الثلاثاء  03 كانون الأول 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أكثر من 2 مليار شيقل مديونية الحكومة الفلسطينية لصالح القطاع الصحي والأخير يلجأ للاقتراض من البنوك

2024-04-07 10:02:43 AM
أكثر من 2 مليار شيقل مديونية الحكومة الفلسطينية لصالح القطاع الصحي والأخير يلجأ للاقتراض من البنوك
تعبيرية

خاص الحدث

بلغ مجمل التزامات ومديونيات الحكومة الفلسطينية العامة حتى أكتوبر 2023؛ نحو 7 مليار دولار أمريكي، من ضمنها 1.3 مليار دولار مجموع المتأخرات لصالح الموردين من القطاع الخاص، وفق ما أعلن رئيس الحكومة محمد مصطفى مؤخرا.

ومديونية الحكومة لصالح القطاع الصحي بما يشمل المستشفيات الخاصة والأهلية واتحادي الصناعات الدوائية وموردي الأدوية والتجهيزات الطبية؛ تؤثر على أبسط حقوق المواطنين في الحصول على العلاج، وسط فشل إنهاء الأزمة المتراكمة لصالح هذا القطاع منذ سنوات، تارة تتنصل وزارة المالية من تنفيذ الاتفاقات المبرمة بالخصوص وتارة تلقي الأزمة المالية للحكومة ثقلها، خاصة وأن الأزمة متراكمة وليست حديثة.

وبلغت مديونية شركات الأدوية والتجهيزات الطبية والمخبرية في فلسطين، حتى تاريخ كتابة هذا التقرير نحو 850 مليون شيقل، وذلك نتيجة تراكم وتضاعف الديون بشكل غير مسبوق خلال السنوات الماضية من بينها 170 مليون شيقل لصالح قطاع الصناعة الدوائية. في حين تتجاوز المديونية لصالح المستشفيات الخاصة والأهلية المليار و300 مليون شيقل.

يذكر، أن أزمة مديونية شركات الأدوية والتجهيزات الطبية والمخبرية بدأت بالتفاقم منذ عام 2019 حيث بلغت في حينه 350 مليون شيقل وتضاعفت إلى 520 مليون شيقل في العام 2020، وفي العام 2021 وصلت إلى 620 مليون شيقل، وفي بداية العام 2023 وصلت إلى 761 مليون شيقل.

وقال مدير عام اتحاد الصناعات الدوائية عوف عوض الله، في مقابلة خاصة مع صحيفة الحدث، إن هذه المديونية أثرت على قدرة الشركات على الاستمرارية في الالتزام بما تبقى للتوريد من العطاءات المحالة لوزارة الصحة، مع الأخذ بعين الاعتبار العطاءات التي تم طرحها للعام 2024، والتي ستضاف إلى مديونية الشركات.

وأضاف عوض الله، أنه وفي حال لم تستطع الحكومة الالتزام بدفع هذه المبالغ أو استمرت نسبة الدفعات الشهرية 1.7%، وفي حال استطاعت الشركات توريد ما تبقى من العطاءات السابقة والعطاءات الحالية 2024، فستقفز المديونية إلى المليار ومائتي مليون شيقل، وهو ثاني أكبر دين على خزينة الدولة، بعد التحويلات الطبية للعلاج الخاص.

وأكد، أن استمرار هذه المديونية المتراكمة، سيؤثر بشكل حقيقي على قدرة الشركات بشأن الدخول في العطاءات المستقبلية، وكذلك على ملاءتها المالية والاستمرار في إنتاج بعض الأصناف من الأدوية المطلوبة لوزارة الصحة، وعدم القدرة على شراء المواد الخام، أو استيراد الأدوية بشكل عام، وخاصة فيما يتعلق بالالتزام بالتوريد لمستودعات وزارة الصحة، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى نقص في الأدوية واللوازم الطبية، حيث أن نقص هذه الأدوية والمستلزمات هو أكثر خطورة من أي شيء آخر، ويمس حياة المواطنين ويسلبهم أبسط حقوقهم في الحصول على العلاج، وسيرفع فاتورة التحويلات الطبية للعلاج الخاص.

وأشار إلى أن لا إمكانية لقطاع الأدوية على تحمل هكذا مديونية، خاصة وأن سقف الاستدانة من البنوك قد وصل حده الأعلى. كما سيؤدي إلى خسارة الشركات الفلسطينية لبعض وكالات الأدوية العالمية، وقد تنهار بعض الشركات أو يتم الحجز عليها من البنوك في حال العجز عن تسديد الأقساط المستحقة على الدين الممنوح لها.

