الحدث- الأناضول
ساعات طويلة قضتها الشابة الغزيّة غدير ناجي (19 عاماً) في البحث عن آلة منزلية لصنع "الآيس كريم" بسعر يتناسب مع ميزانيتها، إلا أن الشركات المختصة ببيع الأجهزة الكهربائية "الحديثة" حددت سعر تلك الآلة بمبلغ يفوق 100 دولار أمريكي، وهو مبلغ مرتفع "جداً" بالنسبة لها.
إلا أن "دكاناً" صغيراً كُتب على واجهته "المخراز" للأجهزة الكهربائية، لفت نظر الشابة ودفعها للدخول إليه، وبخطوات بطيئة، تنقّلت ناجي بين أكوام من الأجهزة الكهربائية "غير المستعملة" مُرتّبة فوق بعضها بطريقة "عشوائية".
لم تُخف ناجي دهشتها بعد أن وجدت الآلة التي بحثت عنها طويلاً وبسعر أقل من السعر الذي حددته ضمن ميزانيتها المحدودة، إذ بلغ سعر الآلة في محل "المخراز" ما يقارب 20 دولارا أمريكي.
تختص محال "المخراز" ببيع الأجهزة "الجديدة" المستوردة من الجانب الإسرائيلي، والتي تبيعها الشركات الإسرائيلية ضمن حملات "التصفيات" الدورية التي تجريها على أجهزتها لتجّار غير إسرائيليين، إذ يعتبر ثمن الجهاز الواحد من "المخراز"، أقل من ثمن الأجهزة التي تُباع في شركات حاصلة على توكيل رسمي من الجهة المصنّعة.
تقول ناجي لـ "الأناضول" إن : " الأجهزة التي تباع عند محال المخراز، عدا كونها جديدة (غير مستعملة)، فإن سعرها يتناسب مع دخل الطبقة المتوسطة، وحتى دخل الفقراء الذين يضطرون لشراء الأجهزة الضرورية".
محمد كحيل (27 عاما)، صاحب أحد متاجر بيع أجهزة المخراز الكهربائية، يقول: "أجهزة المخراز الكهربائية، جديدة وغير مستعملة، تتخلص منها الشركات والمحال التجارية الإسرائيلية ضمن حملات التصفيات الخاصة بها، نظراً لظهور أجهزة كهربائية ذات إصدار أحدث".
ويتابع في حديثه للأناضول: "يتم تجميع أجهزة التصفيات الخاصة بالشركات الإسرائيلية، والتي يطلق عليها مُسمّى المخراز، في مكان واحد مخصص لنقلها لقطاع غزة، ومن ثم يتم شرائها من قبل تجار فلسطينيين من القطاع، أو عبر وسطاء فلسطينيين".
ولفت إلى أن أجهزة المخراز يتم حزمها داخل صناديق خشبية كبيرة، إذ يتم شراء "الصندوق" بشكل كامل، دون معرفة ماهية الأجهزة المتواجدة داخله.
ويشير إلى أن نوعية الأجهزة بداخل الصندوق الخشبيّ هي المحدد الوحيد لسعره، متابعاً: "هناك صناديق تباع بسعر من ألف شيقل حتّى 5 آلاف شيقلاً، علماً بأن الدولار الأمريكي الواحد يعادل (4 شواقل) تقريباً".
ويعمل كحيل في مهنة تجارة أجهزة "المخراز" منذ أكثر من 7 سنوات، بعد أن عجز عن إيجاد عمل وفق تخصصه الدراسي (الهندسة).
وكلمة "المخراز" هي ترجمة حرفية لكلمة "أزدخان" التي ترجع للغة العبرية، وتعني "تصفيات" المحال التجارية والبيوت.
ويؤكد كحيل أن أجهزة "المخراز" هي أجهزة جديدة، وتعود لـ"ماركات" عالمية، إلا أن سعرها "منخفض" يتناسب مع الطبقات المتوسطة والفقيرة بغزة، وهذا ما يجعلها قادرة على منافسة الشركات الحاصلة على وكالات لبيع الأجهزة الكهربائية من الشركات المصنّعة.
ويمضى التاجر قائلا:" المواطن بغزة يفضل شراء قطعتين من الأجهزة الكهربائية ذات الجودة الجيدة والممتازة من محال المخراز، بثمن قطعة واحدة يمكن أن يشتريها من الشركات الموكلّة".
وفي بيان صدر مؤخرا، قالت اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن قطاع غزة (غير حكومية)، إنّ الحصار المفروض على القطاع، والحرب الإسرائيلية الأخيرة، رفعا نسبة الفقر إلى 90% فيما بلغ معدل دخل الفرد اليومي أقل من دولارين يومياً.
خالد الشيخ خليل (26 عاماً)، يعمل في متاجر المخراز منذ 15 عاماً، يقول لـ"الأناضول":" يتم شراء أجهزة المخراز من الجانب الإسرائيلي من خلال تجار حاصلين على تصاريح لدخول الجانب الإسرائيلي".
ويوضح الشيخ خليل أن قطاع غزة عرف أجهزة المخراز الكهربائية منذ عام 2003، مشيراً إلى أن الفترة التي سبقت عام 2003، شهدت تصديراً للأجهزة الإسرائيلية المستعملة والقديمة إلى داخل غزة.
وذكر أن أجهزة المخراز الكهربائية كانت تدخل إلى قطاع غزة بكميات كبيرة، إلا أن فرض إسرائيل لحصارها الاقتصادي وإغلاقها للمعابر التجارية مع قطاع غزة، أدى إلى تقليص تلك الكميات وتحويل الكمية الأكبر منها إلى الضفة الغربية والأردن.
ومن أشهر الشركات الإسرائيلية التي تجري حملات التصفيات على بضائعها هي "كنود، وبايلوت، وهملتون، وجريت".