الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

يدعوت أحرونوت تسأل: لماذا لا يختفي الوحش الأسود من العالم العربي؟

2015-05-23 10:05:13 AM
يدعوت أحرونوت تسأل: لماذا لا يختفي الوحش الأسود من العالم العربي؟
صورة ارشيفية
الحدث- القدس

"الوحش الاسود" ضد "الاشباح الصفراء". "الوحش الأسود للعالم الاسلامي" يرفض أن يختفي. عندما يبترون احد اعضائه ينمو عضو آخر مكانه. مئات الصواريخ تطلق أسبوعيا على مناطق تحت سيطرة "داعش" منذ تسعة أشهر عقب تأسيس التحالف ضد التنظيم الارهابي السني. من كان يصدق أن التنظيم الاجرامي لا زال قويا الى هذه الدرجة في عام 2015؟ نجح تنظيم داعش هذا الأسبوع في احتلال مدينة الرمادي وهو يسيطر على مساحات واسعة من منطقة الانبار الحدودية مع الاردن، سوريا والسعودية. يعتبر هذا أكبر انجاز حققه التنظيم منذ احتلال الموصل السنة الماضية. كيف؟ هل الدول المشاركة في الحرب ضد الارهاب لديها نية حقيقية للقضاء على داعش؟.
 
العلاج غير الصحيح
 
عندما يوصي الطبيب بدواء غير صحيح لمرض شديد، يمكنه أن يؤدي الى تفاقم المشكلة. حين يدور الحديث عن فيروس أو عن بكتيريا بإمكانه أن يطور طرق مناعة ضد مضادات حيوية ضعيفة جدا. العلاج الامريكي الخاص بتنظيم "داعش" واسقاط المتفجرات من الجو، لهي خير برهان على عدم فعاليتها الكافية. المطلوب توغل بري واسع النطاق. لكل مسؤول من داعش تمت تصفيته ثمة نائب يحل مكانه، ولكل 100 ناشط ارهابي ممن تقتلهم طائرات التحالف هناك 100 متطوع جديد يحل مكانهم. الى هذا، تتوفر ظروف مثالية مواتية لانتشار الوباء الذي يعرف باسم "داعش": محاربون متطوعون ينضمون الى تنظيم "الدولة الاسلامية" من الشمال عن طريق الحدود المفتوحة مع تركيا ولسبب ما فإن دعاية التنظيم تنتشر عبر الانترنت بدون ازعاج. التحالف جعل قوات "داعش" تتراجع من مناطق والتنظيم احتل مناطق أخرى عوضا عنها.
 
الحرب الاقتصادية
 
وفقا لمصادر أمريكية، فقد تمت تجفيف العديد من مصادر تمويل داعش عقب ضرب منشآت نفطية عراقية في مناطق تسيطر عليها داعش. وكشفت السلطات في واشنطن هذا الأسبوع، عن عملية نفذتها وحدة الكوماندوس "دلتا" في الاراضي السورية وتحديدا في محافظة دير الزور، تم خلالها تصفية "وزير نفط لدى داعش" وهو ابو سياف ومساعديه. عملية كهذه يمكنها أن تكون سيناريو لفيلم من انتاج هوليوود على نمط فيلم "غير المنسيين 4"، لكنها عملية غير مجدية على المدى البعيد وداعش سيواصل بيع النفط. لا يزال التنظيم يسيطر على حقول النفط الكبيرة في شرق سوريا وشمال غرب العراق. ولن يتم التغلب على اشكالية تعاظم ثروة داعش بدون العثور على الجهات الشرق اوسطية التي تشتري النفط من التنظيم والتي تمده بالمال (ويبدو ان جزءا منها تنطوي تحت راية التحالف الدولي الذي يحارب داعش).
 
المشكلة الشعبية
 
ان مفتاح فهم بقاء داعش هو الاعتراف بالصراع الإسلامي الداخلي بين السنة والشيعة. الشرطة في العراق وسوريا، التابعة لحيدر العبادي وبشار الاسد، تعتمد على مساعدة ميليشيات شيعية. النظام السوري يعتمد على حزب الله والشرطة في العراق تعتمد على "الحشد الشعبي". لهاتين الجهتين علامات ومؤشرات متشابهة في راياتها- دمج بين بندقية كلاشينكوف واسم التنظيم بالعربية على خلفية باللون الاصفر.
 
اثنان من الاحزاب الشيعية يخوضان حربا مريرة ضد داعش، لربما هم أيضا مكروهان من قبل الاقلية السكانية المحلية التي غالبيتها من السنة. والسنة في شرق سوريا وشمالها يعانون من وجود داعش، وهم أيضا في الوقت نفسه معادون جدا لحزب الله الذي يعتبر الركيزة الاساسية للنظام العلوي الظالم في سوريا. في غرب العراق، يعاني السكان وغالبيتهم من السنة، من تسلط داعش، لكنه يكره بنفس الدرجة (الحشد الشعبي) الذي يخدم فقط المصالح الشيعية في العراق. مقاتلو هذا "الحشد الشعبي" متهمون بتنفيذ اعمال انتقامية وبالتنكيل ليس فقط بسجناء داعش انما ايضا المواطنين من الاقلية السنية.
 
زعماء سنة من منطقة الانبار ورؤساء العشائر السنية في المنطقة رفضوا بشدة دمج الميليشيات الشيعية في الحرب لاستعادة اراضيهم. السنة يرون في "الحشد الشعبي" الشيعي تهديدا كبيرا ليس أقل من داعش السني.
 
حيلة ضد السنة؟
 
ان فرار الضباط من موقعة الرمادي وترك المؤسسات الحكومية في المدينة على ضوء تهديد قوات "الدولة الاسلامية"، يذكرنا جيدا بالفرار من الموصل قبل سنة؟ يبدو أن هؤلاء الضباط لم يتركوا مواقعهم رغبة منهم، انما تلقوا تعليمات مباشرة بالانسحاب. كانت هذه الوسيلة الوحيدة المتاحة امام رئيس الحكومة حيدر العبادي لإرغام القبائل السنية على الموافقة على الاندماج مع الميليشيات الشيعية في الحرب.
 
حاليا، عقب الهزيمة في الرمادي وجعل أبناء عائلات رؤساء العشائر السنية في المنطقة رهائن بأيدي داعش، انهم يوافقون في النهاية على الاندماج مع "الحشد الشعبي " في الحرب. ويبدو أن دمج الميليشيات الشيعية العنيفة لا يردع فقط السنة، إنما يردع أيضا زعماء التحالف ضد داعش.
 
إيران من خلف الكواليس
 
للولايات المتحدة توجد مشكلة مشابهة في سوريا وفي العراق- وهي عدم رغبتها بدمج جهات شيعية مدعومة مباشرة من ايران في الحرب ضد داعش، فهي لا ترغب بمكافأة ايران مجانا. ستضطر الولايات المتحدة الى دفع الفاتورة خلال مساومة اضافية تخص الملف النووي أو التعامل مع إيران بخصوص المتمردين الحوثيين الشيعة في اليمن.
 
الاميركيون يدركون جيدا أن أيران هي التي تدعم حزب الله اللبناني و"الحشد الشعبي" العراقي وهم غير معنيين في دمج الجيش السوري في التحالف ضد داعش. الرئيس الأمريكي باراك اوباما غير معني في خلق سابقة لتحالف مع "محور الشر" ضد شر داعش. وهو مصمم على تعزيز موقف حلفائه من المحور المعتدل –السعودية والامارات، الاردن ومصر. الولايات المتحدة تعلم بالتدخل التركي الداعم لتنظيم داعش وتتغاضى عن ذلك نظرا لأهمية الدور التركي في المحور السني. وبالرغم من أن الجيش العراقي فعلا تحت امرة حكومة شيعية في العراق، ولربما الامريكيون مستعدون لمساعدتها لدمج "الحشد الشعبي" شرط أن ينخرط مباشرة في الجيش العراقي وأن لا يتحول الى ذراع لـ"الحرس الثوري" الايراني.
 
داعش ضعيف أفضل من تصفية داعش؟
 
السرعة الكبيرة التي تمكن بها الجيش السعودي من ايقاف هجوم الحوثيين في اليمن والحاق أضرار جسيمة بقوتهم تثير التساؤلات: هل داعش أكثر مقاومة من الحوثيين (على ما يبدو لا يتجاوزها من حيث العدد)، على الرغم من أن قوات التحالف ضدهم أقوى بكثير من التحالف العربي السعودي ضد أعدائه في اليمن؟ لماذا جيوش التحالف السعودي التي تشارك بالائتلاف الامريكي تظهر تصميما أكبر على الساحة اليمينة؟
 
يمكن الافتراض أن الخوف لدي الامريكيين والمحور السني المعتدل هو من سيطرة جهات ايرانية على المساحات الواسعة التي يسيطر عليها اليوم.
 
سيناريو السذاجة للعالم السني يتضمن تقسيم مجدد "للدولة الاسلامية" وفق حدود سايسكس-بيكو، بين العلويين والشيعة في سوريا وبين أصدقائهم الشيعة العراقيين في الشرق. منذ 2012 ادعت تنظيمات سنية معارضة في كلا الدولتين أنهما قابعتان عمليا تحت احتلال ايراني. لن يعترف بهذا أي شخص، ولربما يبدو أنه من المريح أكثر الابقاء على داعش وعدم تصفيته بشرط الا يخترق حدوده الحالية، من أجل أن يستمر في اشغال الميلشيات الشيعية في حرب بدون توقف تستنفذ وسائلهم وطاقاتهم. في هذه الحالة، "الوحش الاسود" الداعشي سيحارب الاشباح الشيعية الصفراء، على أمل ان يستنزف كل منهما الآخر حتى الموت.
 
 

الكاتب: يارون فريدمان - محلل شؤون العالم العربي في صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية