الحدث الفلسطيني
أصدر الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) التقرير الموازي للتقرير الرسمي لدولة فلسطين الذي حصص لفحص مدى تنفيذ التزاماتها في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، حيث يستعرض هذا التقرير مدى تنفيذ دولة فلسطين للالتزامات المنصوص عليها في الفصليْن الثاني (التدابير الوقائية) والخامس (استرداد الموجودات) من الاتفاقية، مع تقديم ملاحظاته على الثغرات التي تعتري التنفيذ في الواقع الفلسطيني.
عدم إشراك المجتمع المدني في مناقشة قرارات وخطط الإصلاح
تجلّت أبرز نتائج التقرير في استمرار السلطة التنفيذية "الرئاسة والحكومة" بإصدار قرارات وخطط الإصلاح في المجالات المختلفة دون إشراك ممثلي المواطنين أو منظمات المجتمع المدني، وضعف التزام كافة الاطراف بتطبيق الخطة الاستراتيجية لمكافحة الفساد بسبب عدم اعتماد الاستراتيجية من قبل مجلس الوزراء كإحدى الاستراتيجيات عبر القطاعية وانما ملفا تقع مسؤولية متابعته على هيئة مكافحة الفساد.
شغل المناصب السياسية ومراكز اتخاذ القرار في إدارة الشأن العام دون الالتزام بمبدأ تكافؤ الفرص والكفاءة
استمرت السلطة السياسية في الضفة الغربية والقائمة في قطاع غزة في تعزيز الإمساك بالسلطات العامة الرئيسية، وتعزيز سيطرتها على مراكز القرار في مؤسسات الدولة من خلال شغل المناصب السياسية ومراكز اتخاذ القرار في إدارة الشأن العام من مؤيدي السلطة الحاكمة لضمان السيطرة على القرارات في الشأن المدني والأمني والمالي والقضائي والتشريعي.
تفعيل نظام منح المكافآت على مستوى المؤسسات العامة الوزارية وغير الوزارية ما زال محدوداً
وبالرغم من صدور نظام منح المكافآت لموظفي الخدمة المدنية رقم (21) لسنة 2022، الذي حدد النظام ضوابط وأسس منح المكافآت الوظيفية، ما أوجب على رئيس كلِّ دائرة حكومية تشكيل لجنة من بين موظفي الفئات العليا لدراسة الأعمال المتميزة التي يستحق القائمون بها مكافآت وظيفية، إلا أن تفعيله على مستوى المؤسسات العامة الوزارية وغير الوزارية ما زال محدوداً.
امتثــال مســؤولي الســلطة السياســية لأحكام أنظمــة الإفصاح عــن تضــارب المصالــح ما زال محدوداً وعدم شموله مناصب سياسية أساسية
وأشار التقرير إلى إصدار مجلس الوزراء الفلسطيني بتاريخ 27/1/2020 نظام منع تضارب المصالح رقم (1) لسنة 2020، الذي حدد الفئات الخاضعة لأحكامه والالتزامات المترتبة عليها بموجب النظام، وأوجب النظام تشكيل لجنة في كل مؤسسة تتولى الاطّلاع ودراسة الإفصاح الوارد في النموذج المقدم من قبل الخاضع، لكن عمليا امتثــال مســؤولي الســلطة السياســية لأحكام أنظمــة الإفصاح عــن تضــارب المصالــح ما زال محدوداً، ناهيك عن عدم شمول شاغلي مناصب سياسية أساسية في السلطة السياسية مثل الرئيس ورئيس الوزراء والمحافظين والسفراء في نظام منع تضارب المصالح.
عمليا.. لا يوجد سجل يظهر الإجراءات التأديبية التي تمّ اتّخاذها بحق المخالفين لقواعد المدوّنات
وفي إطار المواءمة مع ما جاء في بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، فقد صدرت في فلسطين العديد من مدوّنات السلوك وهي على النحو الآتي: مدوّنة سلوك موظفي القطاع العام، ومدوّنة السلوك القضائي، ومدوّنات سلوك العاملين في الأجهزة الأمنية، ومدوّنة سلوك موظفي ديوان الرقابة المالية والإدارية، ومدوّنة سلوك موظفي هيئة مكافحة الفساد، ومدوّنة قواعد حوكمة الشركات، وحديثاً صدرت مدوّنة سلوك لموظفي الهيئات المحلية. عملياً لا يوجد سجل يظهر الإجراءات التأديبية التي تمّ اتّخاذها بحق المخالفين لقواعد المدوّنات.
لم تستكمل الحكومة إدماج جميع "مراكز المسؤولية الحكومية والهيئات المحلية" في البوابة الموحّدة للشراء العام
وأظهر التقرير أنه بالرغم من التطور الحاصل على منظومة الشراء العام، إلّا أنّ الحكومة لم تستكمل إدماج جميع "مراكز المسؤولية الحكومية والهيئات المحلية" في البوابة الموحّدة للشراء العام. كما لم يتمّ إنجاز استراتيجية الشراء الإلكتروني التي ستعزز من شفافية ونزاهة عمليات الشراء العام للمؤسسات الحكومية وهيئات الحكم المحلي. على صعيد آخر، يمكن القول إنّ هناك تحسناً طفيفاً في نشر تقارير المؤسسات العامة على الرغم من ضعف محتواها، إذ ما زال يغلب عليها طابع الحديث عن الإنجاز دون ربطه بالمهام وفقاً للخطط.