من جانبه قال المدير التنفيذي لاتحاد موردي الأدوية والتجهيزات الطبية مهند حبش، إنه سابقا، كانت هناك آلية للتسديد، ولكن الدفعات التي قدمتها الحكومة لا تتلاءم مع حجم المديونية الكبير، حيث إن معدل هذه الدفعات لا يتجاوز الـ (3%) من القيمة الإجمالية، مع العلم بأن هذه الدفعات، يستخدم معظمها لتمويل مشتريات الشركات من الأدوية واللوازم التي تحتاجها مرافق وزارة الصحة أي بشكل أو بأخر تعود لوزارة الصحة على شكل توريد للأدوية واللوازم والتجهيزات الطبية والمخبرية.

وأشار إلى أنه بتاريخ 2/3/2023 تم توقيع اتفاق من الاتحادين مع وزارتي المالية والصحة مضمونه أن تقوم وزارة المالية بدفع دفعة إسعافية بقيمة 20 مليون شيقل خلال شهر 3/2023، وتوفير دفعات شهرية بقيمة 30 مليون شيقل، تبدأ من شهر 03/2023، ودفعة إسعافية أخرى بقيمة 20 مليون شيقل خلال العام 2023، وهي وللعلم فقط الحد الأدنى للدفعات على أنه في حال حصول انفراجة في الأزمة المالية للحكومة وباستلام أموال المقاصة المحجوزة أو غيرها، يتم تسديد كامل المستحقات، وهو ما لم يتم الالتزام به.

وأوضح حبش، أن الحكومة قامت على مدار العام 2023 بدفع 279.2 مليون شيقل، في الوقت الذي التزمت فيه الشركات بالاستمرار في عملية التوريد بسلاسة ودون أي معيقات والدليل على ذلك الارتفاع المتواتر للمديونية حتى وصلت إلى 850 مليون شيقل حتى تاريخه وفي المقابل التزمت وزارة الصحة بدفعة شهرية بقيمة 15 مليون شيقل (نسبة الدفعة 1.7%).

وأشارت شركات الأدوية والتجهيزات الطبية والمخبرية في فلسطين لـ "صحيفة الحدث"، إلى أنها "دائما الطرف الذي يتقدم باقتراحات وحلول للخروج من الأزمة؛ فقد اقترحنا فكرة السندات الحكومية التي أنهت المديونية بداية العام 2017 بالرغم من تكلفة تسييل هذه السندات التي دفعتها الشركات"، ومع نهاية شهر آب من العام 2022، ومن خلال لجنة مشكلة من وزير المالية تضم الاتحادين والوزارتين تم الوصول إلى الاتفاق بين أعضاء اللجنة بالإجماع على تأمين قرض مالي حكومي تأخذه وزارة المالية لسداد المديونية المتراكمة، وفي المقابل تلتزم الشركات بمنح خصم على شكل (توريد أدوية مجانية) بما قيمته (8%) من المديونية بدل فوائد بنكية لمدة عام، ولكن للأسف لم يتم المضي قدما بتنفيذ هذا الاتفاق من قبل وزارة المالية".

وأوضحت، أنه "وفي بداية العام 2024، ومن منطلق المسؤولية الوطنية والمهنية، وللوصول إلى حلول جذرية للخروج من الأزمة الصحية والمالية الخانقة، وللمحافظة على مخزون استراتيجي من الأدوية واللوازم والتجهيزات الطبية والمخبرية في مستودعات وزارة الصحة والمخزون الاستراتيجي لحالات الطوارئ في مستودعاتنا واستمراراً لالتزام الشركات بالتوريد مع قلة الدفعات التي لا تتناسب وحجم المبالغ الموردة خلال السنوات الماضية؛ فقد تقدمنا، في اتحادي الصناعات الدوائية واتحاد موردي الأدوية، بإعادة طرح مقترح لوزير المالية في حينه لبحث إمكانية حصول الحكومة على قرض تجميعي من البنوك بقيمة أرصدة المديونية، وتسديده للشركات بحد أقصى حتى نهاية العام 2024، مع التزامنا كشركات أدوية بتسديد الفوائد البنكية المستحقة على هذا القرض لمدة عام.

