خالد زبارقة: الاحتلال يخوض حربا ضد الطفولة الفلسطينية
أمجد أبو عصب: الاحتلال رأى في الأطفال جنود التحرير القادمين لذا يعمل على تطويع عقولهم
الحدث- سوار عبد ربه
منتصف حزيران الماضي ناقشت "اللجنة الوزارية الإسرائيلية" لشؤون التشريع، مشروع قانون قدمه عضو برلمان الاحتلال "الكنيست"، "يتسحاق كرويزر"، من حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، لزج الأطفال الفلسطينيين دون 12 عامًا، خاصة الأطفال من شرقي القدس المحتلة، بالمعتقلات مع إصدار أحكام عالية بحقهم. وطالب عضو "الكنيست" "كرويزر"، بتطبيق أحكام بالسجن على القاصرين المشتبه بتنفيذهم عمليات مقاومة ضد أهداف إسرائيلية.
جريمة بحق الطفولة
وحول هذا القرار قال المحامي خالد زبارقة في لقاء خاص مع صحيفة الحدث إن "مجرد تنفيذ هذا القانون يعد جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية وبحق الطفولة الفلسطينية، لأنه يتنافى مع الأسس القانونية المتبعة دوليا، والتي تتعامل مع الطفولة بمعايير تختلف عن المعايير التي تتعامل بها مع البالغين".
ويرى زبارقة أن الاحتلال فتح حربا على الطفولة الفلسطينية تجلت في العديد من الملفات التي تابعها المحامون والتي يقدمها الاحتلال للمحاكم الإسرائيلية".
وبحسب زبارقة فإن هذا الاستهداف المباشر للطفولة من قبل الاحتلال هو لتحقيق أهداف سياسية، ولإخضاع إرادة الشعب الفلسطيني لمخططات الاحتلال وأيضا لبناء حالة ردع عند الطفل الفلسطيني ومن حوله وللأجيال القادمة بخصوص مقاومة جرائم الاحتلال، إذ أن الهدف من هذا القانون ليس إقامته وتطبيقه، بل مزيد من ممارسة القمع بحق الطفولة الفلسطينية.
وجاء مشروع القانون العنصري في أعقاب عملية وقعت في بلدة سلوان، جنوبي المسجد الأقصى المبارك، في كانون الثاني الماضي، والتي نفذها الفتى المقدسي محمود عليوات (13 عامًا) وأدت لإصابة مستوطنين اثنين في شارع وادي حلوة.
وكان محامي عليوات قد أوضح أن لائحة الاتهام ضد الطفل تضمنت عدة اتهامات، وهي القيام بأعمال "مقاومة" بمحاولة قتل، واستخدام السلاح، وحيازة ونقل السلاح.
وأوضح المحامي خالد زبارقة لصحيفة الحدث أنه بحسب قانون الاحتلال هناك إعفاء قانوني حتى جيل 12 عاما من محاكمة الأطفال، وبين جيل 12-14، لا يجوز وضع الطفل في السجون، وبعد بلوغ الطفل لسن 14 عاما يسمح حسب القانون إن حكم عليه بالسجن أن يوضع في سجون الاحتلال".
وحول الخطوات التي يتبعها المحامون في هذا الملف، أوضح زبارقة أن المسار القانوني في هذا الجانب ليس محليا إنما يجب أن يكون مسارا دوليا، مطالبا المؤسسات التي تعنى بالطفولة أن تتحرك سريعا لأن هذا التشريع إن تم تمريره في الكنيست الإسرائيلي، فهو تعد على الطفولة، ويتجاهل حقوق الأطفال المتعارف عليها دوليا.
وأشار زبارقة إلى عدم وجود أصوات حقيقية من قبل المؤسسات حتى اللحظة نادت برفض القرار، وهذا السكوت أعطى الاحتلال ذريعة أخرى لاستهداف الأطفال.
