السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في مواجهة الأخطاء الطبية.. مطالبات بتطبيق قرار بقانون الحماية والسلامة الطبية والصحية

2023-10-04 09:04:33 AM
في مواجهة الأخطاء الطبية.. مطالبات بتطبيق قرار بقانون الحماية والسلامة الطبية والصحية
عائلة الشابة ملك عليان

 خاص الحدث

لم يتبق أي خيار أمام عائلة الشابة ملك عليان، التي توفيت نهاية شهر أغسطس الماضي بسبب خطأ طبي، سوى اللجوء للقضاء الفلسطيني، وفق ما يكشف والدها في مقابلة مع "صحيفة الحدث"، موضحا أن الأساس القانوني الذي سوف تستند إليه العائلة في هذا التوجه هو قرار بقانون رقم (31) لسنة 2018م بشأن الحماية والسلامة الطبية والصحية، غير المطبق رغم أنه صادر عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس منذ خمسة أعوام.

ويضيف والد ملك، أن العائلة بعد استنفاذها للخطوات الاحتجاجية، التي تمثلت بالوقفات الاحتجاجية والمؤتمرات الصحفية، وعدم رضاها عن نتائج تحقيق اللجان الداخلية في وزارة الصحة؛ قررت تقديم ملف للمدعي العام، وهي بانتظار رده عليه، حيث إن اللجان المشكلة تخالف القانون المذكور.

قصة الشابة عليان بدأت في 24 أغسطس 2023 الماضي، بعد الإعلان عن وفاتها في مستشفى الرعاية العربي التخصصي، وهو أحد المستشفيات الخاصة بمدينة رام الله، وذلك بعد أن وضعت مولودها بيومين بعملية ولادة طبيعية، وقد اتهمت العائلة، الأطباء، بالإهمال الطبي، وطالبت بمحاسبتهم، معتبرةً أنها توفيت نتيجة خطأ طبي.

وبحسب رواية العائلة، فإن الذي يتحمل المسؤولية هو الطبيب المسؤول، وأيضا الممرضات، حيث تعرضت المتوفية للإهمال من طرف المذكورين رغم ظهور علامات على تردي وضعها الصحي وخطورة حالها، من بينها؛ سخونة ورجفة إضافة إلى انعدام في الرؤية لمدة ثوان، وأيضًا كانت تسمع أزيزا في أذنيها، إلا أن الممرضات أبلغنها بأن هذه أعراض عادية بعد الولادة الطبيعية، وقد تأخر حضور طبيب لفحصها، وحضرت طبيبة وكتبت لها مسكنا وخافض حرارة، دون محاولة معرفة سبب هذه الأعراض لمنحها العلاج المناسب.

وزارة الصحة شكلت لجنة تحقيق أعدت تقريرا في نهاية عملها، خلص إلى أن سبب الوفاة الرئيسي هو التهاب حاد في السحايا الدماغية، والبكتيريا المسببة هي بكتيريا الالتهاب العنقودي، والتي أدت إلى تدهور حاد ومتسارع في حالة المتوفاة، ما أدى إلى وذمة دماغية شديدة سببت فتقاً في جذع الدماغ.

 وفق تقرير لجنة التحقيق، فإنه وبناء على الأدلة العلمية فإن هذا النوع من الالتهاب البكتيري هو نتيجة عدوى مجتمعية تنتقل عبر المجرى التنفسي، وتعد من الالتهابات الخطرة التي قد تودي بالحياة خلال ساعات، وعليه فإن اللجنة لا ترى أن سبب الوفاة يتعلق بحدوث خطأ طبي.

ما قصة القانون المعطّل؟

وفق ما أشير سابقا، فإن عائلة عليان قررت التوجه للقضاء مستندة إلى قرار بقانون رقم (31) لسنة 2018م الصادر عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وغير المطبق حتى الآن من قبل الحكومة الفلسطينية، وتحديدا وزارة الصحة، في الحالات التي يشتبه بوجود خطأ طبي فيها.

