الحدث- محمد مصطفى
ما إن حل الصيف بحرارته المرتفعة على غزة المحاصرة، حتى جاء ومعه الكثير من المآسي والمعاناة، مثقلاً على الغزيين ومتسبباً في خنقهم.
فغرة الفصل الحار جاءت بانتشار ملحوظ وغير مسبوق لحشرات البعوض، متلذذة على دماء الغزيين، خاصة الأطفال منهم، ما دفع المواطنين لشكوى، والبلديات لمكافحته بطرق شتى، إضافة إلى انقطاع متكرر وطويل للكهرباء، ناهيك عن ذكريات أليمة للعدوان الأخير، الذي شنته إسرائيل خلال الصيف الماضي، ومخاوف من تجدده هذا الصيف.
نذير شؤم
المواطن محمد بريكة "60 عاما"، من مدينة رفح، أكد أن هذا الفصل ارتبط لديه ولدى معظم الغزيين بالمآسي والمعاناة، فبمجرد حلوله بات الحديث عن تجدد العدوان يتصاعد، وجدول انقطاع الكهرباء ازداد سوءاً، ناهيك عن البعوض الذي يفتك بأبنائه وأحفاده.
وأوضح بريكة لـ"الحدث"، أنه وعائلته يعانون أشد معاناة من انتشار غير مسبوق لحشرات البعوض، فرغم أن مركبات تابعة للبلدية تقوم برش دخان ذو رائحة كريهة، لكن الأخير لا يحدث أي أثر في تقليل هذه الحشرات، بل على العكس يدفعها للفرار إلى داخل المنازل.
ولفت إلى أن حجم البعوض هذا العام كبير نسبياً، كما أن آثار لسعاته تدوم فترة طويلة، وتتسبب في حكة قوية، ناهيك عن احتمال نقل هذه الحشرة الخطيرة لأمراض معدية.
وبين بريكة، أنه يحاول قدر الإمكان مجابهة هذه الحشرة، عبر استخدام أقراص طاردة لها، وتشغيل الهوايات إذا ما كانت الكهرباء موصولة، وإغلاق النوافذ قبل دخول الظلام، ومحاولة تعقبها على الجدران وقتلها، لكن هذا كله لا يمنع دخولها إلى المنزل.
وطالب بريكة بحلول عملية، عبر مكافحة مواطن الحشرة، خاصة برك معالجة مياه الصرف الصحي القريبة من منزله.
معاناة متفاقمة
أما المواطن أسامة شقفة، فأكد أن قدوم هذا الفصل ارتبط بحدوث أزمات عدة، أبرزها أزمة مياه وكهرباء، وعلى المواطنين الاستعداد مبكراً لمواجهتها.
وأوضح لمراسل "الحدث"، أنه ما هي إلا أسابيع حتى تصبح الكهرباء ضيف خفيف يحل على المنازل أوقات قصيرة، فشهر العبادة والكرم، يتحول إلى شهر معاناة وألم.
وأكد شقفة أنه كغيره من المواطنين، تنبه مبكراً للأزمة، وحاول الاستعداد لها بأشكال عدة، لتوفير إنارة كافية وآمنة في منزله، خلال أشهر الصيف المقبلة.
وأشار إلى أن أسوأ ما في فصل الصيف ارتباطه منذ العام 2006 بأزمة كهرباء، فالحر الشديد في ظل انقطاع الكهرباء كارثة، وهذا يدفع المواطنين للفرار من منازلهم إما إلى شاطئ البحر، أو إلى متنزهات مجانية، مثل الكثبان الرملية غرب مدينة رفح.
مخاوف عدوان
أما المواطن محمد شيخ العيد، فأكد أن كل أزمات الصيف يمكن احتمالها، سواء بعوض أو انقطاع كهرباء، لكن ما لا يمكن احتماله أو التفكير به هو تجدد العدوان.
وأكد أنه لم ينس مآسي الصيف الماضي، وكيف اضطر وعائلته للفرار من منزله والإقامة في بيوت أصدقاء ومراكز إيواء، وما نجم عن ذلك من معاناة، لازال يعيشها، نظراً لعدم تمكنه من إصلاح أضرار منزله، جراء سقوط قذائف في محيطه.
وأوضح شيخ العيد، أنه دائما ما يحاول طمأنة أبنائه وأفراد عائلته، بأن هذا الصيف مختلف، وسيعيشون شهر رمضان بشكل آمن، بعيداً عن التهديد أو الخوف، متمنياً أن يبتعد شبح الحرب الذي لازال يلاحقهم.
أما المواطن محمد القريناوي، فأكد أنه كره الصيف لمجرد انه ذكره بمآسي العدوان الأخير، والنزوح، وأصوات القصف، فكيف إذا ما تزامن هذا الصيف مع تلويح بحرب جديدة.
وأوضح القريناوي، أن الفصل الحار ارتبط في عقله وعقول الكثيرين بالمآسي، والتشريد، والخوف، وكل ما يتمناه من الله أن لا تتكرر هذه المآسي مجدداً.