أسماء الشرباتي: هناك عصابات ترى نفسها فوق القانون ومحاولات لعرقلة المجلس البلدي
تيسير أبو سنينة: توجد محاولات عبثية لمصادرة نتائج الانتخابات وخيار المواطنين
يوسف الجعبري: شرطنا للعودة إلى المجلس البلدي يتمثل بـ "إصلاح الأمور الإدارية"
الحدث - سجود عاصي
بدأت الأحداث في مدينة الخليل بالتصاعد مؤخرا، منذ أن قررت بلدية الخليل إطلاق حملة لإزالة التعديات عن الشوارع والأرصفة في الثامن والعشرين من آب الماضي، وتبعها إحراق مركبة نفايات تابعة للبلدية احتجاجا على إزالة التعديات في الرابع من أيلول الجاري، ثم قرار للمجلس البلدي بأغلبية المجتمعين برفض التوظيف غير القانوني، تطورت في وقت لاحق إلى إطلاق نار وصل حدّ إطلاق النار صوب عدد من أعضاء المجلس البلدي.
تقول نائبة رئيس بلدية الخليل أسماء الشرباتي، التي تعرضت مركبتها وعيادة زوجها لإطلاق نار في الأيام الأخيرة، إنه تم الإعلان مؤخرا عن اعتقال عدد من المتهمين في قضايا إطلاق النار على أعضاء المجلس البلدي، مؤكدة أن القضية لم تنته بعد، بسبب تورط أكثر من 8 أشخاص في إطلاق النار على عضو المجلس البلدي عبد الكريم فراح وحده وإصابته بجراح، والذين وثقتهم كاميرات المراقبة.
وأوضحت شرباتي في لقاء خاص مع صحيفة الحدث، أن مدينة الخليل تعيش منذ فترة حالة فيها نوع من الاضطراب الأمني، والأمن بذل جهودا خلال الأيام الأولى من حوادث إطلاق النار ولكننا كنا نتوقع المزيد بسبب استمرار الأحداث، وواضح أن هناك مجموعة أو "عصابة" ترى نفسها فوق القانون وقادرة على أن تنجوا بفعلتها دون محاسبة، وخلال الأيام المقبلة ستتضح الجدية في التعامل من قبل الجهات الرسمية مع الأحداث الجارية، خاصة وأن عددا من المطلوبين لا زالوا طلقاء، مطالبة بوجود وضوح في عملية ضبط المتورطين ومعاقبتهم وضبط حالات إطلاق النار.
ووفقا لـ شرباتي، فإن هناك محاولات لعرقلة عمل المجلس البلدي "بلا شك"، خاصة وأن هناك تهديدات سبقت عمليات إطلاق النار على أعضاء المجلس البلدي، كان يراد بها عدم استقرار المجلس البلدي، والأمور كانت ذاهبة باتجاه تأليب المجتمع لمجلس بلدي بلدية الخليل، ولكن وعي الناس والشارع الخليل كان جيدا والتضامن مع أعضاء المجلس كذلك، كانت رافضة للوضح الحاصل، وكان واضحا أن هناك من يريد السوء لبلدية الخليل باستهداف المجلس البلدي لبلدية الخليل وكذلك استهداف مدينة الخليل التي تعتبر صمام أمان جنوب الضفة الغربية، على حدّ قولها.
وأضافت: هناك من أراد للخليل، أن ينشغل الناس فيها بأنفسهم وقضاياهم الداخلية بعيدا عن الاحتلال، ولكننا نفوت فرص ولم تكن لدينا ردود فعل إلا الالتجاء للأمن لضبط الموضوع، وكانت هناك ردة فعل مضاعفة فيما يتعلق بالعمل داخل البلدية وتنشيط الحركة في المؤسسات والنشاطات التي كانت حاضرة وموجودة وعقدنا اجتماعات المجلس البلدي داخل المستشفى التي يتواجد بها فرّاح الذي أصيب بجراح خلال إطلاق النار عليه، وكل ما نستطيع فعله هو تقديم الخدمات للمدينة دون توقف، ونحن جاهزون ومستعدون لهذا العمل بأكبر قدر ممكن.
