خاص الحدث
في 22 تموز 2023؛ افتتح رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية خط صرّة الذي سيزود مدينة طولكرم، بـ 10 ميغا واط من شأنها أن تزود المدينة بالكهرباء طيلة فترة الصيف بحسب التصريحات الرسمية. لكن، ما إن افتتح اشتية خطّ صرة وغادر طولكرم، حتى بدأ المواطنون يشتكون من انقطاع الكهرباء عن بعض المناطق، وصلت حدّ انفجار عدد من المحولات وانقطاعات متتالية في الكهرباء منذ افتتاح خطّ صرة حتى تاريخ نشر هذا التقرير، في ظل الحرّ الشديد وتلف العديد من الأجهزة الكهربائية المنزلية ومعاناة المواطنين المرضى نتيجة الانقطاعات المتتالية في الكهرباء.
أزمة كهرباء طولكرم، ليست جديدة، بل تمتد لسنوات عديدة، وصلت ذروتها خلال فترة الحكومة الحالية التي يقودها اشتية، خاصة ما رافق ذلك من وعود دون تنفيذها وتحميل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية في كل مرة عن أي خلل بخصوص حلّ هذه المشكلة.
ففي تموز 2021؛ أعلنت سلطة الطاقة الفلسطينية، أن ربط مدينة طولكرم بخط صرة لحل مشكلة العجز في التيار الكهربائي الذي تعاني منه المدينة؛ يحتاج إلى 3 أشهر كحد أقصى لتزويد المحافظة بالقدرة اللازمة والكافية من الكهرباء في حال توفر الأذونات اللازمة، ولكن يبدو أن الثلاثة أشهر وصلت إلى 24 شهرا والمشكلة قائمة تراوح مكانها.
ونهاية العام الماضي؛ صادقت الحكومة الفلسطينية كذلك، على تمويل مشاريع الكهرباء الخاصة بمدينة طولكرم، بنحو مليون دولار لشراء محوّلات ومعدات ومدّ خطوط كهرباء لإيجاد حل جذري لأزمة انقطاع التيار الكهربائي، استكمالاً لمشروع بناء خط للكهرباء بين محطة صرة وطولكرم، وبناء محطتي التحويل من أجل تغذية مدينة طولكرم.
وكل هذا الدعم الحكومي الذي يجري الحديث عنه لإنهاء مشكلة كهرباء طولكرم، وصل حد خروج المواطنين في احتجاجات على الأزمة المستمرة والمتواصلة التي - بحسب الجهات الرسمية - كان من المتوقع إنهاؤها في 26 حزيران الماضي، خاصة في ظل تزامن قطع الكهرباء مع موجة الحرّ التي تضرب البلاد، حتى خرج اشتية لافتتاح خط صرّة في 22 تموز الماضي، لكن فرحة المواطنين بافتتاح خط الربط، سرعان ما تلاشت بأول انقطاع للكهرباء عن بعض المناطق فور خروج اشتية من طولكرم.
وعن تأخير ربط خط صرة، قال رئيس البلدية رياض رياض، إن المجلس البلدي استنفذ كل ما هو مطلوب باتجاه خط صرة ودفع نحو 4 ملايين شيقل بالإضافة إلى مليون شيقل آخر تم دفعها من خلال المجلس البلدي السابق، ولكن تأخر الربط مع خط صرة لأسباب فنية. وطالب سلطة الطاقة وشركة النقل بضرورة الالتزام بتزويد المدينة بالكهرباء ورئاسة الوزراء والمحافظ بالتدخل. وأكد أنه إذا طالت مسألة الربط "سنخرج مع المواطنين ونطالب كافة الجهات المعنية بتحمل مسؤولياتها".
وتكثفت المساعي في الأيام الأخيرة -قبل افتتاح خط صرة-، لتشغيل الخط بفعل ضغط أهالي المدينة وتم افتتاحه بشكل رسمي، لكن مشكلة الكهرباء لم تُحل والانقطاعات مستمرة.
المشكلة في طولكرم، بالأساس هي مشكلة في الأحمال، حيث تستقبل المدينة أقل بكثير مما تحتاجه من الكهرباء، وتم اقتراح خط صرة كأحد الحلول لتزويد المدينة بالكهرباء والذي كانت هناك الكثير من المعيقات التي أدت إلى تأخير افتتاحه لسنوات، أوهمت خلالها الحكومة المواطنين أن الحلّ يساوي خطّ صرة، وهو ما تبينت حقيقته بعد افتتاح خط صرة بشكل رسمي.
مواطنون من طولكرم، طالبوا بإنشاء مشاريع طاقة شمسية وتجربتها على مناطق صغيرة ولاحقا توسيعها، كجزء من الحلّ لمشكلة الكهرباء التي باتت تؤثر على حياتهم بشكل سلبي وكبير، لكن لا أذن صاغية.
