الأربعاء  27 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تَابوتُ الماءِ

2015-06-02 04:07:26 PM
 تَابوتُ الماءِ
صورة ارشيفية
وسيم الكردي
 
عَلى وَجَعٍ
كأنَّ الريحَ تَحْمِلُهُ كَتَابوتٍ
يَحُدُّ المَوتَ مَغْرِبُهُ وَمشْرِقُهُ
 
يَنِزُّ كَأنَّهُ حِبْرٌ،
يُريقُ الحُلْمَ ذاكرةً على مَوجٍ،
فَتَنْهَبُهُ خَيالاتٌ،
تُمَزِّقُ حُلمَهِ حِيناً وَأحيَانَاً تُرَتِقُهُ
 
كأنَّ المِلحَ لا يَسري على وجعٍ سيُضْمِرُهُ،
كأنَّ المِلحَ قدْ يَطفو عَلى حَرفٍ يدَوِّرُهُ،
كأنَّ الماءَ يَبْلعُهُ ويَشْرُقُهُ
 
عَلى مَهلٍ يَجيئُ المَوتُ،
مِثْلَ الليلِ حِينَ يَغارُ مِنْ دَمِّهَ فَيَسْرِقُهُ
 
على مَهلٍ يَطُوفُ بِهِ،
يُهدْهِدُهُ،
يُسَهِّدُهُ،
على مَهلٍ يُفَرِّقُهُ
 
كأنَّ البَحرَ يُبهِمُهُ،
وَيُغري ليلَهُ صُبْحَاً،
فيَأسِرُهُ وَيَعْتِقُهُ
 
كأنَّ البَحرَ فَاضَ بهِ،
على حَدَّيِهِ لاذَ بِهِ،
حِكايتُهُ تُؤرِّقُهُ
 
كأنَّ البَحرَ تَابوتٌ سماويٌ،
يَفيضُ دَمَاً، يَهُزُّ المَوجَ غَارقُهُ
 
على وَرَقٍ بلا حبرٍ،
بلا لونٍ، بلا ذِكْرٍـ بلا صمتٍ، بلا وقتٍ، بلا زمنٍ وَلا حرفٌ يُرافِقُهُ
 
تَنِزُّ الغَيْبَ جُثَّتُهُ،
تُداري عَنهُ ما قدْ عَنَّ مِنْ ذِكْرٍ،
وَتَحْكي مَا تُفارِقُهُ
 
فَيَطفوَ فَوقَ ذَاكرةٍ تَبُوحُ بِصمتِها حيناً،
فَيُسكِتَها، فَتُنْطِقُهُ
 
مُبَلَّلَةٌ رَسائلُهُ،
على وجعٍ سينشُرها،
بِحِبرِ الرُوحِ تَلْعَقُهُ
 
لعلَّ القَولَ قدْ يَأتي، فلا نأتي،
لعلَّ الصوتَ قدْ يمضي بِصمتٍ ذَابَ مَنطقُهُ
 
كأنَّ الصَمتَ مِحْبَرَةً، تُدَوِّنُهُ وَتَهْرِقُهُ وَتَلْعَقُهُ وتَشْهَقُهُ وَتُزهِقُهُ
 
سَيكتُبُها وَتَكْتُبُهُ
وَيُسْكِتُها تُمَنْطِقُهُ
 
على مَهلٍ تَسيلُ بِهِ، على مهلٍ تداعبُهُ، عَلى مَهلٍ ترافِقُهُ
 
كأنَّ المَوتَ لاحَ بهِ، كأنَّ الموتَ رقَّ لَهُ عَلى مَوجٍ يُعَلِّقُهُ
 
رحيلُ الماءِ كانَ دَمَاً، يراوغُ شطَّهُ حيناً، وأحياناً يُلَملِمهُ
على الموجاتِ يَدْلقُهُ
 
لعلَّ الريحَ رَاحِلةٌ، لعلَّ الريحَ ماضيةٌ، لعلَّ الريحَ عابرةٌ
إلى مَا ليسَ تَعْشقُهُ
 
كَأنَّ البُطءَ يُمْهِلُهُ، ويسحبُهُ، يؤخِّرهُ
بِلا وَقعٍ، يمزِّقُهُ
 
يَجيءُ المَوتُ مُنْسَلَّا     فَيَبْلَعُهُ وَيَرْشُقُهُ
على مهلٍ يَجيءُ لَهُ،    على مهلٍ يُعانقُهُ
جُنونُ البَحرِ يَجرفُهُ،     جُنونُ الموجِ يُطلِقُهُ
عَلى مَهلٍ يَقينيٍ                يَجيءُ الغيبَ طَارقُهُ
فَيَحملُ أمسَهُ            مِزَقَاً كأنَّ الشكَّ راتِقُهُ
وَيَحْمِلُ لاهثاً غدَّهُ؛      يَقينُ الشَكِّ يَرمُقُهُ
 
على مهلٍ يسيلُ الماءُ حيثُ تسيرُ جُثتُهُ
تُحاكي سَيرَ قصَّتِهِ،
ولم تُبْقِ سوى ما ظَلَّ منْ حبرٍ على أشلاءِ أوراقٍ تُعانِقُهُ
من ديوان: "في ما لا يُرى سأراك"