وترى نائب رئيس مجلس بلدية الخليل، أن التحالف في كتلة "الوفاء للخليل" كان مهما ويشكل فكرة والفكرة هذه فيها وفاق وطني يضم عددا من أطياف الشعب الفلسطيني وبالتالي "من الصعب ولا بأي شكل وحتى وإن تعرضنا لبعض الضغوط التنازل عن الفكرة". وتقول: تزامن إطلاق النار مع حالة انسحاب أعضاء المجلس البلدي من حركة البناء والتحرير المحسوبة على حركة فتح من المجلس اعتراضا على ما يحدث من فلتان يهدد حياتنا الذي طال التهديد فيها بعض أعضاء حركة فتح، ولكن المجلس البلدي رغم كل ما يحدث قائم، وفكرة الوفاق الوطني قائمة برئيسها ونائبها وأعضائها، ونحن نحمي مواقفنا فيها لآخر لحظة.
وقال رئيس بلدية الخليل، تيسير أبو سنينة لـ "صحيفة الحدث"، إن هناك جهودا تبذل لاحتواء الأحداث في مدينة الخليل وعدم تفاقمها، وهناك إجماع في الخليل على تطويق الأحداث وضبطها، بمساندة الأمن الذي يعمل على الوصول للفاعلين واعتقال بعض المتهمين، والتحقيقات بالخصوص جارية، والمجلس مستمر في أعماله رغم استقالة عدد من الأعضاء دون تقديم استقالتهم رسميا، وعقدنا عددا من جلسات المجلس بعضها داخل المستشفى.
أما عضو المجلس البلدي في بلدية الخليل عن كتلة فتح التي استقالت، يوسف الجعبري، فعقب على أحداث العنف الأخيرة التي طالت أعضاء في مجلس بلدية بلدية الخليل، بالقول، إن "ما جرى عمل مدان وعمل إجرامي وللأسف من يقوم بإطلاق النار على أعضاء منتخبين من قبل المواطنين لا ينتمي له المواطنون، ولا يجوز التعامل مع أي مواطن يتفرغ من أجل خدمة شعبه بإطلاق النار، وهذا عمل مدان وجبان، ومرتكبه لا يعرف معنى حرمة المؤسسات والعاملين فيها".
وعن استقالة كتلة فتح من المجلس البلدي قال الجعبري في لقاء خاص لـ "صحيفة الحدث"، إن الاستقالة جاءت "لأننا تفاجأنا بأن هناك وعودات انتخابية وبناء على هذه الوعودات الانتخابية تم تهديد أعضاء المجلس البلدي وحصلت إشكاليات كثيرة وبعدها حصل إطلاق النار واختلط الحابل بالنابل، ولم نعد نعرف كيف تدار الأمور، واكتشفنا أن هناك بعض الأشخاص دخلوا إلى مبنى البلدية وكانوا يتنصتون على أعضاء المجلس البلدي بعلم رئيس البلدية"، على حد قولة. مضيفا: ليس شرطا أن يكون إطلاق النار له علاقة بالوعودات الانتخابية.
وأكد عضو المجلس البلدي في بلدية الخليل عن كتلة فتح الجعبري، أن عودة أعضاء المجلس البلدي عن الكتلة؛ تتمثل بشرط وحيد وهو إصلاح الأمور داخل بلدية الخليل وإصلاح الأمور الإدارية، لأن ما يحصل من نقص خدمات وسوء الخدمات المقدمة، وإطلاق النار على أعضاء المجلس البلدي كان سببا مقنعا من أجل تقديم الاستقالة والموضوع يتمثل بوجود ترهل إداري كبير جدا داخل المجلس البلدي في الخليل، ونطالب بإصلاح هذا الترهل الإداري أو وضع خطة أو الاتفاق على علاج هذا الترهل الإداري وعلاج من تسبب بهذا الترهل الإداري، وإذا كان رئيس البلدية هو سبب هذا الترهل الإداري فليتم اختيار رئيس مجلس بلدي جديد عن أن لا يكون من كتلة فتح لأننا لم نفز في الانتخابات البلدية، ولا مشكلة لدينا بإعادة انتخاب رئيس البلدية مجددا.
وأوضح الجعبري، المشاكل التي تعصف بالمجلس البلدي، متراكمة منذ عام ونصف، ولا توجد هناك قدرة على إدارة المؤسسة بشكل واضح وسليم، وتراكمت الأمور وهناك إشكاليات مع الموظفين وأخرى داخلية وإشكاليات إدارية وأخرى مع المواطنين، وجئنا ببرنامج انتخابي واضح لم يتم تطبيقه، بل بالعكس أصبح المواطن يتلقى خدمات بشكل سيء، وهذا كله دفعنا للتفكير بالاستقالة سابقا، ولكن ما جعلنا نقدمها حاليا هو إطلاق النار على أعضاء المجلس البلدي بهذا الشكل ودون حمايتهم بسبب الترهل الإداري الموجود داخل البلدية.
