الحدث الفلسطيني
حذرت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية مجددا، اليوم الجمعة، من هجوم عسكري لقوات الاحتلال الإسرائيلي على رفح، ما يعني فرض نكبة جديدة وتهجير قسري للفلسطينيين كأمر واقع بفعل تكثيف الهجمات الجوية والبرية والبحرية والهجوم البري على غرار ما نفذته في بقية أنحاء قطاع غزة.
وناشدت المجتمع الدولي لتدارك هذه المخاطر الحقيقية التي باتت وشيكة، في ضوء التصريحات الواضحة التي لا تقبل التأويل من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بشأن الهجوم على رفح، وفي ضوء استمرار دفع المدنيين من جميع محافظات قطاع غزة للنزوح إلى المحافظة الصغيرة على الحدود مع مصر.
وحذرت بأن أي هجوم على رفح، التي تكتظ الآن بنحو 65٪ من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، سيعني سقوط آلاف الضحايا من المدنيين الفلسطينيين على نحو لم نشهده من قبل طوال الأشهر الأربعة الماضية، ولن يكون هناك خيار أمام من ينجون من الموت سوى التوجه جنوباً نحو الأراضي المصرية، بفعل سيطرة قوات الاحتلال على المحاور الأخرى ومنع تنقل السكان باتجاه الشمال وفي ظل عدم وجود أي مكان آمن في قطاع غزة.
واعتبرت أن تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزراء حكومة الحرب الإسرائيلية المستمرة بشأن الهجوم على رفح ينبغي أن تؤخذ على محمل الجد؛ فيوم الأربعاء، 7 فبراير/ شباط 2024، قال نتنياهو: التعليمات صدرت لجيش الاحتلال الإسرائيلي بالتحرك أيضا في رفح"، وأضاف: "لا يوجد حل آخر غير الانتصار الشامل،" وأن "العملية العسكرية ستستمر.."، وقال وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت في تصريحات مماثلة أيضاً "سنرسل قواتنا إلى أماكن أخرى في غزة قريباً،" في إشارة واضحة للهجوم الوشيك على رفح.
وتظهر المعطيات التي جمعها باحثو المؤسسات الحقوقية الفلسطينية، أن الاحتلال الإسرائيلي كثف خلال الأيام الماضية من وتيرة غاراته على رفح، في مؤشر آخر على نوايا التصعيد وتوسيع الهجوم.
وأشارت إلى أنه منذ السبت الماضي، 3 فبراير/ شباط وحتى فجر الخميس، 8 فبراير/ شباط 2024، شنت طائرات الاحتلال عشرات الغارات على رفح، استهدفت 12 منزلا بمن فيها من السكان دون أي إنذار مسبق، إلى جانب قصف مدنيين خلال تحركهم، ما أسفر عن استشهاد 59 فلسطينيًّا، منهم 21 طفلاً، و11 سيدة، وصحفي، وفقدان آخرين، وإصابة عشرات بجروح، بعضهم بترت أطرافهم.
يأتي كل ذلك، في وقت تستمر فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي في محاولة تفريغ من تبقى في مدينة غزة وإجبارهم على التوجه نحو دير البلح، مع استمرار أوامر التهجير للسكان في خانيونس باتجاه المواصي ورفح. وخلال الأيام الماضية وثق باحثونا المزيد من جرائم التهجير، بما فيها أمس الأربعاء، حيث أجبر المئات على النزوح من مدارس الإيواء في مخيم خانيونس، باتجاه منطقة المواصي ومنها إلى رفح. وفي 5 فبراير/ شباط 2024، أجبرت قوات الاحتلال ثمانية آلاف نازح/ة كانوا قد نزحوا إلى مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، للنزوح مجدداً باتجاه مواصي خانيونس، ومن هناك توجهت أعداد كبيرة منهم إلى رفح.
وأكدت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية أن ما تعلنه قوات الاحتلال بأنها تبحث عن الخيارات الملائمة لشن هجماتها، لا قيمة له، بالنظر إلى سياستها المتبعة حتى الآن باستباحة المدنيين، وتحويلهم إلى أهداف مشروعة في إطار الانتقام والضغط السياسي، وضمن جريمة الإبادة الجماعية.
وحذرت المجتمع الدولي، خصوصاً الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والمفوض السامي لحقوق الإنسان، من خطورة الوضع القائم في قطاع غزة وتطالبهم باتخاذ تدابير فورية لضمان حماية مئات المدنيين والمدنيات في رفح وفي كل القطاع، ومنع النكبة الجديدة في فلسطين ووقف الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيات والفلسطينيين من قطاع غزة.
كما حذرت شركاء الاحتلال الإسرائيلي في جريمة الإبادة الجماعية، سواء بدعمهم العسكري والسياسي غير المحدود لدولة الاحتلال أو بصمتهم، وطالبتهم بالوفاء بالتزاماتهم القانونية قبل فوات الأوان، واتخاذ خطوات عملية لحماية المدنيين الفلسطينيين ووقف عمليات القتل الجماعي ومنع استكمال جريمة الإبادة الجماعية المستمرة التي تدخل شهرها الخامس.
وجددت مطالبتها المجتمع الدولي بالتحرك الجاد والفوري لوقف الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، وإلزام الاحتلال الإسرائيلي القوة القائمة بالاحتلال بالتوقف عن سياسة استهداف المدنيين والأعيان المدنية كأداة انتقام وعقاب وضغط سياسي، واتخاذ إجراءات فعالة لضمان المساءلة على جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية التي تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وأكدت على ضرورة إنهاء الاحتلال وتفكيك الاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وإلغاء جميع القوانين والسياسات والممارسات التمييزية واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير وعودة اللاجئات واللاجئين دون قيد أو شرط.