الطفولة المقدسية
وتستهدف سلطات الاحتلال الطفولة الفلسطينية في مدينة القدس عبر إجراءات ظالمة وخبيثة، لخصها رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين أمجد أبو عصب في مقابلته مع صحيفة الحدث بالاعتقال والإبعاد والحبس المنزلي، وكذلك مشروعها في المراكز الجماهيرية التي من خلالها تحاول أن تجتذب الأطفال وتقوم بتهويد عقولهم عبر تسفيرهم وأخذهم إلى رحلات وإعطائهم الهدايا من أجل إبعادهم عن قضية فلسطين.
وأيضا الاحتلال يلجأ لنشر المخدرات في صفوف الطلبة من خلال بيعها عبر عملائه أمام بوابات المدارس على أساس أنها قانونية ورسمية ولا تضر وتباع بأسعار زهيدة، وفقا لأبو عصب.
قوانين مخترعة
ويرى أبو عصب أن سلطات الاحتلال تلجأ بين الفينة والأخرى إلى اخترع قوانين جديدة تستهدف الطفولة الفلسطينية كانت ذروتها بعد استشهاد الطفل محمد أبو خضير، عندما هب الأطفال للدفاع عن دماء محمد لأن كل طفل منهم شعر نفسه أنه محمد، ما دفع الاحتلال لتشريع قوانين جديدة تسمح باعتقال الأطفال.
ودلل أبو عصب على هذا بما حدث مع أحمد مناصرة الذي جرى احتجازه فيما يسمى بمؤسسة مغلقة ولاحقا تم تحويله إلى سجن مجدو ولاحقا شاهدنا الوضع النفسي الصعب الذي وصل له أحمد مناصرة واليوم هو معزول.
وأكمل رئيس لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين، حديثه قائلا: "حديثا وبعد اعتقال الاحتلال لمجموعة من الأطفال أبرزهم محمود عليوات تم تقديم مشروع قانون من قبل أعضاء الكنيست العنصريين، يقضي بمحاكمة الأطفال دون سن 14 عاما، وهذه الإجراءات تستهدف بشكل كبير أطفال مدينة القدس، وتشكل خرقا كبيرا لاتفاقية حقوق الطفل التي وقع عليها الاحتلال منذ ما يزيد عن ثلاثين عاما مع دول العالم".
ووفقا لأبو عصب، فإن الاحتلال من خلال هذا التشريع سوف يزيد من أعداد الأطفال المعتقلين داخل السجون، وسوف يرفع من مدة محكوميتهم، مشيرا إلى أن كل هذه الإجراءات هدفها واحد هو إرسال رسالة تخويف ويأس إلى أبناء شعبنا الفلسطيني من أجل تفريغ مدينة القدس والمسجد الأقصى، لصالح المستوطنين، والمشاريع التهويدية.
أما عن دور المؤسسات الدولية التي تعنى بالطفولة في هذا الجانب فقال أبو عصب: "شاهدنا تساوق المؤسسات الدولية والدول أيضا مع الاحتلال الذي يصف أطفالنا بأنهم إرهابيون وهم ضحايا لهذا الإرهاب".
ووفقا لأبو عصب هذا الخرق ليس الأول ولن يكون الأخير، وكل المؤسسات الدولية لم تصدر أي بيان ولم تتحدث حتى اللحظة في هذا الموضوع، إذ أن الاحتلال في السابق ابتكر قوانين جديدة تتعارض مع القانون الدولي ولم تبد هذه المؤسسات أي رد فعل مناسب للحدث، حيث استمر اعتقال الأطفال وصدرت بحقهم أحكام عالية، فهناك أطفال تمت محاكمتهم لـ 12 عاما، وتم اعتقال أطفال وهم جرحى ومصابون بالرصاص، وتم فرض غرامات مالية عالية على الأطفال أيضا، دون انتقاد دولي لهذه القرارات الجديدة وتحديدا منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" التي تعي جيدا استهداف الأطفال واعتقالهم واستهداف مدارسهم ومعلميهم وتفتيشهم بشكل مذل في شوارع القدس والبلدة القديمة.
