ما الذي تنتظره "القيادة الفلسطينية" حتى تصحو لتستعيد طابعها الائتلافي كحركة تحرر وطني، ومكانتها التمثيلية الموحدة في اطار منظمة التحرير، وبما يتناسب مع تضحيات الشعب الفلسطيني وصموده الأسطوري ؟
لقد بات واضحاً مدى العجز والرهانات الفاشلة اللذان يخيمان على سياسة القيادة الراهنة لمنظمة التحرير الفلسطينية، والناطقين باسمها .
أفخاخ زيف حرب الابادة
ففي الوقت الذي تواصل فيه حكومة الحرب في تل أبيب ارتكاب جرائم الابادة الجماعية والتطهير العرقي والاجلاء القصري لشعبنا في القطاع، كما تواصل دون رادع حرب الضم وتسليح المستوطنين لترويع وقتل المدنيين الفلسطينيين، في سياق استراتيجية التصفية لقضية شعبنا وحقوقه العادلة والمشروعة، يخرج علينا بعض" المسؤولين" والذي قفزوا لهذه المواقع من بين ثقوب الانقسام، في اطار محاولات "هندسة النظام السياسي الفلسطيني" بعيداً عن الارادة الشعبية والانتخابات الديمقراطية، مستفيدين من حالة الخواء التي تعاني منها مؤسسات المنظمة، بالقول أنهم "يمثلون الشعب الفلسطيني وليس حركة حماس"، وكأنها ليست جزءاً من الشعب الفلسطيني ، مُوقعْين أنفسهم ومعهم المنظمة ومكانتها التاريخية والنضالية، في شراك الرواية الاسرائيلية بأن حربها تستهدف حركة حماس و ليس الشعب الفلسطيني، في وقت تمعن فيه اسرائيل في الترويج لروايتها الزائفة بأنها تسعى لتحرير أهل غزة ومن تسميه "العالم الحر"من "الداعشية والنازية الجديدتين" بل وتمعن أكثر في هذا الزيف بأن حرب الابادة التي تخوضها ضد شعبنا في قطاع غزة هي حرب" الحضارة ضد الوحشية" ذلك كله في محاولة يائسة لادعاء شرعية هذه الحرب. هذا الزيف الذي اسقطته شعوب الأرض واجماعها الرافض للحرب العدوانية، ومطالبتها بالوقف الفوري لها في مظاهرات عارمة عمت كافة العواصم والمدن الكبرى على طول الكون وعرضه في قاراته الخمس .
شرعية المنظمة بائتلافها العريض كحركة تحرر وطني
يبدو، بل من المؤكد، أن الناطقين باسم القيادة الراهنة للمنظمة لا يدركون أن المنظمة اكتسبت شرعيتها أساساً ليس فقط من كونها الخيمة التي طالما حرصت على أن تضم الجميع، بل، ومن كونها الاطار الجبهوي والائتلاف الوطني العريض الذي يضم كافة القوى والشخصيات الوطنية ، وبهذه الصفة قادت النضال الوطني، واستحقت انتزاع شرعية التمثيل . والسؤال الذي يطرح نفسه وبقوة هو: هل واقع منظمة التحرير اليوم، وفي ظل فشل برنامجها لتسوية أوسلو، واغلاق أبوابها أمام القوى التي ما زالت خارجها، واستمرار المهيمنين عليها في وضع الشروط على دخول هذه القوى لهيئاتها، يمكنهم ادعاء أن منظمة التحرير تشكل الخيمة التي تضم الجميع، أو أنها تمثل الجبهة الوطنية والائتلاف العريض الذي يقود النضال الوطني لدحر الاحتلال، وبالتالي تمثل تطلعات الفلسطينيين ونضالهم المشروع لانتزاع حقوقهم في العودة وتقرير المصير والحرية والكرامة؟!
استمرار اللهاث خلف سراب تسوية أوسلو
هل يدرك المهيمنون على القرار والمصير الوطنيين أن حكومات اسرائيل المتعاقبة، ومنذ أن أهالت التراب على ما كان يسمى "بتسوية أوسلو"، فإنها و مجمل النظام السياسي في اسرائيل يتنازعها تياران الأول، مستفيداً من الانقسام الفلسطيني والضعف العربي، فإنه يدعو إلى التصفية الكاملة والعاجلة للقضية والحقوق الفلسطينية من خلال الضم والتهجير ، والثاني ليس في جعبته أكثر من حكم ذاتي محدود لادارة شؤون السكان شريطة أن يتولاه من يستعدون لملاحقة من يناضلون لدحر الاحتلال وانتزاع حقوق شعبنا في الحرية الكاملة والاستقلال الوطني الناجز . بينما يتوحد كلا التيارين اليوم في اطار حرب الابادة الشاملة لشعبنا في القطاع، والاشراف على تسليح المستوطنين لقتل المزيد من أبناء شعبنا وتنفيذ جرائمهم الارهابية بدعم من حكومة وجيش الاحتلال .
لقد كان نتانياهو واضحاً في موقفه من مستقبل غزة ومستقبل السلطة الفلسطينية حتى في ظل عجزها وقلة حيلتها في مواجهة حرب الابادة والضم والتصفية، ولم يكن ذلك لمجرد ارضاء الفاشيين العنصريين في تحالفه الحكومي الداعين لحل السلطة ذاتها، بل هو جوهر ما يمثله نتانياهو نفسه. فهو عراب تصفية الحقوق والوجود الفلسطينيين!
حرب الابادة تدخل أسبوعها السادس وهي أكثر شراسة، في وقت يتماهى فيه الشريك الأمريكي في هذه الحرب مع الأهداف الاسرائيلية المعلنة "لاجتثاث حركة حماس"، في وقت تواصل فيه حكومة الحرب الاسرائيلية العمل على تعميق الانقسام الذي يمكّنها من المضي قدماً بمخططات الضم والاستفراد بالضفة تارة وبالحرب على غزة…