الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الفصل الثاني من المشروع الصهيوني من مسافة الصفر/ بقلم: زياد البرغوثي

2024-02-23 08:04:59 AM
الفصل الثاني من المشروع الصهيوني من مسافة الصفر/ بقلم: زياد البرغوثي
زياد البرغوثي

ابتدأ المشروع الصهيوني مع انعقاد مؤتمر بازل في تسعينيات القرن التاسع عشر مروراً بوعد بلفور وحروب الاستقلال وصولاً إلى الذروة مع اتفاق أوسلو حين أطلقت منظمة التحرير الفلسطينية آخر رصاصة في جعبتها من مسافة الصفر وأخطأت الهدف باعترافها بدولة الاحتلال وإعطائها الشرعية، شرعية لم تمنحها إياها اتفاقية كامب ديفيد مع مصر لسنوات طويلة، شرعية جعلت أصابعها تمتد بِحُرية من المحيط إلى الخليج، ومن لم تصلهُ أصابعها بالعلن سعى إليها بالسر، بعد أن سيطرت على مفاصل المال والسياسة في بلاد الغرب، وهنا انتهى الفصل الأول من المشروع الصهيوني وما حمل معه من أسرار ومؤامرات وتواطؤ أجهزة عربية وغربية لعقود طويلة.

مع نمو حركات الإسلام السياسي وملحقاتها في الشرق وصعود موجة أحزاب اليمين الشعبوية في الغرب، ترافق معهم صعود الحركات والأحزاب الدينية والقومية في إسرائيل وصولاً إلى توقيع اتفاق الائتلاف بين رموز هذه الأحزاب القومية والدينية المتطرفة في ديسمبر ٢٠٢٢ مُتَوِجة بذلك أكثر الحكومات تطرفاً في تاريخ دولة إسرائيل..

مع تشكيل الحكومة الإسرائيلية بدأ نجم بن غفير وسموتريتش كرموز لليمين الديني والقومي بالصعود في الساحة السياسية مع سيطرة كاملة على نتنياهو بعد أن ألقوا له بطوق النجاة ووضعوا له الطُعم، طُعم الفصل الثاني من المشروع الصهيوني لتحويل الصراع التاريخي إلى صراع ديني مفتوح ورواية توراتية لشعب الله المختار على أرض الميعاد، أرض إسرائيل الكبرى..

مع انغلاق الأفق السياسي وإخراج أوسلو من الخدمة، راقب الجميع في الشرق والغرب بما فيهم حركة المقاومة الإسلامية صعود نجم اليمين المتطرف وما تبعه من ممارسات واقتحامات للمقدسات الإسلامية مع ازدياد وتيرة التحريض العنصري وإقامة الصلوات التلمودية في باحات المسجد الأقصى، ومصادرة الأراضي وتوسيع الاستيطان والقتل اليومي، وتعالت الأصوات من كل الأطراف التي تُحذر من عواقبها دون أن يلتفت نجوم اليمين القومي والديني الصاعد إلى هذه التحذيرات، حتى جاء طوفان الأقصى ليفرز الصراع في أوضح صُوَره، رواية توراتية ورواية قرآنية..

تداعت حاملات الطائرات والبوارج الحربية وقادة العالم الحر ليس خوفاً على إسرائيل ولكن دعماً  لنتنياهو رأس الحربة في الحرب ضد الإرهاب بعد أن ضلل قادة الغرب ونجح في ربط حماس بأدلة واهية مع المنظمات الإرهابية الداعشية التي عانت منها معظم الدول الغربية..

بعد خروج الملايين من المتظاهرين في العواصم الغربية مع تدفق شلال الدم الغزاوي وصمود المقاومة، تراجعت معظم الدول الغربية خطوة إلى الخلف في مواقفها واندفاعها، وتراجع معها خطر الحرب الإقليمية، إلا أنها وقفت جميعها عاجزة عن ردع حكومة اليمين التي وجدت ضالتها في السير قُدماً في حرب الإبادة التي تقوم بها ضد كافة شرائح الشعب الفلسطيني، والبدء على الأرض في سياسة التهجير القسري، مع سياسة الاجتياحات والاغتيالات وفرض حالة من الرعب من أجل تسريع الهجرة الطوعية..

إن الفصل الثاني من المشروع الصهيوني لا يرى منا أحدا، لا من سار خلف وَهم أوسلو لعقود، ولا من وقف على النقيض، ولا من وقف على الحياد من الأحزاب يراقب فشل أحد الأقطاب.. 

إن الشعب الفلسطيني اليوم في فلسطين التاريخية ومقدساته ومدنه وقراه ومخيماته وسلطته وأجهزته في مرمى الرواية التوراتية ومن مسافة الصفر..