الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تحقيق لـ”نيويورك تايمز” يكشف عن مخاطر الإرهاب اليهودي على الفلسطينيين في الضفة ونظام إسرائيل “الديمقراطي”

2024-05-16 04:28:46 PM
تحقيق لـ”نيويورك تايمز” يكشف عن مخاطر الإرهاب اليهودي على الفلسطينيين في الضفة ونظام إسرائيل “الديمقراطي”

الحدث الإسرائيلي

 كشف تحقيقٌ لصحيفة “نيويورك تايمز” أن القوى الهامشية المتطرفة في المجتمع الإسرائيلي، التي أصبحت جزءاً من التيار الرئيس في السياسة الإسرائيلية، لم تعد فقط خطراً على حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية، بل على مستقبل إسرائيل والديمقراطية فيها.

وفي تقرير أعدّه رونين بيرغمان ومارك مازيتي حول التحقيق الذي استمر عاماً بعنوان “أفلت من العقاب”، قالا إن إسرائيل نظرت، وعلى مدى العقود الماضية، لـ “الإرهاب الفلسطيني” بأنه أكبر خطر على الأمن، مع أن هناك تهديداً جديداً وأكثر خطراً على مستقبل إسرائيل كديمقراطية، نابعاً من الإرهاب والعنف اليهودي وفشل الدولة بفرض القانون ضده.

وقالا: “كشف تحقيقنا، وعلى مدى عام، كيف أصبحت فصائل العنف داخل حركة الاستيطان، والتي دعمت وتلقت الحماية أحياناً من الحكومة، تشكّل تهديداً خطيراً على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وعلى إسرائيل نفسها. ومن خلال جمْع وثائق جديدة، وأشرطة فيديو، ومقابلات مع  100 شخص، وجدنا أن الحكومة تهزها حربٌ داخلية، ودفن التقارير التي طلبتها، وتحييد التحقيقات التي وقعت عليها، وتكميم أصوات من يعلن عنها، بعضهم مسؤولون بارزون”. وهي رواية صريحة، كَشَفَ عنها أحياناً مسؤولون إسرائيليون تحدثوا عن الكيفية التي بات فيها الاحتلال يهدد نزاهة وديمقراطية البلد.

وقال المسؤولون إن جماعات الاستيطان التي كانت على الهامش، وتتبنّى فكرة إنشاء دولة دينية، سمح لها بالعمل، وبدون قيود أحياناً. فمنذ تشكيل بنيامين نتنياهو ائتلافه، في عام 2022، سيطرت عناصر من هذا الفصيل المتطرف، حيث بات يدفع سياسات الحكومة، بما فيها تلك المتعلقة بحرب غزة.

وأصبح خارقو القانون هم القانون، ومن هؤلاء بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية في حكومة نتنياهو، الذي اعتقلته شين بيت في عام 2005 بتهمة التخطيط لوضع حواجز على الطرق من أجل منع انسحاب إسرائيل من غزة، وأفرج عنه لاحقاً بدون توجيه تهم له. كما أدين وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير عدة مرات لدعمه منظمات إرهابية، وهدد بطريقة غامضة، وأمام عدسات التلفزيون، عام 1995، بقتل رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إسحاق رابين، والذي اغتيل بعد أسابيع لاحقة على يد طالب ديني إسرائيلي.

وكشف التحقيق عن حماية عنف المستوطنين ودعمه أحياناً. ومن الناحية النظرية، يخضع المستوطنون لنفس القانون العسكري الذي يطبق على السكان الفلسطينيين. ومن الناحية العملية فهم  محميون بناء على القانون المدني في إسرائيل والمطبق في داخلها. وهذا يعني قيام شين بيت بالتحقيق في حادثين إرهابيين، أحدهما ارتكبه إرهابي يهودي والآخر ارتكبه فلسطيني، ومن هنا يستخدم أدوات تحقيق مختلفة في الحالتين.

وتقوم “الدائرة اليهودية” في شين بيت بالتحقيق في الإرهاب اليهودي، لكن حجمها ومكانتها لا تشبه “الدائرة العربية”، وهي الفرقة الموكل إليها مواجهة الإرهاب الفلسطيني. فاليهود الذين تورطوا، خلال العقود الماضية، في هجمات إرهابية ضد العرب، حصلوا على معاملة متساهلة، بما في ذلك من تخفيف أحكام السجن وفقر في التحقيق وعفو عام.

وتخضع صلاحية التحقيق في عنف المستوطنين، مثل حرق العربات وقلع أشجار الزيتون للشرطة، التي غالبا ما تتجاهلها. وعندما تقوم الدائرة اليهودية بالتحقيق في حوادث إرهابية خطيرة، عادة ما تعرقل جهودها، ومنذ بداية التحقيق، ولو نجحت بالتوصل إلى نتائج تقوّض بأحكام من القضاة والساسة المتعاطفين مع حركة الاستيطان.

وقال الكاتبان، إن العمل بنظامين مختلفين بدا واضحاً أكثر في العام الماضي. وقاما بمراجعة عدد من الحالات في الضفة الغربية، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وكشف عن تدهور النظام القانوني. ففي الحالات التي تتعلق بسرقة المواشي وحرق الممتلكات لم توجه أية تهمة للفعلة. وفي حالة قام بها مستوطن بإطلاق النار على فلسطيني وأصابه في معدته، وأمام سمع وبصر جندي إسرائيلي، قامت الشرطة فقط بالتحقيق مع القاتل لمدة 20 دقيقة، وبدون اعتباره مشتبهاً به بارتكاب جريمة.

ويقول عامي أيلون، مدير شين بيت في نهاية التسعينات من القرن الماضي، إن قادة الحكومة “أعلموا شين بيت بأن مقتل يهودي، يعتبر أمراً رهيباً، ولو قتل عربي فهذا ليس جيداً، لكنه لن يكون نهاية العالم”.

وكشف التحقيق عن عمليات تكميم  أفواه النقاد، ودفن نتائج التحقيق، ففي عام 1981، وبعد قيام مجموعة من الأساتذة الجامعيين في القدس بإبداء قلقهم حول إمكانية تصادم المستوطنين والسلطات، وما أطلقوا عليه نشاط “الرقابة الأمنية الخاصة” ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، طلب من جوديث كارب، نائب المدعي العام في حينه، للواجبات الخاصة بقيادة لجنة للنظر في الموضوع. ووجد تقريرهم حالة بعد الأخرى من التعدي على ممتلكات الآخرين والابتزاز والهجوم والقتل، في وقت لم تقم فيه الشرطة ولا قوات الجيش بالتحقيقات أو قامت بتحقيقات ظلت مجمدة. ووبخ وزير الداخلية أعضاء اللجنة، وعلقت كارب: “فهمت أنه يريد منا إهماله”.

ولقي تقرير أعدّ بعد عقدين نفس المصير. ووجدت تاليا ساسون التي طلب منها تقديم رأي قانوني حول الكتل الاستيطانية غير الرسمية، أن وزارة الإسكان والإعمار قامت، خلال ثلاث سنوات أو أكثر، بالموافقة على عشرات العقود غير القانونية في الضفة الغربية. ودفعت الوزارة في بعض الأحيان تكاليف البناء. ووصفت ساسون وفريقها من وزارة العدل لقوانين المنفصلة التي يتم من خلالها إدارة الضفة الغربية بأنها “مجنونة مطلقاً”. ولم يكن للتقرير أي أثر على آلة سياستها توسيع الاستيطان في الضفة الغربية.

وكشف التقرير عن جيل من المستوطنين المتطرفين الذين يهدفون إلى تمزيق إسرائيل كدولة ديمقراطية واستبدالها بنظام ملكي، وبناء المعبد بعد هدم المسجد الأقصى في القدس، وتبني قانون ديني.

وكان هذا الهدف واضحاً، حيث قال ليور أكرمان، المسؤول السابق في شين بيت: “هذه الجماعات المتوحشة ستتحول من التنمر على العرب، إلى تدمير الممتلكات والأشجار، وأخيراً القتل”.

وفي وثيقة سرية اطّلعت عليها الصحيفة، وأعدّت في تشرين الأول/أكتوبر، كتب الجنرال يهودا فوكس، قائد القيادة المركزية الإسرائيلية التي تشرف على الضفة الغربية، وأرسلها إلى رئيس هيئة الأركان في الجيش حذر فيها من أن تزايد الإرهاب اليهودي، والعنف الذي نفذ انتقاماً لهجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، “قد يشعل النيران في الضفة الغربية”.

وتَصِفُ وثيقةٌ أخرى لقاءً في آذار/مارس، عندما كتب فوكس أن الجهود الرامية لتقييد بناء المستوطنات غير الشرعية قد تضاءلت منذ تولي سموتريتش وزارة المالية، “لدرجة أنها اختفت”.

 وتختم الصحيفة بالقول إن غزة أعادت تركيز انتباه العالم على فشل إسرائيل بمعالجة مسألة الحكم الذاتي الفلسطيني، ولكن في الضفة الغربية، التي باتت في يد مستوطنين يشعرون بالجرأة، وبعضهم في السلطة، انكشفت وبوضوح الآثار المدمرة للاحتلال على الفلسطينيين، وحكم القانون في إسرائيل.