الحدث للأسرى
نشرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، إحاطة استنادًا لأبرز الزيارات التي تمت مؤخرًا لعدد من السّجون، والتي تضمنت العديد من القضايا الراهنّة المتعلقة بظروف احتجاز الأسرى والمعتقلين، وعكست مجمل السّياسات والانتهاكات والجرائم التي نتجت جرّاء الإجراءات غير المسبوقة التي فرضتها إدارة سجون الاحتلال بحقّ الأسرى بعد السابع من أكتوبر والمستمرة حتّى اليوم.
وكانت أبرز القضايا التي ركز عليها الأسرى خلال الزيارات، قضية العدد أو ما يسمى (بالفحص الأمني) الذي تحوّل إلى أداة لإذلال الأسرى والتنكيل بهم، عدا عن شهادات مقتضبة لمعتقلين، تحديدًا من جرى اعتقالهم في شهري تشرين الأول وتشرين الثاني المنصرمين، والتي تضمنت الحديث عن عمليات الضرب المبرّح التي تعرضوا لها خلال عملية الاعتقال وفي مراكز التوقيف، إضافة إلى سياسة التّجويع التي ما تزال تخيم على أقسام الأسرى، إضافة إلى الجرائم الطبيّة المتواصلة بحقّهم.
سجن (مجدو): العديد من المعتقلين لم يستبدلوا ملابسهم منذ اعتقالهم
أكّد مجموعة من المعتقلين خلال زيارتهم في سجن (مجدو)، على أنّ أبرز القضايا القاسية التي تواجههم بشكل مضاعف مع مرور الزمن، إلى جانب جملة الانتهاكات، عدم توفر الملابس، فالعديد من المعتقلين لم يتمكنوا من استبدال ملابسهم منذ اعتقالهم، ورغم البرد القارس ما يزال العديد منهم دون ستر إضافية تقيهم من البرد، كما أنّ العديد منهم ظهرت عليهم بعض المشكلات الجلدية، وتحديدًا الفطريات بسبب عدم توفر أدوات النظافة الشخصية، وكذلك عدم توفر الملابس، كما وأجمع الأسرى الذين تمت زيارتهم على أنّ سياسة التّجويع ما تزال قائمة، وتتفاقم مع ازدياد أعداد المعتقلين الجدد، وتفاقم حالة الاكتظاظ الغير مسبوقة داخل الزنازين، فبعض وجبات الطعام تتكون فقط من علبة لبنة لكل (الغرفة- الزنزانة) والتي قد يصل عدد المعتقلين فيها لنحو 12 معتقلًا.
سجن (عوفر): اعتداءات متكررة سُجلت مؤخرًا بحقّ الأسرى في سجن (عوفر)
-قوات القمع تعمدت التنكيل بأسيرين بوضع رأسيهما في دورة المياه
استنادًا لمجموعة من شهادات الأسرى في سجن (عوفر)، فإن عدة اعتداءات سُجلت بحقّ الأسرى على يد قوات القمع مؤخرًا، حيث أشار أحد الأسرى، إلى أن أسيرين تعرضا لعملية تنكيل وإذلال غير مسبوقة، بوضع رأسيهما داخل دورة المياه بعد ادعاء السّجانين أن مواجهة جرت بينهم وبين الأسيرين.
كما وأشار الأسرى إلى إجراء العدد أو (ما يسمى بالفحص الأمني)، وكيف حوّلته الإدارة إلى أداة لإذلال الأسرى والتّنكيل بهم، فبعد السّابع من أكتوبر يُطلب من الأسرى أن يتخذوا وضعية معينة تتمثل بالركوع والانحناء عند إجراء (العدد) بهدف إذلالهم والتّنكيل بهم، مؤكدين أنّ غالبية عمليات الاعتداء تتم خلال إجراء (العدد)، حيث يتعمد السّجانون استفزاز الأسرى والتّنكيل بهم، ويجدون العدد فرصة للانتقام من الأسرى، علمًا أنّ قضية العدد شكّلت إحدى أبرز القضايا التي أشار لها الأسرى في كافة السّجون بعد السّابع من أكتوبر.
أما على صعيد ظروف اعتقال الأسرى الأشبال (الأطفال) في سجن (عوفر)، وعددهم نحو (90) شبلًا فقط في سجن (عوفر)، حيث يواجهون ذات الظروف التي يواجهها الأسرى البالغين، وتشكّل سياسة التّجويع للأسرى الأطفال أبرز ما ورد في شهاداتهم خلال الزيارات، حيث تقوم إدارة السّجون بتزويدهم بطعام سيء كمًا ونوعًا، فعلى الإفطار يتم إحضار شرحات من الخبز محدودة لكل الأسير، وعلبة لبنة صغيرة يجب أن تكفي لخمسة من الأسرى الأطفال، والمشكلة تتفاقم بسبب ازدياد حالات الاعتقال بين صفوفهم مؤخرًا.
قسم (23) في سجن (عوفر)
أكّد الأسرى خلال الزيارة في سجن (عوفر) أنّهم ما زالوا يسمعون صراخ وعذابات معتقلي غزة في قسم (23) وتحديدًا الأقسام القريبة، حيث يتعرضون لعمليات اقتحام متكررة ورش بالغاز، وعمليات تعذيب تعكسها أصوات الصراخ المتواصل.
