الخميس  28 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

التداعيات الاقتصادية للعدوان الإسرائيلي.. صعوبات اقتصادية غير مسبوقة

دعوة للبحث عن بدائل وخيارات للخروج من حالة الوضع القائم "القاتم"، واستعراض الاحتكارات التي تؤثر على قدرة صمود الناس

2023-12-13 06:24:40 PM
التداعيات الاقتصادية للعدوان الإسرائيلي.. صعوبات اقتصادية غير مسبوقة

 

الحدث – ابراهيم ابو كامش

دعا معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) وزارة الزراعة لإقامة نظام تعويض للأضرار الناتجة عن العدوان الإسرائيلي، وتشكيل صندوق للاستجابة السريعة لمساعدة المزارعين في الحالات الطارئة وتعزيز قدرتهم على الصمود، وتفعيل مؤسسة صندوق درء المخاطر والتأمين الزراعي بالبدء في تطبيق التأمين الزراعي الشامل والاسراع في صرف تعويضات المزارعين المتضررين السابقة.

وطالب (ماس) خلال جلسة تشاورية خاصة بعنوان "قراءة أولية للتداعيات الاقتصادية للعدوان الإسرائيلي – صعوبات اقتصادية غير مسبوقة"  عقدها اليوم بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وزارة الزراعة لتولي مسؤولية متابعة وفضح الهجمات التي يشنها الاحتلال والمستوطنون على المزارعين الفلسطينيين أمام المجتمع الدولي،  كما طالب المؤسسات العاملة في القطاع الزراعي بتنسيق جهودها لتوثيق وحصر الهجمات على مزارعي الخضروات، بالإضافة إلى وضع خطة عاجلة لدعم المزارعين بشكل عام. ويتضمن ذلك تحديد المزارعين المتضررين من الهجمات والخسائر.

وشدد الباحثون والمشاركون على ضرورة البحث في العديد من القضايا الأخرى المتعلقة بقياس مناعة الاقتصاد الفلسطيني، والتركيز على جانب العمليات، وأيضاً دراسة التأثيرات على البورصة الفلسطينية والتي تدرج أبرز 50 شركة فلسطينية، وعلى أهمية اقتراح بدائل وخيارات للخروج من حالة الوضع القائم "القاتم"، وكذلك أهمية استعراض الاحتكارات التي تؤثر على قدرة الناس من الصمود.

الأبعاد الاقتصادية للحرب على قطاع غزة وفقا للقانون الدولي والإنساني: جعل غزة غير آهلة

ففي حين اكدت باحثة (ماس) رند الطويل، قيام قوات الاحتلال العسكرية بإجراءات تخالف بشكل واضح القانون الدولي الإنساني من خلال سياساتها وممارستها القائمة على العقاب الجماعي، فانها بينت أن الأهداف العسكرية والسياسية التي أعلن عنها رسميا من قبل خبراء ومسؤولين إسرائيليين وأميركيين، تتلخص بنتيجة واحدة، وهو جعل قطاع غزة غير آهل من الجوانب الاقتصادية والمعيشية.

وشددت الطويل، على أهمية توفير التوثيف اللازم للمطالبات العادلة لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب، وكذلك ضرورة وأهمية توثيق هذه الجرائم الاقتصادية لمحاسبة الجهة القائمة بالعدوان وتحميلها مسؤولية التعويض عن الأضرار الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة الناجمة عن التهجير وتدمير المباني والبنى التحية المادية ونشر البطالة.

التبعات الاقتصادية للحرب على غزة  

فيما اكد الباحث قيس عويضات، وجود شلل شديد في الحركة الداخلية في الضفة الغربية مع نهاية الشهر الثاني من الحرب، مما يؤثر على مسارات التجارة الداخلية والخارجية وكذلك على وصول الموظفين لأعمالهم، وكذلك تفاقمت نسبة الفقر بحيث يقدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن نسبة الفقر في فلسطين ستزيد إلى 35.8% مع نهاية الشهر الثاني للحرب، مقارنة مع 26.7% قبل العدوان.