عدم إصدار قانون الحق في الحصول على المعلومات، وعدم نشر الاتفاقيات المتعلقة بمنح الامتياز
وشدد التقرير على أن الحكومة مازالت تصر على عدم إصدار قانون الحق في الحصول على المعلومات، وعدم نشرها الاتفاقيات المتعلقة بمنح الامتياز.
مواءمة التشريعات فلسطينيا مع متطلبات الاتفاقية ما زال منقوصا
إنّ مواءمة التشريع الفلسطيني لا سيما قانون مكافحة الفساد رقم (1) لسنة 2005 مع متطلبات الاتفاقية خاصة فيما يتعلق بتجريم الفساد في القطاع الخاص جاءت منقوصة وغير متوازنة مع المواءمة التي تمّ تحقيقها على صعيد تجريم أفعال الفساد في القطاع العام، إذ لم يتمّ تجريم الرشوة في القطاع الخاص، كما أنّ تجريم اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص من خلال جريمة إساءة الائتمان الواردة في قانون العقوبات لا يتفق مع الاعتبارات والتشدد الذي تنشده الاتفاقية في ملاحقة جرائم الفساد.
كما أن غياب وجود عدد من التشريعات التي يمثل النقص في وجودها فراغاً تشريعياً تنعكس إشكاليته على بيئة النزاهة والشفافية والمساءلة في العمل الخاص، مثل قانون تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار، وقانون منح الامتيازات العامة، وقانون تسوية الديون.
عدم وجود قانون عام ينظم أصول وقواعد منح الامتيازات في إدارة وتشغيل المرافق الخدماتية الحيوية أضعف الدور الرقابي عليها
ما زال منح الامتياز لشركات القطاع الخاص في فلسطين يتمّ دون إطار قانوني شامل نظراً لعدم وجود قانون عام ينظم أصول وقواعد منح الامتيازات في إدارة وتشغيل المرافق الخدماتية الحيوية التي تمّت خصخصتها لإدارتها أو تشغيلها، وأدّى هذا الغياب لقانون منح الامتيازات ومنع الاحتكارات إلى إضعاف الدور الرقابي للأجسام المنظمة عموماً. فالحكومة لا تعمل بموجب سياسة عامة معتمدة ومنشورة يمكن الاحتكام إليها لخصخصة الخدمات، ما جعل الأجسام الرقابية التنظيمية ضعيفة الفعالية في الرقابة على مزوّدي هذه الخدمات، وبقيت السلطة التنفيذية تقوم بدور الإشراف والرقابة، وأحياناً التنفيذ. إضافة إلى أنّ مجالس الإدارة في العديد من الشركات المساهمة العامة التي تدير مرافق عامة ما زالت لا تعتمد نظاماً ملزماً للإفصاح عن تضارب المصالح لأعضائها عند ظهورها.
محاولات مستمرة للتضييق على مجال عمل المجتمع المدني
جرت عام 2022 في الضفة الغربية محاولات مستمرة لتضييق مجال عمل المجتمع المدني كإصدار لائحة تنظيم قطاع المنظمات غير الهادفة للربح والترتيبات القانونية ونظام ترخيص المؤسسات الإعلامية.
إصدار القرار بقانون بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على نحو يتماشى مع أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
وفي مجال مكافحة غسل الأموال، فقد صدر القرار بقانون رقم (39) لسنة 2022 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الذي تتماشى أحكام هذا القرار بقانون في العديد من جوانبه مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ويحتوي القرار بقانون على مجموعة من الأحكام الضرورية لمكافحة غسل الأموال. كذلك، أصدرت سلطة النقد الفلسطينية العديد من التعليمات والتعاميم التي تهدف إلى مكافحة عمليات غسل الأموال، كدليل إجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الخاص بالمصارف، وتعليمات رقم (9) لسنة 2022 بشأن إصدار واستقبال الحوالات المالية، وتعليمات رقم (18) لسنة 2021 بشأن وظيفة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
هناك معوقات لعقد اتفاقيات ثنائية والانضمام إلى اتفاقيات دولية في مجال التعاون القضائي الدولي
يمكن القول إنّ دولة فلسطين ما زالت تواجه العديد من المعيقات في المجال التشريعي والتنفيذي وخاصة في مجال عقد الاتفاقيات الثنائية والانضمام إلى الاتفاقيات الدولية في مجال التعاون القضائي الدولي سواء على صعيد استرداد الأصول المتأتية عن ارتكاب جرائم أو تنفيذ الأحكام أو تسليم المجرمين.
انضمام دولة فلسطين الى عدد من اتفاقيات الأمم المتحدة وعدد من مذكرات التفاهم الدولية والعربية لتعزيز الأدوات الوقائية لمكافحة الفساد
يذكر ان دولة فلسطين انضمت إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2014، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية عام 2015، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية عام 2018. كما انضمت إلى منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) وذلك بتاريخ 27/9/2017، وفتح الانضمام المجال أمام فلسطين لملاحقة بعض الفارين من العدالة. كما تلتزم دولة فلسطين بمساءلة واعتقال ومحاسبة أيّ فلسطيني فار من العدالة ومتهم بجريمة ارتكبها في دولة أخرى عضو بالإنتربول. واستمرت هيئة مكافحة الفساد في التوقيع على مذكرات تفاهم على الصعيديْن الدولي والعربي بهدف تبادل الخبرات وتعزيز الأدوات الوقائية لمكافحة الفساد.