ويتجاوز القرار بقانون، مشكلة اللجان الداخلية، التي ينظر لها بعين الريبة والشك، إذ ينص على تشكيل لجنة طبية دائمة تسمى "لجنة الحماية والسلامة الطبية والصحية" بقرار من مجلس الوزراء، بتنسيب من الوزير، تضم في عضويتها؛ طبيبين من الوزارة لا تقل خبرتهما عن (15) عاماً، وطبيبين من نقابة الأطباء لا تقل خبرتهما عن (15) عاماً، وعضو من المجلس الطبي الفلسطيني حسب الاختصاص، وطبيب شرعي من وزارة العدل، وعضوين من النقابة المختصة، وعضو من أصحاب الاختصاص، يسميه الوزير بالتشاور مع نقيب الأطباء من كليات الطب في الجامعات الفلسطينية.

ويتم تسمية أعضاء اللجنة من قبل الجهة التي يمثلونها، على أن تكون مدة العضوية في اللجنة سنتين قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط، بناءً على قرار من مجلس الوزراء، بتنسيب من الوزير، ويتم اختيار رئيس اللجنة من بين أعضائها من قبل الوزير، وتختار اللجنة في أول اجتماع لها نائباً للرئيس من نقابة الأطباء.

ويجوز للجنة تشكيل لجان فرعية متخصصة من وزارة الصحة، ونقابة الأطباء، والنقابة المختصة، تتولى مهمة إبداء الرأي في الطلبات التي تحيلها إليها اللجنة، وعلى هذه اللجان الفرعية رفع تقاريرها بشأنها إلى اللجنة، ويجوز لها في سبيل القيام بمهامها الاستعانة بمن تراه مناسباً من ذوي الخبرة والاختصاص.

وتمارس اللجنة عددا من المهام والصلاحيات، من بينها؛ النظر في الشكاوى المقدمة إلى الوزارة أو النقابة المختصة من متلقي الخدمة أو من ينوب عنه قانوناً أو ورثته، وتقديم الخبرة الفنية في الشكوى بناءً على طلب النيابة العامة قبل إقامة الدعوى أمام المحكمة المختصة، وتقديم الخبرة الفنية بناءً على طلب المحكمة المختصة أثناء نظر الدعوى.

وتضع اللجنة تقريرها في مدى وقوع الخطأ الطبي من عدمه، وسببه، ومدى جسامته في كل حالة تعرض عليها بناءً على ما يثبت لديها من فحصها، وبعد الاطلاع على الملف الطبي، وما يتوافر للجنة من حقائق ومعلومات أخرى نتيجة تحقيقاتها، ومناقشاتها، ودراستها الفنية للحالة، وترفع اللجنة تقاريرها في شأن الحالات المعروضة عليها خلال (30) يوماً من تاريخ طلب الخبرة الفنية منها، ويجوز لها طلب تمديد الأجل بحد أقصى مرة واحدة، إذا دعت الحاجة لذلك، بعد إبلاغ الجهة طالبة الخبرة، ما لم تقتضي الضرورة خلاف ذلك.

وفي حالة الشابة المتوفية عليان، وجميع الحالات التي تدور حولها شبهات الخطأ الطبي، فإن اللجان التي يتم تشكيلها؛ داخلية، أي أن وزارة الصحة وحدها من تقرر صلاحيات وأعضاء اللجنة، وهي المسؤولة أيضا عن نشر تقرير اللجنة، فيما ترفض إعطاء المتضرر أو عائلته تقريرا عن عمل اللجنة وتوصياتها إلا من خلال النيابة العامة.

قانوني: يجب إلزام الحكومة بالتطبيق

المستشار السياساتي والقانوني في المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء "مساواة"، إبراهيم البرغوثي، قال في مقابلة مع صحيفة الحدث، إن المتضررين من الأخطاء الطبية يمكنهم اللجوء للقضاء الفلسطيني الذي سوف يستند في قراراته إلى القرار بقانون رقم (31) لسنة 2018م، وهو قادر (القضاء) أو يفترض به أن يكون قادرا على إلزام وزارة الصحة بالسير وفق أحكام القرار في تشكيل اللجان المعنية بالأخطاء الطبية.

وأشار البرغوثي إلى أن القرار بقانون المذكور يستطيع مواجهة ظاهرة الأخطاء الطبية، وهو يقدم الضمانات والحماية اللازمة للطبيب وأيضا للمواطن، وبالتالي فإن الجهات المختصة عليها تطبيقه وعدم المماطلة في ذلك، حيث أنه مقرّ منذ خمسة أعوام تقريبا، وحتى الآن لا يتم العمل على أساسه، ومن خلال القضاء يمكن إبطال كل ما يتعارض مع أحكامه، في إشارة منه إلى مسألة اللجان الداخلية المعمول بها حتى الآن فيما يتعلق بالأخطاء الطبية.