وبين عويضات، أن الاقتصاد الفلسطيني يواجه صدمات شديدة لمستوى البطالة والدخل الأساسيين، حيث تقدر منظمة العمل الدولية (ILO) انخفاضا بنسبة 61% في التوظيف في قطاع غزة وانخفاضا بنسبة 24% في الضفة الغربية، بواقع 182 ألف عاطل عن العمل حاليا في القطاع، يقابله فقدان 208 ألف عامل وظائفهم في الضفة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انتهاء فرص العمل في إسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية. مؤكدا ان الفقدان الإجمالي للوظائف أدى إلى خسائر في دخل العمل تقدر بحوالي 480 مليون دولار في الشهر الأول من الحرب.

حالة اقتصاد قطاع غزة عشية العدوان وأثر وقف العمالة في إسرائيل على اقتصاد الضفة الغربية

بينما اشار الباحث مسيف جميل، إلى أن اقتصاد غزة بدأ يتراجع بشكل حاد بعد عام 2006 بسبب الحصار والحروب، وتكبد اقتصاد غزة خسائر تزيد عن 16.5 مليار دولار خلال اخر 15 سنة (بدون الحرب الاخيرة)، كما بين أن نسبة البطالة في غزة هي الأعلى في العالم حوالي 45% على مدار السنوات العشرة الاخيرة، منوها الى ان اقتصاد غزة يشكل جزئية بسيطة من حجم الاقتصاد الاسرائيلي، اذ ان الناتج المحلي في اسرائيل حوالي 146 ضعفه في غزة، ودخل الفرد في اسرائيل يصل 175 ضعف دخل الفرد في غزة.

واشار جميل الى أن هناك فروقات واضحة للمؤشرات الاقتصادية الرئيسية بين الضفة وغزة، وقال:"هذه الفروقات نتيجة الظروف السياسية التي يتعرض لها القطاع، فقد كان اقتصاد غزة يشكل 35% من اقتصاد فلسطين وأصبح يشكل 17% في السنوات الاخيرة، كما أن هناك علامة فارقة وواضحة بسبب الحصار وهي أن صادرات غزة أصبحت شبه معدومة، ولم تتجاوز 11 مليون دولار سنويا في أحسن حالاتها بدلا من 550 مليون دولار، الا أن 99% من صادرات فلسطين تخرج من الضفة الغربية، وأن واردات غزة لا تشكل اكثر من 11% من واردات فلسطين وهذا لا يتناسب مع النسبة السكانية لغزة والتي تشكل 40% من سكان فلسطين".

الإعتداءات والتحديات التي تواجه مزراعي الخضروات في الضف الغربية إثر العدوان على قطاع غزة

في حين قال الباحث عصمت قزمار:" هناك العديد من الإعتداءات والتحديات التي واجهت مزراعي الخضار حيث أن 16% من المزراعين المستطلعين تعرضوا لإعتداء جسدي مباشر، وقد تم تسجيل حوالي 367 اعتداء خلال تشرين أول وتشرين ثاني من قبل اتحاد المزراعين، وهذه الإعتداءات شملت الضرب والإعتقال وإطلاق النار والتهديد بالسلاح".

وبين قزمار، أن 17% من المزراعين تعرضوا لإعتداء على ممتلكاتهم ومحاصيلهم، وشملت الحرق والتدمير والسرقة واقتلاع الأشجار، وتركزت هذه الإعتداءات في المناطق القريبة من الجدار وكذلك في مناطق جنين وجنوب الخليل وجنوب بيت لحم، كذلك فإن 50% من المزراعين المستطلعين لم يتمكنوا من الوصول إلى أراضيهم مرة واحدة على الأقل، و15% ممنوعون من الوصول إلى أراضيهم منذ بداية الأحداث.

