الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أهالي غزة.. متمسكون ببيوتنا بعد القصف، والطائرات الإسرائيلية تُعد جيل المقاومة القادم

2014-07-22 07:46:52 AM
أهالي غزة.. متمسكون ببيوتنا بعد القصف، والطائرات الإسرائيلية تُعد جيل المقاومة القادم
صورة ارشيفية

غزة- محاسن أُصرف

“صامدون هنا، متشبثون بأرضنا كما الزعتر والزيتون، لا تحرير إلا بالمقاومة”، هذا ما تنطق به ألسنة الغالبية من سكان قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، فعلى الرغم من أن الحرب ما زالت تحصد أرواح أحبتهم أطفالاً ونساءً ورجالاً، إلا أنهم يُرسلون من بيوتهم المتهالكة بفعل القصف، رسالة صمود يؤكدون فيها أنهم متشبثون بمنازلهم، وأن عزائمهم لن تلين رغم قسوة ما يتعرضون له من حروب متوالية أُخراها أعنف من أولاها.

“الحدث” تجولت في أنحاء متفرقة من القطاع، ورصدت آراء الناس في الحرب التي يتعرضون لها، وموقفهم من المقاومة ونُصرة أشقائهم لهم..

سنبقى نُعمر كلما هدموا

رائحة الدخان زكمت أنوفنا بمجرد دخول حي الزيتون شرق مدينة غزة، بينما أصوات الجرافات والدفاع المدني دلتنا على المكان، هناك كانت أم سامي الزعبوط (53 عاماً) تجلس على ركام بيتها وتُردد: «حسبنا الله ونعم الوكيل، الحمد لله، في المال ولا العيال».

كلماتها كان تدل على أن بيتها لم يُقصف للمرة الأولى، تؤكد أنها اعتادت على وجع الحروب الإسرائيلية، فقد عايشت حرب 2008، وحرب 2012 وهذه الحرب الثالثة ولن تكون الأخيرة، وفق قولها، تُبين السيدة التي قُصف بيتها قبل أيام أنها في كل مرة كانت تُطلق إسرائيل حربها على غزة تعمد إلى إعداد حقائبها للنزوح، وبمجرد انتهائها تعود وتُجدد بيتها وتبث فيه الحياة، تقول: «الاحتلال الإسرائيلي يعمد إلى استهداف المدنيين بشكل عشوائي، ويقصد إيقاع أعداد كبيرة من الشهداء بينهم، وهو ما يُؤكده استهداف عائلات بأكملها، آخرهم عائلة البطش بالأمس» وتُضيف أن القصف الجنوني والمتواصل على كافة الأحياء السكنية في القطاع، لم يُمكنها من الخروج من حي الزيتون المعروف بتعرضه المتواصل لجرائم الاحتلال، فقصف المنزل أمام عينها هذه المرة بعد أن فجرت طائرات الاحتلال بيت جارهم، تقول: «إسرائيل تتذرع بوجود مقاومة وقواعد لإطلاق الصواريخ بالقرب من الأحياء السكنية، وهو عارٍ عن الصحة، فقط هي تعشق الدماء»، وتُشير إلى أن ذرائع إسرائيل لن تحملها وجميع السكان بحي الزيتون على النزوح منه وعدم العودة إليه، لافتة أن الاحتلال الإسرائيلي كلما هدم منزلها أعادته من جديد ودبت فيه الحياة: «نحن عُشاق حياة.. وسنبقى متشبثين ببيوتنا وأراضينا وثوابتنا ووطننا».

صامدون هنا

وعلى الرغم من الدمار الذي حل ببيته وبيوت أشقائه، إلا أن «أبو الحسن سلمي»، يُردد: «صامدون هنا، متجذرون بأرضنا، داعمون لمقاومتنا»، مؤكداً أن إسرائيل لن تستمر في استهدافها للفلسطينيين طويلاً، لأن جنودها جبناء، وقال إن حرب 2008 التي استمرت 21 يوماً كانت شاهدة على النفس القصير للاحتلال في قمع الفلسطينيين وردع المقاومة، لافتاً إلى أنهم بعد انسحاب جنود الاحتلال وقتها وانتهاء الحرب، وجدوا دلائل على جبن وقذارة جنود الجيش الذي لا يُقهر، يقول: «كانوا يستعملون «البامبرز» خوفاً من أن تُباغتهم ضربات المقاومة».