ما علاقة فوز تحالف "الوفاء للخليل" في المجلس البلدي؟
في مايو 2022؛ صَدر قرار بفصل نحو 40 شخصا من كوادر فتح من الحركة، على خلفية ترشحهم في قوائم منفصلة عن الحركة، كان أبرزهم تيسير أبو سنينة الذي فازت قائمته "الوفاء للخليل" بالانتخابات البلدية لبلدية الخليل، عقب تشكيلها من شخصيات محسوبة على حركة حماس وفتح والجبهة الشعبية، وهو ذاته الذي شغل منصب رئيس البلدية في دورة المجلس السابق مرشحا عن قائمة حركة فتح.
مصادر صحيفة الحدث، تشير إلى أنه عقب فوز قائمة "الوفاء للخليل" في الانتخابات البلدية؛ حدثت هناك عرقلة كبيرة لإفشال المجلس، وتم توقيف التمويل الحكومي لعدد من مشاريع البلدية وتعطيل العمل الداخلي في البلدية، وعرقلة تسديد ديونها، ومشاكل في رواتب موظفي البلدية أعلنت على خلفيتها نقابة العاملين في البلدية تعليق الدوام بسبب عدم صرف رواتبهم كاملة التي صرفت في حينه بنسبة 90%.
واليوم، وعقب إعلان كتلة فتح استقالتها من المجلس البلدي؛ يشترط أعضاء المجلس من حركة فتح استقالة رئيس بلدية المدينة تيسير أبو سنينة وإعادة التصويت لاختيار رئيس جديد للبلدية من قائمة الوفاء للخليل، للعودة إلى المجلس البلدي بسبب "سوء إدارة رئيس البلدية الحالي"، بحسب ما قال يوسف الجعبري أحد أعضاء المجلس المستقيلين.
ويقول رئيس بلدية الخليل الحالي، تيسير أبو سنينة في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث"، إنه من الواضح أن هناك محاولات لعرقلة عمل المجلس البلدي، وما حصل لخلق أجواء غير مريحة للعمل وتويتر الأجواء وخلق بيئة للخارجين عن القانون ومن يريدون ابتزاز المجلس وابتزاز المؤسسة لتحقيق مكاسب ومصالح، وواضح أن هناك مجموعة أو تحالفا لبعض أصحاب المصالح في هذا الموضوع.
وأضاف أبو سنينة، أن من يتحدثون عن سوء إدارة عليهم تحديد طبيعة سوء الإدارة، والأزمة المالية التي عانت منها بلدية الخليل هي أزمة عصفت بكل المجالس البلدية المتعاقبة، وحتى الآن، الوضع المالي للمجلس الحالي يس أسوأ مما كان في عهد مجالس ثانية.
وعقب على استقالة كتلة فتح من المجلس البلدي، بأنها استقالة سياسية واضحة، لأنها جاءت بعد اجتماع كان في غاية الانسجام والتوافق، وخلال عام ونصف مضت أن التوافق سيد الموقف داخل المجلس البلدي، لكن استدعي الأعضاء عن حركة فتح إلى مقر الإقليم وتم الضغط عليهم وإجبارهم على الاستقالة وكانت واضحة أنها استقالة سياسية، وما خرج للإعلام هو حديث بالعموميات، وكان شرطهم للعودة إلى المجلس البلدي سياسيا لا علاقة له بأي شرط إداري أو غيره، بإعادة انتخاب رئيس بلدية جديد، لأنه لم ينتخبوه وهم من كتلة أخرى منافسة، وهي محاولات عبثية لمصادرة نتائج الانتخابات وخيار المواطنين، ولكن المجلس البلدي مستمر في عمله، رغم وجود غياب لعدد من الأعضاء، ونحن لم نرغب بذلك لكننا مضطرين للتعامل مع الواقع كما هو، وهناك عدم حضور 6 أعضاء من المجلس وحضور 9 أعضاء ويتم اتخاذ قرارات بكامل الصلاحيات.
مؤسسات حقوقية تحذر
مؤسسة الحق، قالت في بيان لها، وصل صحيفة الحدث، إن الأحداث في الخليل بدأت منذ 20 أيلول الجاري، بقيام مجهولين بإطلاق النار على سيارة نائب رئيس بلدية الخليل أسماء الشرباتي، تبعه إطلاق النار على عيادة زوجها الدكتور أمجد الحموري، بالإضافة إلى إطلاق النار على ممتلكات عامة تعود للبلدية، وكان آخر هذه الأحداث الاعتداء على عضو المجلس المحامي عبد الكريم فراح بالضرب وإطلاق النار عليه، مما أدى لإصابته بالرصاص، بالإضافة لحرق مركبته الخاصة.