وأشارت إلى أن ذلك كان كآخر الحلول الممكنة من طرف الاتحادين لتمكين الشركات من المضي قدماً والاستمرار في توريد الكميات المحالة على العطاءات السابقة، وضمان المشاركة في العطاءات المستقبلية، ولكن لم تتلق أي جواب حتى اللحظة.

وأكد حبش وعوض الله، لـ صحيفة الحدث، أن الاتحادين، "على يقين تام وتفهم للأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها الحكومة، بسبب الحصار السياسي والاقتصادي المفروض علينا، وندرك كذلك صعوبة الأوضاع التي تمر بها البلاد في ظل حرب الإبادة التي تُمارس من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، وخصوصا في قطاع غزة.

وقال رئيس اتحاد المستشفيات الخاصة والأهلية يوسف التكروري، في لقاء خاص لـ صحيفة الحدث، إنه قبل 3 أعوام وضعت المستشفيات الأهلية والخاصة إمكانياتها تحت تصرف وزارة الصحة (خلال فترة جائحة كورونا)، وهي فترة عانى منها كل القطاع الصحي، وكذلك هناك تعاون وثيق فيما يتعلق بالتعامل مع الإصابات خلال المواجهات خاصة ما بعد السابع من أكتوبر، وهذا أثر بشكل كبير على عمل المستشفيات في ظل تراكم المديونية.

وأضاف تكروري، أنه رغم صعوبة الأوضاع، إلا أن هناك التزاما وطنيا إنسانيا ومهنيا تجاه المواطنين الفلسطينيين وتقديم الخدمات لهم، وبحسب التكروري، فإنه منذ شهر فبراير 2023؛ كان هناك اتفاق مع وزارتي المالية والصحة بتسديد دفعات شهرية ثابتة حتى لو كانت قليلة، وذلك لضمان برمجة المستشفيات الحدّ الأدنى من مديونيتها لحين حدوث انفراجة، وبشكل فعلي التزمت وزارة المالية بالدفعات الشهرية المتفق عليها لصالح المستشفيات حتى السابع من أكتوبر 2023.

وأوضح، أنه بعد بدء الحرب الأخيرة على قطاع غزة؛ لم تلتزم الحكومة بالدفعات الشهرية المستحقة لصالح المستشفيات الأهلية والخاصة، مشيرا إلى أن دفعات بسيطة للغاية وصلت من الحكومة "لا تكاد تسمى دفعات".

ووفق رئيس اتحاد المستشفيات الخاصة والأهلية؛ فإن المستشفيات من منطلق وطني وأخلاقي ومهني غير قادرة على وقف التدخلات الطبية بسبب عدم وجود أموال، وهذا يشكل تحديا كبيرا بالنسبة للمستشفيات، مؤكدا أن المستشفيات لا يمكن أن ترفض تقديم الخدمات الطبية للمواطنين رغم صعوبة العمل، موضحا: نحن لجأنا إلى خطة طوارئ تقتضي الاقتراض من البنوك العاملة في فلسطين.

وأكد التكروري، أن معظم المستشفيات الخاصة إن لم تكن جميعها لجأت إلى الاقتراض من البنوك من أجل توفير الأدوية والمستلزمات الطبية، و"قمنا برفد المخازن في المستشفيات وبالذات بعد السابع من أكتوبر بعد طلب من وزيرة الصحة السابقة مي الكيلة بضرورة وجود مخزون من الأدوية والمستلزمات الطبية بسبب الوضع الراهن لفترة لا تقل عن 4 إلى 6 أشهر".

ويرى التكروري، أنه في الوضع الطبيعي "كنا نذهب باتجاه الضغط على الحكومة بالخطوات المشروعة؛ والتصعيد والتهديد بوقف الخدمات والإضراب للمطالبة بالحقوق، ولكن في ظل وجود حالة طوارئ والحرب المتواصلة والاعتداءات في الضفة الغربية فإن هذا الخيار بعيد في الوقت الراهن".

ونوه إلى أن المستشفيات الخاصة والأهلية ليست في حالة رفاهية، كما يظن كثيرون، "ونحن نعاني بشكل كبير والوضع المالي صعب جدا، ولكن واجبنا الأخلاقي والمهني يحتم علينا في ظل الظرف الحرج الذي يعيشه الفلسطينيون استمرار تقديم خدماتنا، وهذا جعلنا نلجأ لخطة طوارئ بالاقتراض من البنوك دفعنا فيها فوائد ومرابحات لهذه البنوك من أجل تزويد المستشفيات بالأدوية والمستلزمات الطبية".