الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

إِضَاءَة عَلَى اَلْقَرْضِ اَلْمَجْمَّعِ اَلَّذِي حَصَلَتْ عَلَيْهِ اَلْحُكُومَةُ مِنْ اَلْبُنُوكِ/ بقلم: مؤيد عفانة

2023-12-30 09:21:13 AM
إِضَاءَة عَلَى اَلْقَرْضِ اَلْمَجْمَّعِ اَلَّذِي حَصَلَتْ عَلَيْهِ اَلْحُكُومَةُ مِنْ اَلْبُنُوكِ/ بقلم: مؤيد عفانة
الباحث الاقتصادي مؤيد عفانة

أعلنت سلطة النقد الفلسطينية منذ أيام خَلَت، وفي بيان مقتضب عن "التوقيع رسمياً في مقر سلطة النقد على القرض المجمّع بين وزارة المالية والجهاز المصرفي، لمعالجة كافة القروض السابقة للحكومة، ولتمكينها من سداد بعض التزاماتها في الظروف الاستثنائية الراهنة".

ورغم شح البيانات الرسمية حول الاتفاقية، إلا أن ما رشح من معلومات تشير إلى أن الاتفاقية  التي وقعتها الحكومة ممثلة بوزارة المالية مع القطاع المصرفي، تضمنت إعادة هيكلة الديْن القائم على الحكومة للبنوك، وقيمته حوالي 2.1 مليار دولار، ورفعه إلى 2.5 مليار دولار، ما يعني إتاحة الفرصة للحكومة للحصول على قرض مجمّع بحوالي 400 مليون دولار من خلال مجموعة البنوك، ومبلغ القرض الجديد بضاف إلى حوالي 115 مليون دولار، قيمة الإيرادات المحلية خلال شهري تشرين أول/أكتوبر، وتشرين ثاني/نوفمبر، علماً أن الإيرادات المحلية بلغت حوالي 50% فقط من متوسط الإيرادات المحلية الشهرية ما قبل العدوان على غزة.

وهدف هذا القرض المجمّع إلى ضخ السيولة في الاقتصاد المحلي، وتحفيزه لتجاوز حالة الانكماش الكبيرة نتيجة العدوان الإسرائيلي الشامل على قطاع غزة، وما رافقها من اغلاقات وتقطيع أوصال الضفة الغربية، وحرمان العاملين داخل الخط الأخضر من العمل، وعدم انتظام رواتب الموظفين بسبب رفض السلطة الوطنية استلام أموال المقاصّة، بعد قرار الحكومة الإسرائيلية اقتطاع الأموال المخصصة لقطاع غزة، علاوة على اقتطاع أموال عوائل الأسرى والشهداء، كذلك يهدف القرض المجمّع إلى إعادة تنظيم وترتيب التزامات وزارة المالية تجاه كل من الموظفين والبنوك والموردّين.

كيف سيستفيد كل طرف من القرض المجمّع؟

الحكومة، من خلال اعادة ترتيب التزاماتها، والوفاء بجزء منها، وتحديداً تجاه الموظفين الحكوميين، والموردّين من القطاع الخاص، والبنوك، إضافة الى ضخ السيولة النقدية في الاقتصاد المحلي، الأمر الذي سيؤدي الى تحفيز الاقتصاد، ودوران العجلة الاقتصادية، مما سينعكس إيجاباً على الحكومة بجملة فوائد، وسيعزز من إيراداتها المحلية، المنعكسة من ضخ السيولة النقدية.

الموردّون من القطاع الخاص، من خلال سداد الحكومة لجزء من مستحقاتهم، والتي بدورها ستعمل على تنشيط الاقتصاد المحلي.

الموظفون الحكوميون، من خلال 3 قضايا، سداد الحكومة للسلفة المالية التي صرفت من خلال البنوك للموظفين عن شهر تشرين اول/ أكتوبر بقيمة (50%) من الراتب، مع الفوائد المترتبة، وصرف (65%) من راتب تشرين ثاني/ نوفمبر للموظفين والفئات الأخرى التي تتقاضى أشباه الرواتب، وصرف من نسبته (14%) من المستحقات المتراكمة للموظفين والتي تكافئ (49.4%) من متوسط الراتب الشهري، بحيث يتم صرف تلك المبالغ للبنوك لسداد دفعات قروض الموظفين المقترضين، أمّا الموظفين غير المقترضين، فتصرف لهم نقداً، تبعا لإعلان وزارة المالية.

البنوك، ستستفيد من سداد سلفة الـ (50%) عن راتب شهر تشرين أول/ أكتوبر، وسداد دفعات المقترضين من الموظفين الحكوميين من خلال نسبة الـ (14%) التراكمية، وهي القضية الأهم للبنوك، حتى لا تتحول تلك القروض الى قروض متعثرة، تبعاً للمعاير الدولية، الأمر الذي يؤثر سلباً على بياناتها المالية، إضافة الى استفادتها من جدولة إعادة هيكلية القرض الحكومي المجمّع.

وهذا الإجراء (القرض المجمّع) يأتي وفقاً للمعايير الدولية المعمول بها، ولا يشكل خطراً على القطاع المصرفي في فلسطين، والذي يمتاز بالمتانة والقوة، رغم الظروف الحالية.

وعلى الرغم من أهمية هذا القرض المجمّع في تنشيط الاقتصاد المحلي، ووفاء الحكومة بجزء من التزاماتها المتعددة، وسيساعد الموظفين على تدبّر أمورهم المعيشية، وسيضخ طاقة تحفيزية للقطاع الخاص، الأمر الذي سيستفيد منه بشكل أو بأخر فئات المجتمع كافّة، من عمّال، وتجّار، وشركات، وهيئات محلية، ومزودي خدمات، وحتى الدائنين، وغيرهم، إلا أنّ هذه الحل "القرض المجمّع" يمكن أن يُسمى "حل لمرة واحدة""، ولن يصلح للأشهر القادمة، لذا لا بدّ من العمل الجاد و"القتال" من أجل حل مشكلة إيرادات المقاصّة الممتدة من سنوات طويلة، والتي تشكل العمود الفقري لإيرادات السلطة الفلسطينية، وبنسبة تبلغ (66%) من مجمل إيراداتها، وذلك عبر عدة مستويات، منها المستوى الدولي، وعبر الدول الراعية للاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، وتحديداً بروتوكول باريس الاقتصادي، وعبر المسارات القانونية الدولية، كونها اتفاقية تجارية، لا تلتزم إسرائيل بها، وعبر تعزيز الانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل بإجراءات عملية، وخطة وطنية واقعية، تعمل على تحفيز قطاعات الإنتاج الوطنية، وإعادة الاعتبار للقطاع الزراعي، والصناعات المرتبطة به، والعمل على تحفيز ودعم الصناعات المحلية، والمشاريع الصغيرة، وحمايتها، إضافة الى ضرورة إعادة ترتيب أولويات الانفاق العام في موازنة العام 2024.