الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الإيكونوميست: إسرائيل تفقد المزيد من الصداقات

2015-05-29 06:55:11 AM
الإيكونوميست: إسرائيل تفقد المزيد من الصداقات
صورة ارشيفية
الحدث- نيويورك

بعد خمسة أيام من أداء حكومة نتنياهو قسم استلام المنصب، أصدر وزير دفاعه يوم 19 أيار (مايو) توجيهاً يتطلب أن يستخدم الإسرائيليون والفلسطينيون حافلات منفصلة عندما تنقلون بين إسرائيل والضفة الغربية. ووصفت الوزارة ذلك الإجراء بأنه متطلب إداري وأمني؛ لكن خبراء الأمن في الوزارة نفسها قالوا إنه ليست هناك حاجة إلى ذلك. وفي الحقيقة، جاء ذلك التوجيه نتجية للضغط الذي مارسه المستوطنون على موشيه يعالون، والذين قالوا إنهم يتعرضون إلى "مضايقات" من الفلسطينيين في الحافلات.

على الفور، ووجهت خطة الحافلات المذكورة بانتقادات شديدة من شخصيات في المعارضة، بل وحتى من بعض شخصيات حزب الليكود الحاكم نفسه. ووصف إسحق هيرتزوغ، زعيم حزب العمل الرئيسي المعارض، تلك الخطوة بأنها "وصمة عار على جبين الأمة ومواطنيها". وبعد بضع ساعات، استسلم رئيس الوزراء وطلب من السيد يعالون تعليق العمل بالتوجيه المذكور. وعلى أي حال، كان الأمر كله علامة على نمط التفكير الذي يميز الحكومة الجديدة، والذي يمكن أيضاً أن يجعل علاقات إسرائيل مع العالم الأوسع أكثر توتراً وتشابكاً من أي وقت مضى.

يوم 15 أيار (مايو)، اعترف الرئيس باراك أوباما في إحدى المقابلات بأن إدارته فشلت في محاولاتها لحل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. وقال: "لقد عملنا بجد كبير. ولكن، بصراحة، جعلت السياسة داخل إسرائيل والسياسة بين الفلسطينيين من الأمر بالغ الصعوبة أيضاً". ومع ذلك، وعلى الرغم من قبول السيد أوباما الظاهري بالهزيمة، فإنه يتحدث بهدوء مع الحكومات الأوروبية عن خططها لممارسة مزيد من الضغط على إسرائيل. ويريد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إصدار قرار يضع جدولاً زمنياً محدداً لمفاوضات تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية. وكان السيد أوباما قد طلب من فرنسا عدم متابعة مبادرتها إلى أن يتم توقيع الاتفاق مع إيران، والذي يوقف برنامجها النووي، وهو ما يأمل أوباما بأن يتم بحلول نهاية حزيران (يونيو). لكنه لا يصر على ضرورة التخلي عن تلك المبادرة.

تفتقد الإدارة الأميركية الاستعداد اللازم للتعامل مع أكثر من أزمة دبلوماسية واحدة مع إسرائيل في نفس الوقت. وسوف تعقب الاتفاق مع إيران مواجهة مع الكونغرس، حيث سيحاول أصدقاء إسرائيل الكثيرون عرقلة الصفقة. وفي الأثناء، يقوم الفرنسيون بتحشيد الدعم من الحكومات العربية والأوروبية لمبادرتهم. ومن المتوقع أن يدعو القرار الذي تقترحه المبادرة، من بين أمور أخرى، إلى جعل القدس عاصمة لكل من إسرائيل وفلسطين. وفي 17 أيار (مايو)، رفض السيد نتنياهو هذا الأمر. وفي حفل أقيم بمناسبة حرب الأيام الستة في العام 1967 واحتلال إسرائيل للقدس الشرقية والضفة الغربية، قال أن "القدس كانت منذ الأزل عاصمة للشعب اليهودي فقط وليس لأي أمة أخرى". ومع أن الولايات المتحدة صوتت بشكل روتيني في السابق ضد مثل هذه القرارات، فإن هناك مخاوف في إسرائيل من أن السيد أوباما ربما يهيء للامتناع عن التصويت في هذه المرة.