محاور وأشكال العلاقات الفلسطينية- الفلسطينية على طرفي الخط الأخضر

ويرىى الباحث اسلام ربيع، بأن الشواهد التاريخية تظهر ان حجم العلاقات الاقتصادية بين الطرفين تتقلص بشكل كبير نتيجة التصعيد الإسرائيلي على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، مما سيؤدي الى انخفاض حجم التبادلات التجارية والحركة الشرائية، بالتالي ستخفض التدفقات النقدية، وقال:"سيترتب على ذلك خسارة للمنشآت الاقتصادية الفلسطينية في قطاعات التجارة والسياحة بشكل رئيسي، خاصة التي تعتمد على تدفق فلسطينيي الداخل في نشاطها، ونتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تقدر الخسائر الأولية على أنشطة التسوق من داخل الخط الأخضر الى مناطق الضفة الغربية خلال الشهرين الماضيين بحوالي 350 مليون شيقل.

تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاعي الصحة والتعليم في مدينة القدس

فيما اشارت الباحثة ايمان سعادة، الى العديد من التداعيات التي أثرت على القطاع الصحي في مدينة القدس خاصة فيما يتعلق بعدم وصول المرضى من غزة لتلقي العلاج، إضافة إلى خروج الجرحى من غزة لتلقي العلاج في المستشفيات في الخارج بعد أن استعدت مستشفيات القدس لاستقبالهم، ومع توقف تدفق المرضى من غزة للعلاج أصبحت سيارات الإسعاف لا تعمل تقريبا حيث أنها كانت تعمل بشكل أساسي لنقل المرضى من قطاع غزة. كما بينت أن 50% من ذوي الإعاقة لم يستطيعوا الوصول إلى مركز الأميرة بسمة لاستكمال العلاج والتأهيل الذي يتلقونه.

أما فيما يتعلق بتداعيات العدوان على قطاع التعليم فقالت:"إن الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية نتيجة رفض حكومة الاحتلال اليمينية تحويل أموال المقاصة تجعلها غير قادرة على دفع رواتب موظفيها في القطاع العام. جزء منهم المعلمون/ات في مدارس التربية والتعليم الفلسطينية في القدس وهو سبب آخر يمنعهم من الوصول إلى أماكن عملهم. كما شهدت العديد من المدراس مداهمات من جيش الاحتلال وتعرض فيها المعلمون/ات للاستجواب وتفتيش هواتفهم. إضافة إلى ضغط كبير على المدارس التي تحولت حديثا لمدارس تابعة للبلدية ووافقت على تدريس المنهاج الإسرائيلي حيث أن الرقابة على المنهاج المدرس اشتدت خلال هذه الفترة. كما يوجد أعداد لا يستهان بها من الطلبة الذكور في المدارس التابعة للبلدية يتم تسجيلهم وترفيعهم دون أن يحضروا للمدرسة. وذلك ضمن سياسة هذه المدارس التابعة لسياسات الاحتلال الإسرائيلي حيث يفضلون عدم استقبال طلاب قد يعرضوا طاقم المدرسة لرقابة أمنية أو غيرها من التضييقات، وكذلك ارتفعت وتيرة التشديدات العقابية الإسرائيلية على الأطفال والشباب حيث أن أي طفل مقدسي يتعرض للاعتقال يمنع من استكمال تعليمه والعودة إلى مقعده الدراسي وهو ما من شأنه أن يخلق خوف وقلق بين الطلاب والأهالي. ولا تزال أثار هذه التضييقات المتوقعة من ارتفاع أعداد التسرب من المدارس أو ازدياد أيام التغيب عن المدرسة غير مرصودة بدقة".

اما مدير عام (ماس) رجا الخالدي، ، فاكد على الدور الرئيسي للمعهد في مناقشة القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تهم الشأن الفلسطيني، وقال:" أدركت إدارة المعهد منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أهمية متابعة ورصد تبعات هذا العدوان، حيث شكل المعهد طواقم بحثية متخصصة للمتابعة والرصد"، مؤكدا أن المعهد عمل على اعداد برنامج بحثي للفترة القادمة يستجيب للأولويات والاحتياجات الجديدة.