الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

قول في العلاقات المهنية الناجحة| بقلم: سليم بشير العابد

2023-09-06 11:13:47 AM
قول في العلاقات المهنية الناجحة| بقلم: سليم بشير العابد
سليم بشير العابد

 

يعدّ الشعور بالمكانة العالية ونجاح علاقاتنا المهنية مع من يعملون حولنا، والتمتع بحياة مرفهة من أهم مطالب الإنسان في العصر الحديث. وقد تناولت دراسات عديدة أثر نجاح الفرد أو إخفاقه في علاقته بالآخرين على المستوى النفسي والاجتماعي؛ لأنّ إحساسنا بهويتنا أسير أحكام من نعمل معهم ونعيش بجوارهم. وقد كرّس عصر الصورة والفرجة هذا الإحساس من خلال سعار الحضور وإبداء الإعجاب على وسائل التواصل الاجتماعي.  

يتعطش الإنسان دائمًا إلى المحبة والحاجة إلى الاهتمام وهو يعيش خوفًا ملازما له من لامبالاة الآخرين أو إهمالهم لما ينجز أو ما يقدم من عمل. هذا الذعر المقيم، يعوضه العديد من الناس بالاختيال والغرور والغطرسة ومحاولة احتقار الآخرين وإشعارهم بعدم النديّة.

فكلّما ارتبكت الشخصية، وفقدت تماسكها، وانعدمت مشاعر المحبة، وفشلت الحياة العادية في تلبية حاجياتها من الكرامة والرفاهية، زادت حاجتها للاهتمام والدعم، لا لتشعر بالنجاح أو لتبهر الآخرين فقط، وإنما غالبا لاستعادة الدلال السخي والبريء الذي تمتعت به وتلقته في الطفولة.

من أهم أسباب الشعور بعدم الراحة في بيئة العمل وما يؤثر سلبا في علاقاتنا المهنية هو التوتّر. وغالبا ما يكون وليد المماطلة في الإنجاز وتسويف العمل. يرى "جون ميلر" في كتابه السؤال وراء السؤال أنّ التوتر اختيار شخصي. ولذلك علينا أن نبحث عن الحلول مادامت المشاكل صغيرة وأن نتجنب الاختيارات السيئة، فنحن نجني ثمار عاداتنا الحسنة في الحاضر، ونتجرع خيبات العادات السيئة في المستقبل.

لضمان علاقات ناجحة يجب أن نحدد أولوياتنا بدقة دون أن تؤثر فينا آراء الآخرين، وأن نبتعد عن نبرة الاستهزاء والتعالي وانتقاد زملائنا والتقاط أخطائهم وإلقاء اللوم عليهم؛ لأن الواحد منا لا يستطيع تغيير الآخرين بقدر ما يستطيع تغيير نفسه. إن محاسبة النفس والالتزام الفكري والعاطفي والعملي بحل مشاكل العمل هو ما سيحقق لنا النجاح، وليس إلقاء اللوم على الآخر.

إن طبيعة الأسئلة التي نطرحها في بيئة العمل هي السبب الرئيس في اختلال علاقتنا بالآخرين وشعورنا بالقلق والخيبة ومنها مثلا:

لماذا لا يعمل الآخرون بجدية أكبر؟  لماذا تحدث لي هذه المشاكل؟ لماذا لا يهتم الآخرون بالعمل بقدر اهتمامي به؟ لماذا يجب أن نغيّر كل هذا؟

وتعويضها بهذه الأسئلة: كيف يمكنني القيام بعملي بشكل أفضل اليوم؟ ماذا يمكنني أن أفعل لتحسين الوضع؟ كيف يمكنني دعم الآخرين؟ كيف يمكنني التكيف مع المتغيرات؟ ما الذي يمكنني أن أفعله لاتخاذ الإجراءات اللازمة وحلّ المشكل؟ ما الذي تعلمته من هذه التجربة؟  بمثل هذه الأسئلة نعبّد الطريق لعلاقات مهنيّة ناجحة.

إنَّ انتقاد الآخرين يعدّ هجومًا عليهم، لذلك يجب أن نبحث عن جوانب الإعجاب في الأشخاص الذين يحيطون بنا وأن نخبرهم بذلك، ولإقناع من حولنا لا بد أن ننظر للأمور من خلال منظورهم للحياة، حتى نعرف اهتماماتهم وما يرغبون فيه ويحفزهم للعمل.

يقول ثيودور روزفلت "إنَّ أفضل طريق للوصول إلى قلب الشخص وأسهله هو التحدث عن الأشياء التي يقدّرها كثيرًا."

إن محاورة الآخرين ومناداتهم بأسمائهم وإبداء الاهتمام بهم وحسن الإنصات إليهم، ومنحهم الوقت الكافي للتعبير عن أنفسهم، والتحدث إليهم يعزّز علاقتنا بهم ويجنبنا مجادلتهم ومحاججتهم. يقول بنجامين فرانكلين: "إذا جادلت فقد تنتصر أحيانًا؛ لكنه سيكون نصرًا فارغًا لأنك لن تحظى أبدًا بحسن نيّة خصمك."

ويرى آلان دوبوتون في كتابه قلق السعي إلى المكانة العالية أنّ مقتضيات النجاح توفر أربع فضائل جوهرية على أقل تقدير: "الإبداع والشجاعة والذكاء وقوّة التحمّل."

وعلى المرء أن يعلم أنّه قد يكون محبوبا حتى وإن لم يحظ بهالة من المديح والاستحسان وأنّ قيمته في تأثيره الإيجابي على الآخرين. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم:” أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ."

 

المراجع:

 

  1. قلق السعي إلى المكانة: آلان دوبوتون، ترجمة محمد عبد النبي دار التنوير.
  2. العادات الذرية: جيمس كلير ترجمة محمد فتحي خضر دار التنوير.

 

  1. The QBQ workbook: Practicing Personal Accountability at Work and in Life: John G Miler.
  2. How to win friends & Influence people: Dale Carnegie.