يعرب الدبلوماسيون الإسرائيليون كثيراً عن أسفهم لمكانة بلدهم التي تعاني مزيداً من التراجع على المستوى الدولي. وشكواهم النموذجية هي: "كانوا يتحدثون إلينا. والآن أصبحوا يتحدثون عنا مع الآخرين". وفي حين ناقشت فرنسا اقتراحها الذي ستقدمه للأمم المتحدة مع الأميركيين وجامعة الدول العربية والفلسطينيين، فقد علمت به إسرائيل بطريقة غير مباشرة فقط.

إلى جانب الخطة الفرنسية، يسلط الاتحاد الأوروبي تهديداً آخر على رأس السيد نتنياهو. ثمة شعور متزايد في أوربا بأن المزيد من الإعلانات الإسرائيلية عن المزيد من البناء الاستيطاني في الضفة الغربية يجب أن يُقابل بإجراءات عقابية. وكبداية، ربما يصر الاتحاد الأوروبي على وضع علامات توضيحية على المنتجات التي تصنع في المستوطنات الإسرائيلية، والتي تبين مصدرها. وبعد ذلك، ربما يضع الاتحاد محددات على التمويل الأوروبي للأبحاث المشتركة مع الإسرائيليين. وكانت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، فريدريكا موغريني، تقوم بزيارة للقدس لدى كتابة هذا التقرير، على أمل إقناع السيد نتنياهو بتوضيح خططه. وقال لها نتنياهو: "إنني أدعم رؤية دولتين لشعبين"، وهي مسألة كان يتعامل معها بالمراوغة في الفترة الأخيرة؛ لكن كلماته تظل بعيدة كل البعد عن أن تكون التزاماً بأي شيء.

من جهتم، ظل الفلسطينيون يراكمون المزيد من الضغط على إسرائيل أيضاً. ففي الأول من نيسان (أبريل) الماضي، انضمت فلسطين رسمياً إلى المحكمة الجنائية الدولية، مما فتح الطريق أمام استصدار إدانة محتملة لبعض جرائم الحرب الإسرائيلية. كما يدعو جبريل الرجوب، رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني، إلى التصويت على تعليق عضوية إسرائيل في بطولات كرة القدم الدولية، بما في ذلك كأس العالم، بسبب مزاعم بوجود مضايقات وعنف يعاني منهما لاعبو كرة القدم الفلسطينيين وأنديتهم. ومن غير المرجح أن تصنع أي من هاتين الخطوتين الكثير من الفرق العملي في المستقبل القريب. وكان سيب بلاتر، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، الهيئة الحاكمة لكرة القدم العالمية، يزور المنطقة قبل أيام قليلة. وكان يأمل في إقناع الفلسطينيين بسحب طلب التصويت ضد عضوية إسرائيل، وبدا حريصاً على إقامة "مباراة سلام" إسرائيلية-فلسطينية. وفي المحكمة الجنائية الدولية، تدور عجلات العدالة ببطء. لكن إسرائيل تشعر كما لو أنها واقعة تحت حصار دبلوماسي يزداد كثافة.

يأمل بعض الخارجيون في أن يؤدي بعض الضغط إلى حفز السيد نتنياهو على تعديل تحالفه اليميني، حيث يجلب حزب العمل إلى الحكومة مع تعيين السيد هيرتزوغ وزيراً للخارجية. ولكن، وحسب لهجة حكومته في أسبوعها الأول، فإن السيد نتنياهو ينظر حالياً في الاتجاه المعاكس كما يبدو.
 
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Israel’s foreign relations: Contra mundum