توافق الأرقام بين 67 عاما على نكبة عام 1948، و48 عاما على نكسة حزيران 1967، لا تبشر بأمل في حل قريب للصراع العربي- الإسرائيلي في وجهة الفلسطيني والإسرائيلي الذي اختزل في حل الدولتين، حكومة إسرائيلية يمينية غاية في التطرف برئاسة بنيامين نتنياهو تحكم إسرائيل اليوم بأغلبية صوت واحد، ما يعني أن كل عضو كنيست في الائتلاف الحاكم يملك حق قرار اسقاط الحكومة في أي تصويت على منح الثقة لها في أي مشروع قانون يقدم إلى الكنيست، وما على نتنياهو إلا أن يخضع لنزوات أعضاء الائتلاف وهي كثيرة، خاصة في الشأن الفلسطيني كالاستيطان ومصادرة الأرض الفلسطينية، وسن القوانين العنصرية، وترسيخ الاحتلال، ورفض حل الدولتين.
لكن قضية فلسطين التي بدأت قبل نكبة 1948 وتمثلت منذ ذلك الوقت وحتى نكسة 67 في كونها قضية لاجئين طردوا من ديارهم وجردوا من ممتلكاتهم، وطمست هويتهم الوطنية وشردوا في أرجاء المعمورة، لم تعد كذلك اليوم رغم المشهد الأسود الذي يحيط بالقضية الأم للأمة العربية، وما يحيط بالأمة العربية نفسها وكياناتها التي كانت جزءا رئيسيا في النكبة، وترسيخ دولة الكيان الصهيوني وضياع حقوق الشعب الفلسطيني.
لم تعد قضية فلسطين منذ تفجر الثورة الفلسطينية عام 1965، قضية لاجئين يبحثون عن التعويض عما فقدوا من أرض وممتلكات بل هي اليوم قضية سياسية وقضية حق شعب في تقرير مصيره وإقامة دلته المستقلة وعاصمتها القدس وحق اللاجئين في العودة الأكيدة إلى ديارهم وممتلكاتهم.
ومهما جنحت حكومات إسرائيل نحو التطرف والعنصرية وانكار حق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والعيش في دولته الخاصة به، فإن صمود شعب فلسطين وتضحياته على مدى 67 عاما وأكثر تؤكد للمحتلين الإسرائيليين أن فلسطين لها شعب يعيش على أرضها منذ أربعة آلاف عاما بشكل متواصل وإن سيادته على أرضه أمر غير خاضع للجدل السياسي أو القانوني وإن كانت الوقائع التي تفرضها القوة الغاشمة المتمثلة بالاحتلال الإسرائيلي تقول عكس ذلك.
العالم يعترف بفلسطين دولة مستقلة، والفلسطينيين كشعب مقاوم مناضل له حق تقرير مصيره والعيش في دولته المستقلة.
وآخر هذه الاعترافات اعتراف الفاتيكان أكبر دولة روحية في العالم بدولة فلسطين، وانكار إسرائيل حق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة يفقدها حقا اكتسبته في القرار الأممي رقم 181 الصادر عام 1947.
هناك اليوم نحو نصف عدد سكان فلسطين التاريخية من الفلسطينيين المتجانسين لغة ولونا ودينا وقومية وتاريخا وطموحات. وهم اليوم حقيقة واقعة وأكيدة رغم كل ممارسات إسرائيل العنصرية والتمييز ضدهم، سواء في الضفة أو في غزة أو في الأرض المحتلة منذ عام 1948 وهؤلاء في ازدياد مضطرد وفي ارتفاع نسبة نموهم الطبيعي لكن تتغلب وكالات الهجرة اليهودية العاملة على جلب اليهود وغير اليهود من العالم إلى فلسطين التي هي بمفهومهم المشوه والمزور إسرائيل.
وصمود الفلسطينين على أرضهم التاريخية يبطل مسعى المتطرفين من حكام إسرائيل بطمس هوية الفلسطينيين وتهويد دولة إسرائيل. وهو لا محالة يسير بنا باتجاه دولة ثنائية القومية في فلسطين يتعايش فيها المسلم والمسيحي واليهودي وغيرهم على قدم المساواة في الحقوق والواجبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، وهو ما سعت إليه منظمة التحرير الفلسطينية في بدايات النشأة.
فهل يتراجع خيار الدولتين أمام خيار الدولة الديمقراطية الواحدة على أرض فلسطين التاريخية.
الشواهد على ذلك كثيرة ومعاشة والحقائق على الأرض وفي النفوس تقول ذلك رغم تراجع الأمل بحل قريب للصراع الفلسطيني الإسرائيلي يقوم على حل الدولتين.