الحدث الاقتصادي
تترقب الأسواق التوترات في البحر الأحمر والتداعيات المحتملة على الاقتصاد العالمي من حيث ارتفاع الأسعار وزيادة احتمالية الركود، وسط أنباء عن فرض الحوثيين رسوما على مرور السفن الأوروبية في المجرى الملاحي مقابل المرور الآمن.
وحذر العديد من المسؤولين التنفيذيين من أن خطوط شحن الحاويات تواجه صعوبات في التكيف مع الموانئ المزدحمة ونقص السفن مع استمرار الأزمة في البحر الأحمر للشهر الثالث.
يعد البحر الأحمر، الذي يوفر الوصول إلى المدخل الجنوبي لقناة السويس، إحدى أهم قنوات الشحن وأكثرها كثافة في العالم. ويلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد العالمي، حيث تمر حوالي 19 ألف سفينة بين المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط كل عام.
تقلل القناة مسافة الشحن بين آسيا وأوروبا بمقدار النصف تقريبًا. وكان يمر حوالي 12% من التجارة العالمية عبر البحر الأحمر، بما في ذلك 30% من حركة الحاويات العالمية وما قيمته تريليون دولار من البضائع كل عام.
أفادت وكالة "شيبا إنتليجنس"، أن شركات أوروبية بدأت منذ نحو شهر دفع أموال لجماعة الحوثيين مقابل المرور الآمن لسفنها في البحر الأحمر، بحسب ما نقلته عن مصدر دبلوماسي غربي.
وقال المصدر إن الأموال التي تدفعها السفن الأوروبية تذهب إلى حسابات مصرفية خارجية تابعة لشركات يملكها ويديرها المتحدث الرسمي باسم جماعة الحوثي، محمد عبد السلام.
ويشير تحليل لـ"صندوق النقد الدولي" إلى أن مضاعفة تكاليف الشحن تؤدي إلى زيادة التضخم عالميا بنحو 0.7 نقطة مئوية. ومن المحتمل أن يتجاوز الارتفاع في تكاليف الشحن الضغوط التضخمية التي شهدناها خلال الأيام الأولى لجائحة كوفيد-19، مما يشكل تهديدًا كبيرًا لسلاسل التوريد العالمية.
مبالغ تصل إلى نصف مليون دولار
وقدر المصدر متوسط المبلغ المالي الذي طلبه الحوثيون على كل سفينة بنحو نصف مليون دولار. وقال المصدر: "هناك سفن تدفع ما يقارب المليون دولار أو أقل، وتبقى هذه المبالغ أقل من التكلفة التشغيلية التي تحتاجها السفينة إذا مرت عبر رأس الرجاء الصالح".
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "شيبا"، هناك تراجع كبير في عدد السفن المبحرة عبر البحر الأحمر، وتشير التقديرات الأولية إلى أن 20% فقط منها تواصل الإبحار في البحر الأحمر.
بالنسبة للرحلات بين أوروبا وآسيا، فإن التحويل إلى رأس الرجاء الصالح يزيد من وقت الشحن بنسبة 30 إلى 50 بالمائة. ليس لهذا آثار اقتصادية فورية فحسب، بل يخلق مشكلات لوجستية متوسطة المدى لشركات الشحن الفردية.
وقبل تصعيد هجمات البحر الأحمر، كانت 60 سفينة تعبر مضيق باب المندب في الاتجاهين. لكن الآن تعبر نحو 12 سفينة هذا الممر المائي الحيوي يوميا، ما يعني أن الحوثيين يحققون ربحا يوميا لا يقل عن ستة ملايين دولار، بحسب المصدر.
جماعة الحوثي قد تحصل على 180 مليون دولار شهرياً
ومن الممكن أن تحصل جماعة أنصار الله على 180 مليون دولار شهريا، ما يعني أن إيراداتها ستصل إلى أكثر من ملياري دولار سنويا من السفن في البحر الأحمر إذا استمر الوضع كما هو الآن.
منذ بدء الهجمات، أفادت العديد من التقارير التي أشارت إلى انخفاض التجارة العالمية بنسبة 1.3% في شهر واحد فقط، من نوفمبر إلى ديسمبر 2023.
وكلما طال أمد الحرب في غزة، كلما طال أمد انقطاع الشحن الناجم عن الهجمات في البحر الأحمر. لذلك، وبالنظر إلى تطورات الشحن خلال جائحة كوفيد-19، يجب على المستوردين - بحسب تقرير لـ"رويترز" - الانتباه إلى المخاطر والتكاليف الإضافية الناتجة عن أزمة البحر الأحمر الحالية.
بعض من التفاؤل للسوق الأميركي
أدت أزمة البحر الأحمر إلى ارتفاع حاد في تضخم الشحن البحري خلال الشهرين الماضيين، ولكن هناك دلائل على أن الضغوط التصاعدية على أسعار الشحن على طرق التجارة الرئيسية ربما بلغت ذروتها.
بدأت أسعار الشحن على الطرق البحرية من آسيا إلى الولايات المتحدة في الانخفاض، بناءً على تحليل أحدث بيانات الشحن من "Xeneta"، وهي منصة رائدة لقياس الشحن البحري والجوي. وكانت أسعار الفائدة في أوروبا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط قد بدأت بالفعل في الانخفاض في نهاية يناير/كانون الثاني.
إذا استمر الانخفاض الأخير في الأسعار، فإنه سيوفر بعض الراحة لشركات الشحن الأميركية التي شهدت زيادة في أسعار الشحن البحري من الشرق الأقصى إلى الولايات المتحدة في نطاق عام يتراوح بين 146% (الساحل الشرقي) و186% (الساحل الغربي) نتيجة هجمات البحر الأحمر.
ويأتي الانعكاس في أسعار الشحن البحري على الرغم من التهديد البحري الذي تواجهه شركات الشحن التجارية العالمية والذي لا يظهر أي علامات على التراجع.
وفقًا للبيانات الجديدة المقدمة إلى "CNBC" الأميركية من قبل "Xeneta"، انخفضت أسعار الحاويات بشكل طفيف من 6,260 دولارًا لكل وحدة FEU (حاوية 40 قدمًا) في 1 فبراير إلى 6,100 دولار في 15 فبراير. وانخفضت الأسعار من الشرق الأقصى إلى الساحل الغربي من 4,730 دولارًا لكل وحدة حاوية 40 قدمًا إلى 6,100 دولار في 15 فبراير.