الحكومة تخشى تطبيق القرار بقانون

مصادر مطلعة أكدت لصحيفة الحدث أن تعطيل الحكومة لتطبيق القرار بقانون رقم 31 لسنة 2018 بشأن الحماية والسلامة الطبية والصحية، مرده الأساسي خشيتها من تنفيذ الأطباء لإضرابات كتلك التي تلت صدوره، والتي تمثلت بإضراب عام في المستشفيات، والسجال القانوني آنذاك حول قانونية الإضراب.

وتتلخص اعتراضات نقابة الأطباء السابقة والحالية بحذف البند الخاص بالمسؤولية الجزائية للطبيب من مسودة القانون المذكورة حال ارتكابه خطأ طبيا، بعد قرار اللجنة الفنية الطبية المختصة المشكلة لهذا الغرض، والتي تضمنت أحكام القانون المذكور، إيقاع عقوبات جنائية بحق الطبيب حال إقامة دعوى جزائية وصدور حكم بحقه بشبهة الخطأ الطبي كالحبس، خصوصاً في ظل عدم وجود مسؤولية على عاتق المؤسسة الطبية في حالة عدم توافر الإمكانيات المادية والبشرية داخل تلك المؤسسة.

والاعتراض المستمر من الأطباء ونقابتهم على القرار بقانون المذكور، يأتي رغم مشاركتهم في إعداد مشروع القرار، بالمشاركة مع عدد من الجهات الطبية والصحية المختصة والجهات الحقوقية، بما فيهم الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، ونقابات مهن طبية أخرى، والمجلس الطبي الفلسطيني ومعهد الصحة العامة، إضافة إلى الجهات الرسمية كوزارتي الصحة والعدل، والنيابة العامة.

الهيئة المستقلة: تطبيق بطيء للقانون

الباحث في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، معن ادعيس، أكد في مقابلة مع صحيفة الحدث أنه من المقرر أن يناقش مجلس الوزراء، الأسبوع القادم (مطلع أكتوبر 2023)، تطبيق الشق الخاص بالتأمين في القرار بقانون المذكور، وهو الذي ينص على التزام المؤسسة مقدمة الخدمة الطبية والصحية بالتأمين ضد الأخطاء الطبية، وتترك للعيادات الخاصة اختيارية التأمين، وأيضا تتحمل المؤسسة مقدمة الخدمة الطبية والصحية التي تستقبل طبيباً زائراً مسؤولية التعويض عن خطأه الطبي في مواجهة المتضرر، فيما يحدد سقف التعويضات عن الأضرار الناتجة عن الخطأ الطبي بموجب نظام يصدره مجلس الوزراء. كما وتلتزم المؤسسة مقدمة الخدمة الطبية والصحية بالتأمين على مزاولي المهنة العاملين لديها ضد المسؤولية المدنية عن الأخطاء الطبية، وتتحمل المؤسسة مقدمة الخدمة الصحية والطبية كامل أقساط التأمين.

كما وتلتزم شركات التأمين بالتعويض عن كافة الأضرار الناجمة عن الخطأ الطبي وتبعاته، وينشأ بمقتضى أحكام القرار بقانون صندوق يتبع الوزارة يسمى "الصندوق الفلسطيني للتعويض عن الأخطاء الطبية"، وتتكون موارده بنسبة مئوية من رسوم التأمين على الأخطاء الطبية، وينظم عمل الصندوق، وحالات التعويض، وحالات تمثيل مقدمي الخدمة الطبية والصحية، وموارده المالية بموجب نظام يصدر عن مجلس الوزراء، بتنسيب من الوزير، بالتشاور مع النقابات المختصة.

وبحسب ادعيس، فإن القضية الثانية المهمة في القرار بقانون، هي اللجنة الطبية الدائمة التي تسمى "لجنة الحماية والسلامة الطبية والصحية"، والتي يحتاج تشكيلها إلى موافقة الجهات التي تضم ممثلين عنها، حيث لا زالت نقابة الأطباء تعترض على البند الخاص بالمسؤولية الجزائية للطبيب من مسودة القانون المذكورة حال ارتكابه خطأ طبيا، وأيضا فيما يتعلق بالمسؤولية الجزائية حال ارتكاب الطبيب خطأ طبيا، بعد قرار اللجنة الفنية الطبية المختصة المشكلة لهذا الغرض.