بظني ما أجّل ما يطلقون عليه الهجوم البري هو تمسك سكان غزة ببيوتهم وعدم رحيلهم عنها، فالخطة الصهيو - أمريكية كانت وما زالت قصف قطاع غزة بمساحته الكاملة بقنابل ذكية شديدة التدمير زنة القذيفة الواحدة ألف كيلو غرام من طراز JDAM وهي قادرة على تدمير غزة ما فوق الأرض وأنتجتها من تحصينات وأنفاق وتحويل قطاع غزة إلى كتلة من الركام، وقد وصلت هذه القنابل كيان العدو يوم أول أمس من الولايات المتحدة الأمريكية، وجولة بلينكن (الذي جاء محاربا باسم اليهودية العالمية) في المنطقة التي حاول من خلالها إقناع قادة الدول العربية والسلطة الفلسطينية الطلب من سكان القطاع المحاصر الهجرة (اللجوء) إلى مصر تفاديا للهجمات المدمرة الحالية والقادمة فجوبه بالرفض المطلق بل بتحرك مصري عملي وعلني بإغلاق الحدود مع قطاع غزة لمنع تدفق السكان، وعليه ليست الظروف الجوية التي أجلت الهجوم بل الرفض الرسمي وتحرك الشارع العربي والعالمي المصاحب لهذا الرفض هو سبب التأجيل.
بالإضافة إلى الموقف الإيراني الواضح والصريح بأن أي تطورات أو تزايد للاعتداء سيجعل من إيران طرفا في الحرب وهذا يعني إيران وكل محورها والذي إذا تحرك سيشل المنطقة من البحر الأحمر إلى الخليج العربي وأبعد، وما يعنيه ذلك من تدحرج الحرب لتجاوز فلسطين إلى كل المنطقة مع ما يحمله هكذا تطور من تداعيات ومخاطر على المصالح الأمريكية في العالم، آخذين بعين الاعتبار أن الحرب في أوكرانيا ما زالت مشتعلة وحالة التوتر في الشرق الأقصى حول تايوان والكوريتين ما زالت تتفاقم، وفي أزمة اقتصادية عنيفة تعاني منها أوروبا نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وما يشكله ذلك من مخاطر بتوقف شحن الغاز والنفط عبر قناة السويس نتيجة التحرك اليمني الذي وعد به المقاومة عندما تحين ساعة النداء .
إذا أخذ المشهد حول غزة فقط يحق للبعض أن يندب ويبكي ويعول وهذا حق، كون ما يبث على الفضائيات وما يصل من أخبار مؤلم بل إن كلمة مؤلم وموجع ومبكي وغيرها من الكلمات لا تفي الواقع حقه، لكن هناك صورة أخرى ومشهد آخر قائم وقادم قد يجعل وضع العدو ينقلب رأساً على عقب، قد يراه البعض حلماً، لكن أليس ما حصل يوم 7/10 كان حلماً؟