الحدث- الأناضول
لم تلق الشابة الفلسطينية "الصماء"، شهرزاد المصري (32 عاما)، أي اهتمام لمحاولات ثنيها عن مواصلة عملها في مهنة التجميل وتصفيف الشعر للسيدات، كونها فاقدة لحاستي السمع والنطق ويصعب عليها التواصل مع الزبائن وآداء كافة مهمها.
شهرزاد قررت أن تكون إرادتها أقوى من تلك المحاولات التي رافقت بداية عملها في مركز "شانيل" للتجميل (اسم لشركة أزياء ومستحضرات تجميل فرنسية)، وواصلت طريقها، حتى تثبت للسيدات اللواتي أشرن عليها بالتوقف عن العمل أنهن سيخرجن جميلات بعد أن تقوم هي بتصفيف شعورهن وتضع لمسات خفيفة من المكياج على وجوههن.
وكانت النتيجة كما أرادت تماماً؛ إذ أبدت السيدات اللواتي بدأن بتحطيم إرادتها عبر "تمتمات" ونظرات تفسرها فتاة من الصم بـ"الجارحة"، إعجابهنّ بعملها.
وتلقّت شهرزاد، قبل عام تقريباً، دورات تدريبية لممارسة مهنة "تصفيف الشعر للسيدات" (الكوافير)، أعدتها "جمعية المستقبل للصم الكبار"؛ إذ كانت الدورات تهدف لإعادة دمج الصم في المجتمع، وتوفير فرص عمل لهم في ظل رفض أصحاب العمل توظيفهم بسبب إعاقتهم.
وبعد أن دمّرت الطائرات الإسرائيلية منزل شهرزاد، وجدت من مهنة "الكوافير"، وسيلة للحصول على دخل ماديّ يوفر لعائلتها حياة كريمة.
وفي زاوية أخرى من ذات مركز التجميل، تحاول الشابة "الصماء" إسلام الريفي (24 عاماً) التواصل مع السيدات من غير الصم، من خلال "كُتيّب" صغير تحمله معها، ويتضمن ترجمة للغة الإشارة.
وبروح مرحة، تبدأ إسلام التعامل مع السيدات كأنها شخص "سليم"، لا يعاني من مشاكل خُلقية، محاولةً بذلك إعادة دمج "نفسيّتها" التي لاقت تهميشاً مجتمعياً، مع باقي أفراد المجتمع.
وواجهت إسلام منذ بداية عملها في صالون التجميل الكثير من التحديات التي اعتقدت أنها ستكون عثرة أمام الاستمرار في عملها، خاصةً وأن هذا العمل هو الأول من نوعه الذي تُقبل فيه نظراً لرفض أرباب العمل توظيف فتاة من "الصم" داخل محالهم التجارية.
المسؤولة الإدارية في مركز التجميل، إيمان اللولو (40 عاماً)، قالت إنه تم التعاون مع جمعية المستقبل للصم الكبار (مختصة في رعاية وتأهيل الصم)، لافتتاح المركز، لإعادة دمج الشابات الصم في المجتمع، وخلق جوّاً مناسباً للحياة مع الأشخاص من غير الصم، وكسر حاجز "الخجل" و"الخوف" من التعامل معهم.
وخضعت أكثر من 30 شابة من الصم لمشروع يقدّم دورات في فن التجميل أشرفت عليها جمعية المستقبل للصم الكبار، وبعد انتهاء المشروع، عمل في مركز "شانيل" للتجميل 6 شابات منهنّ، بينما عمل بقية الشابات اللواتي خضعن للمشروع، في مراكز قريبة من منازلهن.
وتعتبر إيمان أن إقبال النساء من غير الصم على المركز الذي تديره فتيات من الصم لـ"تجميلهن"، نجاحاً حققته الشابات الصم في كسر التهميش المجتمعي، الذي فُرض عليهنّ.
وعلى مقعدٍ من مقاعد مركز التجميل، تعبّر الطفلة نورة الريفي ابنة الـ12 عاماً، من الصم، عن رضاها، بعد أن شرحت بلغتها "الإشارة"، للعاملة في المركز، رغبتها في كيفية تصفيف شعرها.
ويبلغ عدد من يعانون من إعاقة سمعية في غزة 2409 أشخاص فوق سن الـ18 عاما، و1243 شخصاً تحت سن الـ18 عاماً، حسب وزارة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية.