الحدث - قيس أبو سمرة
لنحو ثلاث ساعات، والسيدة المقدسية، هنية الجعبي، عالقة على حاجز قلنديا العسكري، الفاصل بين رام الله والقدس، بعد أن منعها الجيش الإسرائيلي من عبوره مع حفيدها، ملخصة قصة معاناة آلاف الفلسطينيين الذين يعبرون الحاجز من وإلى القدس، يوميا.
الجعبي (57عاما) والتي تسكن مدينة القدس تقول لـ"الأناضول" "خرجت اليوم لزيارة ابنتي التي تسكن مدينة رام الله مصطحبة حفيدي البالغ من العمر 7 سنوات، وعند العودة منعت من عبور الحاجز".
تضيف السيدة بينما يبدو التعب ظاهرًاعلى وجهها، "هذا طفل في السابعة من عمره لم يسمح لي بإدخاله معي رغم أنه من سكان القدس ويتحججون بعدم حمله لكوشان (أوراق رسمية) يثبت شخصيته".
وتقول السيدة "والده ووالدته خارج القدس الآن وأنتظر عودتهم للبيت لإحضار الكوشان، ليتسنى لنا دخول الحاجز".
ولم تشفع توسلات السيدة للجنود بالسماح لهم بعبور الحاجز، حتى أنهكت واتكأت على كرسي بإحدى زوايا الحاجز، منتظرة زوجة نجلها لإحضار الكوشان.
وعلى الحاجز شاب فلسطيني من مدينة نابلس (شمال)، يودع خطيبته التي تسكن في مدينة القدس ممسكا باقة ورد كانت قد أهدته إياها بعد لقاء جمعهما في مدينة رام الله، حسب قوله.
الشاب حمزة ترياقي (25 عاما) يقول "أمنع من دخول مدينة القدس، لا استطيع زيارة خطيبتي كغيري، نلتقي برام الله، أو أن تأتي هي لزيارتي في نابلس".
ويضيف " كنت آمل أن أقيم حفل خطوبتي بمدينة القدس، وأن يخرج موكب زفافي من المدينة المقدسة، لكن وجود الحاجز العسكري وجدار الفصل العنصري حطم ذلك".
واستطرد قائلا "لكن لم تنكسر إرادتنا، سنحب ونفرح ونتزوج وسينتهي هذا الاحتلال يوما".
ولكلّ مواطن يقف على الحاجز وينتظر أوامر الجنود للعبور والتفتيش حكاية، فآلاف الفلسطينيين من سكان القدس والضفة الغربية يعبرون الحاجز، فيما يتوجب على سكان الضفة الغربية حمل تصاريح خاصة تصدرها الجهات الإسرائيلية.
ويمر الفلسطينيون عبر المسالك بينما يجلس الجنود في غرف مكيفة محصنة، وتنتشر في أرجاء الموقع عشرات كاميرات التصوير، أما التصاريح فتمنح للفلسطينيين وفق شروط خاصة.
انتصار وزني (58 عاما) من سكان مخيم قلنديا للاجئين تقول لمراسل الأناضول، "نمضي هنا أوقاتا صعبة لكي نتخطي بضعة أمتار، للوصل إلى مدينة القدس المحتلة".
وتضيف "نخضع لمزاج الجنود، يمكنه أن يحتجزك لعدة ساعات دون سبب، هؤلاء (الجنود الإسرائيليون) يستمتعون بمعاناتنا".
وتقصد السيدة مدينة القدس يوميا لأداء صلواتها بالمسجد الأقصى المبارك، بحسب قولها.
وكان الجدار الإسرائيلي الفاصل، عزل عدة إحياء كانت تتبع مدينة القدس خارج الجدار، مما زاد معاناة السكان الذين بات يتوجب عليهم العبور من خلال الحاجز يوميا للعمل والتعليم والتواصل مع أقاربهم.
سلطان الضميري، طالب في مدرسة بيت حنينا بالصف الثامن، يقول لمراسل الأناضول بينما كان عائدا من مدرسته، "يوميا أتعرض للتفتيش، يقوم الجنود بتفتيش حقيبتي ويفتشونني من أسفل قدمي حتى رأسي".
ويضيف الضميري الذي يسكن حي المطار خارج الجدار" أتعرض للمضايقات، وحتى الجنود يكذبونني مدعين أنني أحمل كوشانا مزورا، يتصلون على والدي أسبوعيا بحجة الـتأكد من هويتي".
ويتابع "يوميا أصل مدرستي متأخرا، وأعود منهكا، بالعادة قبل بناء الجدار والحاجز كنت أصل مدرستي خلال 15 دقيقة، احتاج اليوم إلى ساعة ونصف".
من جانبها تقول الطالبة حنان غيث "8 سنوات" بينما كانت عائدة من مدرستها برفقة شقيقها "الحاجز معاناة، كل يوم بفتشونا وبأخرونا".
ويضطر الفلسطيني للمرور عبر ممرات خاصة، ودواليب، ونقاط تفتيش إلكترونية والخضوع لفحص وتدقيق في البطاقات قبل اجتياز الحاجز، في المقابل يخصص جزء من الحاجز لعبور المركبات التي تحمل الرقم الإسرائيلي.
ويعد مفترق حاجز قلنديا من أصعب الطرقات في الضفة الغربية لما يتسببه الحاجز من أزمة مرورية خانقة.
وبُني الحاجز في العام 2001 بعد اندلاع انتفاضة الأقصى المبارك، وبات من أكبر الحواجز العسكرية بالضفة الغربية وأسوئها سمعة.
الأناضول