الحدث- محمد ماجد
يشعر الشاب عبد الله الحصري (17 عاما)، أنه أمام مهمة صعبة، لم يذكر أنه ألقى لها بالاً خلال السنوات الدراسية الماضية، لعدم تمكنه من الاستعداد لامتحانات الثانوية العامة هذا العام داخل منزله وبين أفراد عائلته، بعد أن دمره جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة.
فعلى مدار الأعوام الماضية، لم تكن الحياة الدراسية بهذه القسوة، بالنسبة للحصري، الذي يدخل خلال الأيام القادمة اختبارات "التوجيهي"، التي تعد مرحلة فاصلة في حياته، حسب قوله.
فلم يتوقع الحصري الذي يقطن في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، أن يدرس يوماً داخل خيمة مصنوعة من قطع "القماش والنايلون" وتفتقر لأدنى مقومات الحياة البشرية أقامها بدلا من منزله المدمر استعدادا لامتحانات الثانوية العامة.
لكن تدمير منزله، اجبره على أن يلتزم خيمته، لمراجعة ما تبقى من دروسه.
ويقول الحصري، بصوتٍ بائس لوكالة الأناضول:" الدراسة في الخيمة لم أتوقعها يوما، والثبات على البقاء بها معجزة، فجحيمها بسبب ارتفاع درجات الحرارة يسبب لي إرهاق شديد".
وبغصة شديدة يضيف:" الاحتلال جعلنا بلا مأوى أبقى أحلامنا معلقة وضائعة وتفكيرنا لا يتعدى كيف يمكن أن نأكل ونشرب".
ويتابع :" لجأت إلى الخيمة بعد أن قصفت إسرائيل منزلنا خلال الحرب الماضية، فلا مأوى أخر لي، لاستعد لاختبارات الثانوية العامة المقررة نهاية الشهر الجاري".
ويصف الحصري العيش داخل الخيمة، التي لا تتجاوز مساحتها 3 امتار "صعب جدًا، بسبب ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف وعدم وجود أجهزة تبريد.
وعبر الحصري عن استيائه قائلاً:" لا تركيز في الدراسة خلال النهار فأصوات الأطفال مرتفعة والحر شديد، وفي الليل أصوات الكلاب تخيم على المكان ومواء قطط تتجول في المكان مطاردة بعضها البعض ".
ويقول:" أسرتي مكونة من 11فرد استأجرت منزل صغير يحتوي على غرفتين لا يمكنني الدراسة فيه بسبب الضجيج ومساحته الصغيرة جدا".
ويستدرك: "كنت أعيش في منزل كبير يساعدني على مذاكرة دروسي أما اليوم أصبح الأمر مختلف كليا ولا يمكنني استيعاب إلا القليل من تلك الدروس".
وبنبرة قلق يخشى، ما ستحمله الأيام القادمة من حصوله على معدل لا يؤهله للالتحاق بكليات الطب، بسبب صعوبة التركيز والدراسة داخل الخيمة.
ويتمنى الحصري، "أن تكون اختبارات الثانوية العامة سهلة، فمنهجنا طويل، والحياة في غزة صعبة، فالحصار من جهة وفقدان البيت من جهة أخرى".
أما الطالب يوسف شملخ، يقول في حديث مع وكالة "الأناضول" : الظروف التي شهدها العام الدراسي الحالي صعبة؛ بسبب الحرب وما خلفته من سلبيات نفسية علينا".
وعبر شملخ عن استيائه من عدم قدرة استيعاب المنهج، بسبب استهداف الجيش الإسرائيلي لمنزله واستئجارهم لمنزل صغير تعم فيه الضجة، ويفتقد لمكان هادئ.
وقال:" إن الاستعداد للاختبارات يحتاج إلى هدوء كبير للقدرة على التركيز وهذا ما افقده في منزل مكون من غرفتين يسكنه 8 من أفراد عائلتي".
وأضاف:" نتقدم للاختبارات واضعين أيدينا على قلوبنا خوفا من أن يكون مستوانا قد تدنى وعدم مقدرتنا على الالتحاق بالجامعات".
وأشار إلى أن وزارة التربية والتعليم :" يجب أن تراعي ظروف طلبة الثانوية العامة، فالموسم الذي مر علينا، "كارثي"، و تعرض لضربة موجعة وقاسية خلال الحرب الأخيرة، تسببت في تعطيل كافة مناحي وتفاصيل الحياة.
وقال معتصم المنياوي المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم في غزة، في حديث مع مراسل الأناضول:" من المقرر أن تبدأ امتحانات الثانوية العامة يوم السبت القادم في كافة الأراضي الفلسطينية".
وأضاف للأناضول: "أن امتحانات الثانوية العامة (التوجيهي) في أراضي السلطة الفلسطينية، ستبدأ بمشاركة 80 ألفا و569 طالبا وطالبة منهم 45 ألفا 872 طالبا وطالبة من الضفة الغربية، و 34 ألفا و 697 من قطاع غزة".
وأشار إلى أن الوزارة تقدر الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة وأخذت بعين الاعتبار كافة الظروف التي تعرض لها.
المصدر: وكالة الأناضول