بحسب مصادر مطلعة، فإن شركات عديدة قدمت مشاريع كجزء من حلّ مشكلة كهرباء طولكرم بالاعتماد على الطاقة الشمسية، واحدة منها قدمت مشروعا يعتبر أضخم مشروع طاقة شمسية على مستوى فلسطين لتزويد المدينة بنحو 20 ميغا، خاصة وأن الطاقة الشمسية تعد حلا اقتصاديا وأقل تكلفة ودائما ونظيفا ويمكن أن يوفر الكهرباء لسنوات، لكن هذه المشاريع لم تخرج إلى النور. ووفقا لمصادر الحدث، فإن البلدية ترفض ترخيص مشاريع طاقة شمسية سواء للمنازل أو للمنشآت الصناعية، ورغم ذلك إلا أن هناك مشاريع صغيرة أكبرها ينتج 5 ميغا واط.
وذكرت، أنه لا توجد دراسة شبكة حتى الآن لمعرفة احتياجات الشبكة في طولكرم، والحديث عن 30 ميغا واط (حاجة طولكرم للكهرباء)، جاء دون دراسة دقيقة لاحتياجات المدينة خاصة وأن حجم السوق يكبر دون توسيع الشبكة أو معرفة احتياجات الشبكة، كما أن ترخيص أي مشروع لإنتاج الطاقة الشمسية يحتاج إلى موافقة عدة جهات من بينها البلدية وسلطة الطاقة ووزارة الحكم المحلي وشركة النقل ومجلس تنظيم قطاع الكهرباء، دون أن تكون أي واحدة منها متعاونة مع الأخرى.
ويبدو أن استغلال الطاقة المتجددة لحل أزمة كهرباء طولكرم كحل استراتيجي، بعيدٌ عن توجهات الجهات الرسمية ذات العلاقة التي تتجاهل هذا الحلّ، على الرغم من أنها قد تخفف من العبء القائم حاليا والمشكلة التي لم تحلّ منذ نحو 15 عاما، خاصة وأن البلدية دفعت ملايين الشواقل في سبيل خطّ صرة وشراء بعشرات الوعود دون نتيجة.
ولاحقا لشكاوى الأهالي واستمرار الانقطاع في الكهرباء؛ أكد رئيس بلدية طولكرم في تصريحات له، أن الـ 10 ميغا لا تكفي بشكل فعلي لإنهاء معاناة المدينة بما يتعلق بالكهرباء، لأنها تحتاج إلى أضعاف ما يوفره خط صرة، وبحسب التقديرات فإن المدينة بحاجة 30 ميغا واط، حيث أشار إلى أن الانقطاعات التي حصلت بعد افتتاح خط صرة، كانت لأسباب فنية وطارئة بسبب درجات الحرارة الشديدة وزيادة الأحمال وهو ما أدى إلى احتراق عدد من محولات الكهرباء، وأكد أن الشبكة في طولكرم قادرة على استيعاب الـ 10 ميغا الجديدة.
وبعد يومين من افتتاح خط صرة قال رئيس البلدية إنه قدم مجموعة طلبات ملحة لسلطة الطاقة أهمها ارسال فريق من الخبراء والاستشاريين لتقييم وضع الشبكة في طولكرم ومعرفة الاحتياجات وتطوير الشبكة، وإجراء دراسة دقيقة وذلك إن جرى بشكل فعلي فهو يحصل لأول مرة منذ بداية أزمة الكهرباء في المدينة.
وعن ضعف الكهرباء الذي تعاني منه المدينة قال، إن المصدر لكل الطاقة الكهربائية هو الشركة القطرية، وهناك ضعف من المصدر، ومهندسونا فحصوا الموضوع في نقطة الربط في عنابة وكان هناك ضعف سببه الاستهلاك العالي، حيث أعلنت الشركة القطرية رقما قياسيا في استهلاك الكهرباء، وارتفاع الاستهلاك أدى إلى ضعف الفولتية من المصدر.
ويبدو أن هناك أزمة ستستمر في موضوع الكهرباء، خاصة بعد انفجار عدد من المحولات الجديدة التي تم تركيبها نتيجة خلل فني، على الرغم من تأكيد البلدية أن انفجار المحولات جاء بسبب الحمولة الزائدة ودرجات الحرارة العالية، خاصة في ظل حاجة المدينة التي تفوق الـ 10 ميغا بكثير، في ظل عدم وجود دراسة شبكة لمدينة طولكرم.
وحاولت صحيفة الحدث التواصل مع رئيس بلدية طولكرم رياض رياض، ورئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم، وكذلك مع محافظة طولكرم عصام أبو بكر؛ دون رد.