يؤكد الرجل أن شعب غزة شعب الجبارين، ورغم الخسائر في الأرواح والأموال، إلا أنه يبقى ملتفاً حول خيار المقاومة، إيماناً منه أنها تُحقق له بعضاً من حقوقه المسلوبة، والتي عجزت المفاوضات عن الوصول إليها، ويُثمن الرجل الموقف التضامني لأهالي الضفة الغربية، مؤكداً أن الجرح واحد والوطن واحد والفلسطينيون دوماً كالبنيان المرصوص أمام الاحتلال، رغم كل الاختلافات في الرؤى والبرامج السياسية.

مواجهة فرضها الاحتلال

من ناحيتها تؤكد «آمال حماد» 33 عاماً، من حي الشجاعية بمدينة غزة، أن الحرب الضاربة أطناب القطاع، فرضها الاحتلال على الفلسطينيين والمقاومة في غزة، ولم تكن اختياراً لهم، وبيَّنت أن حجم الدمار والاستهداف البشع للإنسان والحجر والشجر في غزة، يجعل الفلسطينيين أكثر تشبثاً بالمقاومة.

وحول تهديد الاحتلال بمسح حي الشجاعية، الذي تقطنه، عن الوجود، أكدت أنها لن تهزها، وأشارت أن والدها بمجرد سماع الخبر، رفض الخروج من المنزل، وأوعز إلى أقربائه بالبقاء في منازلهم لتفويت الفرصة على الاحتلال.

وعلى العكس، بدا حال أم خليل (35 عاماً) من بلدة بيت لاهيا، حيث تؤكد أنها تعاملت مع تهديدات الاحتلال ومنشوراته التي وزعها على البيوت في المنطقة الشمالية أول أمس، بإيجابية فحزمت أمتعتها وأطفالها واتجهت إلى بيت خالها في حي الرمال الجنوبي بمدينة غزة، تقول: “لا أملك المغامرة بأطفالي الثلاثة، وطفلي الرابع الذي تحمله أحشائي”، وتضيف أن الاحتلال الإسرائيلي لا يُفرق بين طفل وكهل وامرأة، جميعهم يُصوب تجاههم مدافعه وصواريخه.

وحول رأيها من موقف أهالي الضفة الغربية مما يحدث في غزة قالت: “بالتأكيد قلوبهم معنا، ونثمن وقفتهم التضامنية، متمنية أن يكون ذات الموقف من القيادة الفلسطينية، وأن تلتف على مصلحة الشعب في نيل حقوقه من الاحتلال، وقالت: “كنت سعيدة وأنا أشاهد لافتات المسيرة التضامنية بالأمس في نابلس وهي تدعم المقاومة وتؤازر الغزيين، أيقنت أن الانقسام لم يؤثر في نفوس الفلسطينيين، ولم يفرقهم كما أراد الاحتلال، وصانعو الانقسام، وأضافت: “هموم الشعوب واحدة ومطالبهم وطنية عادلة، لكن أحياناً السياسة تتدخل لتعكس البوصلة”.

أعز الله غزة بالمقاومة

وترى بثينة شتيوي (24عاماً) أن الله أعز غزة بمقاومتها، وقالت عبر صفحتها على فيس بوك: «غزة تُدير معركة مع أعتى ترسانة جل إمكاناتها عربية» وبيَّنت أن الدماء التي تسيل في غزة تُبشر بنصرٍ قريب من الله، داعية شعبها إلى الالتفاف حول المقاومة التي بها يكون النصر والتمكين وتحقيق العودة.

تقول الفتاة، بالأمس القريب تم قصف بيتي وبيوت عائلتي من آل شتيوي في حي الزيتون شرق مدينة غزة، إلا أن ذلك لم يُزعزع عزيمتنا وثقتنا بالمقاومة الفلسطينية، وحول رأيها بالموقف الفلسطيني والعربي من الحرب على غزة، أوضحت أن الموقف العربي لا يُعول عليه، وأن الرؤساء العرب يغطون في سبات عميق، وأضافت أن الموقف الشعبي الفلسطيني يُحترم، لأنه مثمن لجهود  المقاومة في غزة وفرح بإنجازاتها في قصف الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 والتي تُسيطر عليها عنوةً إسرائيل منذ النكبة.