علمًا أنّ الاحتلال يرفض السماح لأي من الطواقم القانونية بالتواصل مع معتقلي غزة منذ بداية الحرب، والإبادة الجماعية، كما ويرفض الاحتلال في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري بحقّ معتقلي غزة، إعطاء أي معطيات واضحة عن معتقلي غزة، أو من استشهد منهم.
"قامت قوة من جيش الاحتلال باقتحام منزلي والاعتداء عليّ بالضرب المبرح، واستخدمت أعقاب البنادق، على كافة أنحاء جسدي، مما تسبب بإصابتي بجروح في الرأس، وبعد اعتقالي جرى نقلي إلى معسكر (بيت ايل) ثم إلى معتقل (عتصيون) حيث بقيت رهن الاعتقال فيه لمدة ثلاثة أيام متتالية، وخلال عمليات نقلي تعمد الجنود بالاعتداء علي (ببساطيرهم)، وتركزت عمليات الضرب على رأسي وظهري، وحتى عند نقلي إلى سجن (عوفر)، تعرضت لاعتداء من جديد على يد قوات (النحشون)، وما زلت أعاني من أوجاع في الرأس حتى اليوم".
المعتقل (ع.ي): جرى اعتقاله في شهر تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، وتم تحويله للاعتقال الإداري لمدة ستة شهور
"تعرضت للضرب المبرح وتحديدًا على الأطراف أثناء اعتقالي على أحد الحواجز العسكرية، وخلال نقلي إلى معتقل (عتصيون) تعرضت للضرب في ساحة المعتقل، وفي غرفة التفتيش وتم شتمي وضربي، وتكرر الأمر عند نقلي إلى سجن (عوفر)، كما وهددوني بالقتل، وقاموا بتصويب السلاح باتجاهي.
الجرائم الطبية سجن (نفحة) نموذجًا
تواصل إدارة السّجون تنفيذ الجرائم الطبية بحقّ الأسرى في جميع ومختلف السّجون المعسكرات، حيث وصلت ذروتها وبشكل غير مسبوق بعد السابع من أكتوبر، واستنادًا لغالبية الزيارات التي تمت للأسرى في مختلف السّجون أجمعوا على حرمانهم من العلاج اللازم، وفقط يتم التعامل مع الحالات المزمنة جدًا، ففي سجن (نفحة) اشتكى الأسرى من توقف كل العلاجات التي تتعلق بالأسنان، والتي أدت إلى تفاقم هذه المشكلة عند العديد منهم، ورغم أنّ إدارة السّجون انتهجت المماطلة في توفير علاجات الأسنان في السابق والتي كانت تتم على حساب الأسرى في أغلب الأحيان، إلا أنّها وبعد السابع من أكتوبر أوقفت علاج الأسنان، وهذا نموذجًا عن العديد من العلاجات التي تم إيقافها، والتي أصبحت تحتاج إلى القيام بجهد قانوني مضاعف عما كان في السابق لتوفيرها للأسير.
هذا ويشار إلى أنّ أعداد الأسرى المرضى تفاقمت بعد السابع من أكتوبر، نتيجة لعمليات التعذيب والاعتداءات التي تعرض لها الأسرى.
معتقل (عتصيون) محطة للتعذيب والإذلال قبل نقل الأسرى إلى السّجون
شكّل معتقل (عتصيون) تاريخيًا، وما يزال إحدى أبرز المعتقلات التي شهدت عمليات إذلال الأسرى والتنكيل بهم، واحتجازهم في ظروف غاية الصعوبة، وبعد السابع من أكتوبر، منعت سلطات الاحتلال الطواقم القانونية من زيارة المعتقلين فيه، حتى استؤنفت مؤخرًا بعد محاولات عديدة جرت، واستنادًا للزيارات المحدودة التي جرت مؤخرًا، فإن عدة معطيات خطيرة ارتبطت فيه، والذي تحوّل فعليًا لمحطة تعذيب وإذلال للمعتقلين الجدد، عدا عن أن مدة الاحتجاز فيه أصبحت طويلة، وليست لعدة أيام كما كان في السابق نتيجة لحملات الاعتقال الكبيرة والمتواصلة في الضّفة.
ووفقًا لرواية المعتقلين المتواجدين فيه فإن جنود الاحتلال يتعمدون طوال الليل الصراخ وشتم المعتقلين ونعتهم (بالإرهابيين)، عدا عن الجرائم الطبيّة التي تمارس فيه، ففي شهادة لأحد المعتقلين أكّد أنّ أحد المعتقلين ولا يتجاوز 17 عامًا تعرض للإغماء عدة مرات، حيث يعاني من مشاكل في الأعصاب، ومشاكل صحية أخرى، وعند اعتقاله، جلب دوائه معه، إلا أنّ الجنود تعمدوا ضربه، وأجبروه على رمي الدواء في القمامة، وحرموه من دوائه ولم يقدموا له العلاج لاحقًا مما أدى إلى تفاقم وضعه الصحي داخل المعتقل.
كما وأقدمت إدارة المعتقل على وضع كاميرات مراقبة في زنازين الأسرى، الأمر الذي يشكّل انتهاكًا صارخًا لخصوصيتهم، لأن دورات المياه موجودة في داخل الزنازين، وهي بدون سقف، كما يتعمد الجنود عند نقل الأسرى إلى المعتقل نزع ملابسهم بشكل كامل في الساحة الخارجية للسجن بحجة التفتيش.
علمًا أنّ عدد المعتقلين في (عتصيون) وصل إلى (111) معتقلًا وفقًا لآخر زيارة تمت.