ووفقا لمؤسسة الحق، فإنها تنظر بخطورة بالغة إلى هذه الأحداث التي تهدد حياة وممتلكات المواطنين، وتعيق عمل المجلس البلدي المنتخب، واعتبرت أن عدم قيام الحكومة والأجهزة الأمنية بدورها في وقف هذه التجاوزات الخطيرة ومنع تكرارها، قد يؤدي إلى الانجرار لمربع يضرب السلم الأهلي داخل المدينة.
وحذرت من خطورة التطورات الأخيرة، وتأثيراتها السلبية على النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي في مدينة الخليل بشكل يؤسس لحالة من الفوضى والخروج عن القانون، الأمر الذي لا يخدم سوى الاحتلال ومخططاته، وطالبت الحكومة والأجهزة الأمنية بالوقوف عند مسؤولياتها في الحفاظ على حياة المواطنين وممتلكاتهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة لملاحقة الخارجين عن القانون ومساءلتهم، وإحالة من يثبت ضلوعه للقضاء المختص، لما لها من أهمية في تحقيق الاستقرار وجبر الضرر والحفاظ على النسيج المجتمعي وتعزيز مبدأ سيادة القانون، والعمل على حماية خيار المواطنين الديمقراطي، وتمكين المجلس البلدي المُنتخب من القيام بدوره دون أية مضايقات.
من جانبها، طالبت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، الحكومة، بالعمل وبالسرعة الممكنة من أجل الحفاظ على حياة المواطنين وحمايتهم وحماية ممتلكاتهم وحماية الخيار الديمقراطي وأعضاء المجلس البلدي المنتخبين، حتى يتمكنوا من أداء دورهم دون تهديد أو وعيد ومحاربة من يعملون على إشاعة الفوضى والفلتان.
وأدانت محاولة اغتيال المحامي عبد الكريم فراح، بإطلاق الرصاص على قدمه وإحراق مركبته، في سابقة خطيرة من الممكن أن تؤسس لحالة من الفلتان الأمني في حال لم يتم ملاحقة المعتدين وإلقاء القبض عليهم، حيث علمت الهيئة أن تلك الحوادث جاءت على خلفية عملها في مجلس بلدية الخليل .
وأدانت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، الاعتداء على أعضاء مجلس بلدي الخليل وترويع المواطنين وتخريب الممتلكات العامة وقالت في بيان وصل صحيفة الحدث، إن ما جرى اعتداء إجرامي بإطلاق الرصاص من قبل ثمانية مسلحين ملثمين يوم الأحد بتاريخ ٢٤/٩ /٢٠٢٣ على المحامي عبد الكريم فراح العضو في مجلس بلدية الخليل، وإصابته في ركبته بعد سحبه من سيارته والاعتداء عليه بالضرب، وسرقة مركبته الخاصة وإحراقها، وإطلاق الرصاص في الهواء بهدف ترويع المارة والاعتداء على المحلات التجارية، وسبق ذلك الاعتداء بإطلاق الرصاص من قبل مسلحين على مركبة الدكتورة أسماء الشرباتي نائب رئيس بلدية الخليل وتعريض حياتها للخطر بتاريخ ٢٠/٩/٢٠٢٣، ومهاجمة العيادة الخاصة لزوجها الدكتور أمجد الحموري، وتهديده من قبل أشخاص معروفين وتم لاحقاً إطلاق النار صوب عيادته وصوب مجموعة من المحلات التجارية.
ودعت الشبكة كافة الجهات والهيئات التنفيذية والنيابة العامة إلى اتخاذ الإجراءات العاجلة بحق المعتدين، وتقديمهم للقضاء بالسرعة الممكنة، واتخاذ العقوبات الرادعة بحق المعتدين، وحذرت من مغبة توفير الحماية للمعتدين، الأمر الذي من شأنه أن يفتح الباب واسعاً لاعتداءات تمس سيادة القانون والمؤسسات العامة والسلم الأهلي في محافظة الخليل. مشيرة ألى أن تكرار حوادث الاعتداء على النساء اللواتي يعملن في الفضاء العام واستهداف المجلس البلدي، سيسهم في تفشي ظواهر وأساليب حل النزاعات بالتخويف والتهديد والبلطجة، وهو ما من شأنه أن ينعكس سلبا ليس فقط على النظام العام وإنما على كل الجهود التي تسعى الى ترسيخ سيادة القانون واحترام الحقوق والحريات الأساسية.