق النجاح المراد للمسار المهني.
طلبة العلم ليسوا شركة للتعامل مع إدارة المخاطر! نعم صحيح، ولكن مشوار التعلم هو مشروع بحد ذاته يتطلب إدارة رشيدة وجزء منها يتطرق إلى إدارة المخاطر.
وإذا اتفقنا على هذا الأمر، دعونا نطلع على ما نشره الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في بيان له:
"بلغ عدد المتقدمين لامتحان شهادة الثانوية العامة 87,817 في العام الدراسي 2022/2023، فيما بلغ عدد خريجي مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية 46,225 خريج وخريجة في العام الدراسي 2021/2020. ويستوعب السوق المحلي سنوياً بمعدل 3 آلاف فرصة عمل للأفراد الخريجين."
هذه المعلومات كفيلة بأن تبدد كل الأحلام وتستبدل شعور الإنجاز بالإحباط وبأن مشروع التعلم هو ليس مشروع المستقبل! لا، هذه ليست الأفكار التي نريد، وبدلا من ذلك لنتفكر بمصطلح إدارة المخاطر وكيفية توظيف هذه المعلومات لصالح المستقبل المهني.
سوق العمل يحتاج أمران أساسيان: المعرفة والمهارة، ولإن النظام التعليمي يولي اهتماما كبيرا للمعرفة فقط، تصبح مسؤولية الفرد التركيز على اكتساب وتطوير المهارة لديه.
وكيف نعرف ما هي المهارات المطلوبة؟! سأستعين بقطاع التدريب للإجابة على هذا التساؤل حيث يعطي هذا القطاع مؤشرات واضحة على المهارات التي يتطلبها سوق العمل وسأدرج البعض منها على سبيل المثال لا الحصر:
مهارة إدارة النقاش: التحاور والنقاش وإقناع الآخر برأيك وفكرك مهارة ذات أهمية عظيمة تيسّر الطريق للتحاور مع الزميل في العمل ولتبادل الأفكار والإقناع مع المسؤولين وبالتالي قدرتك على تحقيق التغيير في أي موقف توده.
مهارة التعلم: كيف يمكن أن يكون التعلم مهارة! عندما نتمكن من تحديد ما ينقصنا من علم من أجل الوصول إلى الهدف المهني ونسعى للحصول على هذه العلم. مثلا إذا كان الفرد أيقن عدم إتقان مهارة الكتابة المهنية وهو يحتاجها من أجل الوصول إلى وظيفة في قطاع ما، يسعى لتعلمها وإتقانها سواء من خلال التدريب أو الإرشاد أو حتى التطوع ويتقن بالتالي مهارة التعلم وأيضا يتقن مهارة إدارة المخاطر وخلق الفرص.
مهارة التعامل مع النقد البناء: وهي لا شك مهارة متقدمة لأن طبيعة الإنسان لا تقبل أي نوع من النقد وهي أرض خصبة لشخصنة النقد بحيث يوجه للأشخاص بدلا من الأفعال. وهنا يمكن للفرد تعلم طريقة التعامل مع النقد بحيث يكن واضحا له وللناقد أيضا بأن النقد هو بنّاء ولا يستهدف الشخص مطلقا.
هناك مقولة متداولة كثيرا وهي أن الإنسان يقاوم التغيير بطبيعته، ونشهد المقاومة فعليا في أبسط الممارسات كأن تغير نوع القهوة التي اعتدت احتساءها في الصباح لسنوات. ولكن يبدو أنها ليست مقولة صحيحة تماما إذ أثبت الإنسان بأنه يتغير ويغيّر إذا ما اجتمعت هذه العناصر الثلاث: قرار التغيير وممارسة التغيير والقناعة بأنه إلى أن يتحقق التغيير لا يجب التقليل من المساعي نحوه.
نسرين مصلح، مؤسس ومدير عام شركة رتاج للحلول الإدارية في رام الله