الحدث الإسرائيلي
انتقد خبراء إسرائيليون بشدة رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في أعقاب هجومه "المتحامل" ضد الرئيس الأميركي، جو بايدن، وإدارته خلال اجتماع الحكومة، أمس، وشددوا على أن نتنياهو يلحق بهجومه "ضررا إستراتيجيا" بإسرائيل، إلى جانب أنه "ناكر للجميل".
ووصف الرئيس السابق للدائرة السياسية – الأمنية في وزارة الأمن والجنرال المتقاعد، عاموس غلعاد، هجوم نتنياهو ضد بايدن بأنه "تحامل غير مسبوق"، وأنه "تعبير متطرف عن إنكار للجميل وفشل إستراتيجي من الدرجة الأولى".
وأشار غلعاد، بمقال نشره في صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم، الإثنين، إلى أن الولايات المتحدة هي "الحليف الحقيقي" الوحيد لإسرائيل، وأن بايدن هو الرئيس "الأكثر ودا لإسرائيلي" في التاريخ. وأضاف أنه "لا يوجد منطق إستراتيجي بالتحامل ضد بايدن وضد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر"، وأن دافع نتنياهو هو "سياسة داخلية بمستوى متدني حلّت مكان إستراتيجية ضرورية لأمن الدولة ومستقبلها".
ولفت إلى أن نتنياهو "بادر طوال ولايته الطويلة إلى صدام مباشر مع رئيس أميركي"، وأنه منذ 12 عاما على الأقل "كرر أخطاء خطيرة في سياسته، التي أبقت إسرائيل في حالة ضعف مقابل الخطر الإيراني، وإيران باتت الآن دولة عتبة نووية، تمنح مظلة دفاعية لحزب الله في الشمال وحتى الحوثيين في اليمن. وجذور هذا الوضع هي بمبادرة نتنياهو، في العام 2011، والتي تم كشفها، بشن هجوم عسكري في إيران، من دون تنسيق إستراتيجي مع الولايات المتحدة ورئيسها حينذاك، باراك أوباما".
وذكر أن نتنياهو "أهان أوباما دون سبب عندما ألقى خطابا في الكونغرس ضد الاتفاق النووي من دون التنسيق معه". كما أن إلغاء الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، مشاركة الولايات المتحدة في الاتفاق النووي، "بتشجيع من نتنياهو، جعل وضع إسرائيل أسوأ".
وتطرق غلعاد إلى هجوم "طوفان الأقصى" وشدد على أن "الولايات المتحدة أنقذت إسرائيل في 7 أكتوبر، ومكّنت للجيش الإسرائيلي من الوقوف على رجليه كأسد. لكن بعد ذلك، جاء إعلان نتنياهو عن إستراتيجية الانتصار المطلق، التي مصيرها الفشل واختزال إنجازات الجيش الإسرائيلي، لأنها تتجاهل الحلف مع الولايات المتحدة"، على إثر رفض نتنياهو البحث في اليوم التالي للحرب على غزة وخطة بايدن الإقليمية "إعادة إعمار غزة بتمويل سخي من دول الخليج، ومن شأن ذلك أن تنجر إسرائيل إلى احتلال مباشر لغزة المنكوبة بالضائقة والكارثة".
ورأى أنه إذا أرادت إسرائيل إعادة عشرات آلاف سكان الشمال إلى بلداتهم قرب الحدود اللبنانية، سيتعين عليها تنفيذ ذلك بإحدى طريقتين: "مواجهة شاملة مع حزب الله، وثمنها الإستراتيجي مرتفع جدا والولايات المتحدة لن تساعدنا فيه، أو تسويات أمنية لتحسين قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وتسمح بإبعاد قوة الرضوان إلى ما وراء الليطاني. وإنجازات الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان مهمة جدا، لكن من دون عمل سياسي لن يكون هناك أفقا للنهاية وإعادة السكان إلى بيوتهم".
وحذر غلعاد من أن اجتياح رفح سيلحق ضررا "بالعلاقات المميزة مع الولايات المتحدة ومصر، لأنه بالرغم من أهميته العسكرية لكنه مستحيل من دون التنسيق مع كلتاهما".
كذلك حذر الخبير في الشؤون الأميركية في جامعة بار إيلان والباحث في "معهد القدس للإستراتيجية والأمن، بروفيسور إيتان غلبواع، في صحيفة "معاريف"، من أن انتقادات كبار المسؤولين الأميركيين لسياسة نتنياهو تلحق ضررا بالعلاقات بين الدولتين "وتشكل خطرا على الإنجازات العسكرية للحرب على غزة".
وأضاف أن "حقيقة أن بايدن وشومر انتقدا نتنياهو بشدة تدل على أنهما فقدا ما تبقى من ثقة به، وهما يعتقدان فعلا في المرحلة الراهنة أنه يضر بإسرائيل. ورغم ذلك، تبرز في أقوالهما اعتبارات أيديولوجية والانتخابات الرئاسية وحسابات شخصية".
وأشار غلبواع أيضا إلى أن المسؤولين الأميركيين يحتجون على معارضة نتنياهو لحل الدولتين ولرؤيتهم لإنهاء الصراع العربي – الإسرائيلي، وهم يتأثرون من المظاهرات الحاشدة ضد إسرائيل ومن التصويت ضد بايدن في الانتخابات الداخلية في الحزب الديمقراطي في عدد من الولايات. وسمعوا مؤخرا نتنياهو يقول لقاعدته الانتخابية أنه هو فقط بإمكانه الوقوف في وجه الرئيس الأميركي ومعارضة سياسته.
وحسب غلبواع، فإن "القادة الديمقراطيين يعتقدون أن نتنياهو يُقاد من قبل الوزيرين المتطرفين في حكومته، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وبسبب رغبته بالحفاظ على وجودهما في ائتلافه، لم يقدم حتى الآن أي خطة سياسية لليوم لتالي بعد القضاء على حماس في غزة، ولا يسعى بشكل كاف من أجل تحرير المخطوفين ولا ينقل ما يكفي من المساعدات الإنسانية إلى الغزيين. وهم يرون أيضا تصاعد المظاهرات في شوارع إسرائيل والتي تطالب بالانتخابات".
وأشار إلى أن إدارة بايدن لا تكتفي بالأقوال فقط، وإنما تنزل مساعدات على غزة وتقسم ميناء عائما، ولأول مرة تفرض عقوبات على مستوطنين، "وتوجد تسريبات حول إبطاء تزويد أسلحة لإسرائيل وحظر محتمل على استخدام سلاح أميركي في رفح. وهذه خطوات خطيرة تعزز حماس خصوصا".
وأضاف غلبواع أن "نتنياهو يرتكب خطأ بأنه يرد بتشدد على أي ادعاء من جانب واشنطن وبذلك يصعد الأزمة مع إدارة بايدن. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى عقوبات أميركية أخرى، مثل الامتناع عن استخدام الفيتو وإبطاء تزويد السلاح".
وتابع أنه "بدون الولايات المتحدة لن تتمكن إسرائيل من هزم حماس ومواجهة إيران وحزب الله. ويجب تقليص الخلافات في الغرف المغلقة ومن دون اعتبارات سياسية داخلية. ونتنياهو يعرف هذه المعادلة، وبدلا من مواجهة الولايات المتحدة، كان من الأفضل أن يتواجه مع بن غفير وسموتريتش، ويثبت أنه يسيطر عليهما وليس العكس".