بقلم: محمد دقة
إن المتتبع لكلمة الرئيس محمود عباس "أبو مازن"، يجد أن في الكلمة نفساً جديداً، وأسلوباً مختلفاً طال انتظاره من عموم الشعب الفلسطيني، الذي انتظر طويلاً مثل هذا النمط في خطابات رئيس فلسطيني.
كانت الكلمة مقتضبة جداً، وكانت قصيرة لا تزيد مدة قراءتها عن خمس دقائق، ولكنها كانت تحمل كثيراً من المعاني، وكان وراءها الكثير من الكلام.
عندما تلا الرئيس الآية القرآنية (أُذِنَ للذين يقاتَلون بأنهم ظُلموا وأن الله على نصرهم لقدير) تلاها بطريقة حادة، وهذا يعني أن لا تنتظروا أحداً... لم يعد هناك من يقف إلى جانبنا... ولم نستطع أن نجلب دعماً سياسيا للضغط على قتلة الأطفال لوقف عدوانهم والحد من بطشهم.
وهو يريد أن يقول: "الكرة في ملعبنا... ويجب أن نعمل وحدنا".
كنا جميعاً نعلم أن لا أحد سينصرنا ولكنه، "أبو مازن"، أراد أن يتمسك بالعرب والعالم حتى آخر لحظة، ولكنه عاد خائباً منهم ومن دعمهم، وهو يريد أن يقول إنه يأسف لما يجري حولنا، قبل أسفه على سيل الدم في قطاع غزة الصابر.
أرى في كلمة الرئيس كلمات لم يقلها، ولكنه ألمح لها، فكأنه يقول: "الآن يجب العمل على المقاومة، المقاومة هي السبيل الوحيد الذي سيحفظ ما تبقى من كرامتنا"
إن كلمة الرئيس، حسب رؤيتي المتواضعة لها، تشبه خطابات الراحل أبو عمار إلى حد ما، مع فارق الطريقة الخطابية والكاريزما والتشويق والجماهيرية والهتاف للقدس والشهداء، بمعنى أن هناك إشارات انتبهو لها، لا أستطيع أن أقولها علناً، ولكن افهموها واعملو عليها، وهكذا كان أبو عمار، رحمه الله.
أُأَكد على ما سبق من رأي ببعض النقاط التي ذكرها الرئيس وتوحي بماهية الوضع الراهن، كما توحي بما هو مطلوب منا كشعب فلسطيني أولاً، وكفصائل وأحزاب ثانياً، فأكد أننا سنعيد إعمار ما دُمّر من قطاع غزة في إشارة على الإصرار على الحياة والصمود، وعلى حقنا في الوجود، كما قال إن إسرائيل تمادت في غيها وغطرستها، وأنه لن ينعم أحد بالسلام ما لم ينعم به أطفال غزة والقدس والضفة الغربية، داعياً إلى الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام.
الإشارات السابقة هي إشارات على التوجه القادم، والسياسة التي سينتهجها، ويطلب من الجميع انتهاجها في قادم الأيام، لمواجهة العدوان الإسرائيلي على شعبنا.