لا يبدو الحماس واضحا على وجوه أطفال إبراهيم رضوان، وهو يخبرهم عن اسم أحد المنتجعات السياحية الواقع غربي مدينة غزة، ليقضوا فيه إجازتهم الأسبوعية.
ومع كل اسم آخر يكشف عنه الأب كمقترح للترفيه والتنزه يهز أطفاله الأربعة رؤوسهم رفضا، فيما تعبس وجوههم في مؤشر لمللهم من الذهاب إلى نفس الأماكن كما يقول والدهم لوكالة الأناضول.
ويضيف رضوان، (35 عاما) إن أطفاله (أكبرهم يبلغ من العمر تسعة أعوام، وأصغرهم في الرابعة من عمره)، باتوا يتذمرون من الخروج من المنزل مطالبين بأماكن جديدة للترفيه.
ويستدرك ساخرا: "أين سأذهب بهم، لا يوجد سوى شاطئ البحر، والمنتجعات القليلة المحيطة به، قطاع غزة محاصر من كل الجهات، ولا يوجد أي متنفس لنا".
حال الأب إبراهيم رضوان هو نفسه حال أم أخرى هي سمية درويش ففي كل مرة تخبر فيها أبنائها بقرار الذهاب إلى ميناء غزة من أجل الترفيه والهرب من انقطاع التيار الكهربائي، يرفض معظمهم الفكرة.
وتقول درويش (45 عاما) وهي أم لتسعة أبناء من بينهم 4 أطفال، لـ"الأناضول"، إن إقناع أولادها بالخروج بات صعبا، أمام مناظر لا تتغير بالنسبة لهم.
وتتابع: "يريدون تغيير الأجواء، والأماكن، ولكن في غزة تتساوى كل الأشياء، ويقتصر الترفيه على البحر، هم يتمنون لو أن بإمكانهم التنقل إلى الضفة الغربية، والاستمتاع بمناظر الطبيعة هناك، وأن يشعروا بالحرية".
ويحلم الشاب الفلسطيني مصطفى نعيم (26 عاما)، بعودة العمل إلى مطار غزة الدولي، كي يتمكن سكانه من السفر إلى الخارج، وقضاء إجازاتهم بشكل غير نمطي وبعيدا عن الرتابة كما يروي لـ"الأناضول".
ويضيف نعيم: "لا شيء جديد في غزة، فقط بحر وأمامه عدد من المنتجعات، الخدمات نفسها في كل مكان".
وشهد قطاع غزة في الأعوام القليلة الماضية نهضة عمرانية ملموسة، وتم تشييد عشرات المنتجعات الترفيهية على طول "ساحله" الذي يبلغ 40 كيلو مترا.
ويجد سكان القطاع (1.9 مليون فلسطيني) في تلك المنتجعات متنفسا للهروب من الحصار الخانق المفروض للعام الثامن على التوالي.
وبحسب وزارة السياحة الفلسطينية، فإن 120 منشأة سياحية داخلية تتواجد في قطاع غزة من بينها 18 فندقا.
وتقول الوزارة إن عدد كبير من تلك المنشآت تأثر بالحصار الإسرائيلي وانقطاع التيار الكهربائي.
ولا يبدو الفرح على الطفلة سنابل عاشور (ستة أعوام)، وهي تخرج برفقة والديها إلى البحر ليلا، لتناول المثلجات (آيس كريم).
وتقول عاشور لوكالة الأناضول، "بديش (لا أريد)، بحر بدي (أريد)، طيارة، أركب فيها وأسافر".
وتؤكد والدتها (مروة 36 عاما)، إن أبناءها (خمسة من بينهم 3 أطفال) يحلمون بالسفر عبر الطائرات.
وتتابع: "عندما يشاهدون أفلام الكرتون، يصيحون ماما بدنا زي هيك (نريد كهذه الأشياء)، طيارة، ومطار، ليش (لماذا) فش عنا اشي (لا يوجد شيء)".
ولا يملك قطاع غزة، أي منفذ جوي، فبعد أن كان الفلسطينيون ينعمون بمطار ينقلهم إلى العالم الخارجي، تحول بفعل القصف الإسرائيلي إلى أكوام من الركام والدمار.
وافتتح الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، مطار غزة، عام 1998 بحضور رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق، بيل كلينتون.
وتتسم الأماكن الترفيهية في قطاع غزة كما يصف الموظف الحكومي أسعد حمادة، بأنها تقليدية.
ويضيف حمادة (46 عاما) لوكالة الأناضول:" نشعر بأننا داخل سجن كبير، الجميع هنا يحلم بشيء مغاير، وجديد".
وانتشرت مؤخرا على موقعي التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فيسبوك"، حملة إلكترونية، بعنوان "زي الضفة بدنا" (نريد كما الضفة).
وعبر نشطاء في قطاع غزة، عن أمنياتهم بحياة مغايرة، بعيدا عن الحصار، وامتلاكهم لمعبر بري مفتوح (على مدار الساعة على غرار معبر الكرامة في الضفة).
وتغلق السلطات المصرية، معبر رفح، الواصل بين قطاع غزة ومصر، بشكل شبه كامل، وتفتحه فقط لسفر الحالات الإنسانية، وذلك منذ الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي، في يوليو/تموز 2013 وما أعقبه من هجمات استهدفت مقار أمنية وعسكرية في شبه جزيرة سيناء المتاخمة للحدود.