تطويع جنود التحرير
وبحسب أبو عصب فإن الاحتلال لجأ إلى هذه الإجراءات لأنه يريد أن يطوع المقدسيين ويخيفهم ويسيطر عليهم فوجد في أطفال مدينة القدس أنهم جنود في مرحلة من المراحل قد يصلوا إلى تحرير هذه البلاد، ما جعله يتخذ خطوات استباقية من أجل إجهاض فكر هؤلاء الأطفال، متبعا لتحقيق غايته الكثير من الأساليب بحق أبناء شعبنا الفلسطيني".
وأكد أبو عصب أن كل هذه الإجراءات فشلت أمام صمود شعبنا الفلسطيني، الذي يستمد قوته من إيمانه بقضيته، دون أن يعول على أحد، هذا لأن لا خيار أمامه سوى الصمود.
ويرى أبو عصب أن هذا الاحتلال لا يواجه قانونيا، لأنه ظالم وسارق ويشرع القوانين وفقا لأهوائه، وبالتالي أي إجراء قانوني سوف يتم اتخاذه، سيتمكن الاحتلال من الالتفاف على هذا القانون، كما فعل مع ملفات التحقيق القاسي والقتل والاستيطان التي أصبحت كلها مشرعة قانونيا. وكذلك اقتحام منازل المواطنين الفلسطينيين ومصادرة أموالهم وسياراتهم بحجة أنها أموال إرهاب، وحينما تم التوجه إلى الجهات القانونية تبين لنا أنه لا يوجد أي منفذ قانوني يمكن أن نفعله لأن الاحتلال أصدر القرار من خلال جهة عسكرية، لا يوجد مجال أن تتم مخاطبتها.
يشار إلى أن عدد الأسرى الأطفال المعتقلين في سجون الاحتلال بلغ 160 طفلا أسيرا وفقا لآخر إحصائية صادرة عن مؤسسات الأسرى.
وسجل منذ عام 2015 أكثر من (9750) حالة اعتقال لأطفال، وبلغ عدد حالات الاعتقال منذ مطلع العام الجاري للأطفال أكثر من (260) حالة اعتقال، فيما أنه ما زال 170 طفلا يقبعون في معتقلات الاحتلال.
وأكدت مؤسسات الأسرى في تقرير لها أن الأعداد ليست المؤشر الوحيد على تصاعد الانتهاكات بحق الأطفال، فقد يكون العام الماضي من حيث العدد مقارنة مع الأعوام التي سبقته أقل من حيث أعداد الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال، إلا أن مستوى التنكيل والجرائم التي ارتُكبت كانت الأشد، ويمكن مقارنة ذلك في المرحلة التي تلت نهاية عام 2015، فضلا عن تصاعد أعداد الجرحى بين صفوف الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال، وكانوا هدفا لرصاص الاحتلال.
وأوضح التقرير أن الأسرى الأطفال يقبعون في سجون (عوفر، ومجدو، والدامون)، بينهم طفلة وهي نفوذ حمّاد (16 عاما) من القدس، و6 أطفال معتقلين إداريا.
وأوضح أنّه رغم الجهود التي تواصل المؤسسات الفلسطينية بذلها في متابعة قضية الأسرى الأطفال، إلا أنّ المنظومة الحقوقية الدولية لم تحدث اختراقا واضحا يُفضي إلى وقف أو خفض وتيرة الاعتقالات، والانتهاكات التي يتعرض لها الطّفل، رغم المواقف الدولية المعلنة حيال هذه الانتهاكات.
وأشار إلى أن عشرات الأسرى الذين اعتُقلوا وهم أطفال وحكم عليهم الاحتلال بالسّجن لسنوات طويلة، تجاوزوا سن الطفولة في الأسر، لافتا إلى أن الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال يتعرضون لجميع السّياسات التنكيلية الممنهجة ومنها التعذيب، وتحتجزهم إدارة سجون الاحتلال في ظروف اعتقالية قاسية.