أين أنت سيادة الرئيس؟

أبو رأفت شلدان من حي الزيتون بغزة، في الخمسينات من عمره، وقد تعرض بيته للقصف، يقول لرئيس السلطة أن عليه أن يتنحى عن منصبه، لأنه لم يستطع أن يُحق حقوق شعبه، بل أنه يُفرط بها بالمفاوضات، مطالباً إياه بضرورة تعديل مواقفه والالتفاف حول آلام شعبه.

ولا تختلف عنه أم الشهيد «مؤيد الأعرج»، ابن الثلاثة أعوام من خان يونس، لقد احتسبت السيدة طفلها عند الله، ورغم فجيعة فقده وهدم منزلها، إلا أنها متمسكة بإعادة إعمار بيتها والعيش فيه مجدداً، كما وعبرت السيدة عن دعمها للمقاومة وتدعو بنصرها قائلة: «ابني عصفور في الجنة ومن قتلوه في جحيم النار»، وتُتابع أن الاحتلال مُفلس، وليس لديه بنك أهداف، لذلك يُفرغ جنونه في منازل المدنين، مؤكدة أن محيط منزلها خالٍ من أي منزل لأي عناصر في حماس، ولا تُطلق المقاومة صواريخها من حوله ليتذرع الاحتلال بقصفه وأنهم آمنون في بيوتهم.

وحول موقف أهالي الضفة مما يجري على الأرض، تقول: «نحن شعب واحد ودم فلسطيني واحد، أهلنا في الضفة يفعلون ما بوسعهم من مظاهرات واحتجاجات ودعم معنوي ومادي إن استطاعوا، ولكن ما نتمناه من القيادة الفلسطينية أن توحد الموقف من الاحتلال الإسرائيلي، وتضغط بعلاقاتها مع العالم على الاحتلال، لإنهاء حربه المدمرة في غزة»، مؤكدة أن غياب الرئيس محمود عباس عن الحالة الفلسطينية غير مبرر، كما أن استمراره استجداء ود إسرائيل في  المفاوضات وعبر المؤتمرات قائلاً: «مازلت يدي ممدودة للسلام»، يؤجج من سخط الغزيين، وخاصة أهالي الشهداء والجرحى عليه، ويُفقده وزنه كرئيس فلسطيني واجبه حماية شعبه وتأمين سبل العيش الكريم لهم.

أهداف لحماس

ويبدو أشرف الفرا (44عاماً) غاضباً مما يحدث على الأرض في غزة، فقد هاله حجم الشهداء والإصابات الخطيرة، بالإضافة إلى نزوح العائلات من الشمال إلى مراكز الإيواء في مدارس الأونروا، يقول: «حماس تُريد أن تُحقق أهدافاً خاصة من خوضها الحرب مع الترسانة العسكرية الإسرائيلية»، ويُبين أن تلك الأهداف لا تعدو الخروج من العزلة السياسية التي فُرضت عليها، وإيجاد حل واضح وعملي لأزماتها المالية، وخاصة أزمة رواتب موظفيها الأخيرة، ناهيك عن رفع شعبيتها بين صفوف الفلسطينيين في قطاع غزة، بعد أن تدهورت في العامين الأخيرين، كما قال.

ويؤكد الفرا، أن موقفه السابق لا ينفي دعمه للمقاومة الفلسطينية من كافة الفصائل، مثمناً جهود المقاومين في صد جنود الاحتلال عن اقتراف المزيد من مجازرهم بحق الفلسطينيين الآمنين في بيوتهم، يقول: «هؤلاء المقاومون على الحدود، المواجهون للاحتلال بصدورهم وبإمكانياتهم، ليسوا عُباد كراسي ومناصب»، وتابع: «نتمنى أن يُسدد الله رميهم، ويُزلزلوا أمن إسرائيل ويُوقعوا قتلى في صفوف الإسرائيليين لتتكافأ موازين القوى».

 

وتختلف معه ميرفت محمد 34عاماً، من مخيم الشاطئ، فهي تؤكد أن الحروب المتتالية على أهالي غزة جعلتهم أكثر تمسكاً بالمقاومة، وأكثر إيماناً بأن النصر لا يأتي دون تضحيات ودفع ثمن بالروح والدم، وقالت إن الاحتلال سيخسر في المواجهة، وإنه هو من فرض المواجهة على المقاومة في غزة، وليس حماس وحدها، وأن تعنته بحصار غزة ومنع الحياة عن أهلها وجرائمه في الضفة، كانت سبباً لتهب المقاومة مدافعة عن دماء محمد أبو خضير في القدس.