الحدث- محمد مصطفى
لم ييأس الشاب محمود أبو عوض، من انعدام فرص العمل في قطاع غزة، ورفض أن يصبح كغيره من الشبان، عاطلاً عن العمل، يجلس على نواصي الشوارع، أو يقضي وقته متمسمراً خلف شاشة الحاسوب، بتنقل بين مواقع التواصل الاجتماعي.
مهنة شاقة
أبو عوض، استغل قوته الجسدية، للعمل في أكثر المهن مشقة في قطاع غزة، وأقلها من حيث العائد المادي، فوفر مطرقة كبيرة، وراح برفقة أحد أصدقائه يبحثون عن المنازل المدمرة وما أكثرها بعد العدوان!، ليقوموا بتحطيم وتفتيت الكتل الخرسانية "باطون"، من أجل إخراج قضبان الحديد من داخلها، ومن ثم تعديلها وبيعها لمن يرغبون في إنشاء مساكن جديدة.
أبو عوض أكد أنه لم يرغب أو يفكر يوماً بالعمل في مثل هذه المهنة الشاقة، لكن صعوبة الأوضاع، وقلة فرص العمل دفعته للتفكير بها، وقد نجح في غضون ثلاثة أشهر في استخراج مئات القضبان من سماكات وأطوال مختلفة، بحيث ينقلها جميعاً إلى ساحة بجانب منزله، وهناك يقوم بتعديلها ومعالجتها، وفرزها حسب السمك والطول لبيعها.
ولفت إلى أن ارتفاع تكاليف البناء، في ظل الأسعار الخيالية للاسمنت، تدفع المواطنين للبحث عن مواد بناء رخيصة، والقضبان المعدلة غالباً ما تجد من يبحث عنها لشرائها.
وأوضح أنه يخرج يومياً برفقة صديقه، ويستقلون دراجة نارية ثلاثية العجلات "توك توك"، ويبحثون عن المنازل المدمرة أو أكوام الركام، ويتوجهون إلى الكتل الخرسانية، سواء أسطح أو أعمدة من الباطون المسلح، ويبدءا بالتناوب على طرقها بمطرقة كبيرة، وبخبرتهما يستطيعان إخراج القضبان من داخلها.
أما الشاب نضال سلطان، وكان ينقل القضبان المعدنية بوساطة دراجته، فأكد أنه لا يفكر مطلقاً في ترك هذه المهنة رغم مشقتها، فبفضلها استطاع توفير متطلبات أسرته، وتحسنت أوضاعهم المعيشية، بعد أن كان لا يجد قوت يومه.
وأكد سلطان، أن القضبان المستخدمة توفر لقمة العيش له ولأمثاله من الشبان العاطلين، كما أنها تساعد في تقليل تكاليف البناء التي ترهق كاهل المواطنين.
سلعة رخيصة
من جانبه أكد المواطن يوسف شيخ العيد، وقد تضرر منزله بسبب العدوان الإسرائيلي الأخير، أنه حصل على كمية من الاسمنت من وزارة الأشغال، وبدأ بإصلاح أضرار منزله، ونظرا لكلفة الإصلاح العالية، اضطر لشراء حديد مستخدم، بنص ثمن الحديد الجديد.
وأوضح شيخ العيد أنه أتم إصلاح الأضرار، وأنشأ جدران جديدة، مستعيناً بالحديد المستخدم، الذي يحقق نفس غرض القضبان الجديدة كما أخبره البناء.
ولفت إلى أنه ينوي في حال قرر توسيع عملية البناء مستقبلاً، شراء مزيداً من القضبان المستعملة، فهي توفر عليه الكثير من تكاليف البناء.
يذكر أن العدوان الإسرائيلي الأخير خلف آلاف الأطنان من الركام، وقد ناشدت الجهات المعنية بغزة، الدول المانحة بمساعدتها في رفع وإزالة هذا الركام، نظراً لكلفة هذه العملية العالية، وحاجتها لمعدات وجرافات، معظمها غير متوفر في القطاع المحاصر.