الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

حكومة التجنيد الإجباري| بقلم: زياد البرغوثي

2024-05-19 06:48:40 AM
حكومة التجنيد الإجباري| بقلم: زياد البرغوثي
زياد البرغوثي

بعد ثلاثين عاماً من المفاوضات وتعاقب الحكومات والمؤتمرات، وتوقيع الاتفاقيات الاقتصادية من باريس إلى بروكسل، وصلنا إلى ٥٠٪؜ من الراتب واحدى عشرة مليار دولار عجز في الميزانية، ودولة على ارض المقاطعة تنتظر منذ عقود حفل التنصيب في سراديب هيئة الأمم..

لم يمضِ بضعة اسابيع على تشكيل الحكومة الجديدة، هذه الحكومة التى تفردت بالحصول على امتياز ادارة السلطة الوطنية الفلسطينية بعيداً عن مباركة كبار المساهمين وصغار المستثمرين، وقبل ان يلتئم شمل الحقائب والوزراء وجدت حكومة "التكنوقراط” نفسها في مأزق التسليم بشرعيتها إقليمياً ودولياً، وعدم القدرة على تأمين الرواتب والمستحقات، كحال معظم شركات القطاع الخاص التي غرقت في رمال الحرب على غزة وتواجه اليوم صعوبة في التحصيل وشح في الإيرادات والتمويل، ولن يتغير وضعها المالي حتى ينكشف مستقبل المنطقة السياسي وحسم الصراع بين الرواية القرآنيّة والرواية التوراتية..

اليوم مع الحملة المسعورة على شعبنا من سموتريتش ومقاصاته، ومن بن غفير واتباعه، تحولت مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية جميعها، مدنها وقراها ومخيماتها إلى حقل رماية بالسلاح الحي، وساحات تدريب للمستوطنين على أعمال القتل والاعتقال والتنكيل، مع شعور يتنامى بالعجز في مواجهة مصير مجهول غابت عنه رؤية الحكماء ووحدة الموقف ودعم الأشقاء..

لقد انهارت كلّ الإتفاقيات والتفاهمات تحت اقدام بن غفير وأتباعه، ولم يعد هناك خطوط حمراء تضبط القتل اليومي وأعمال البلطجة من حرق الشجر والحجر، يترافق ذلك مع تسارع وتيرة تصدع الجبهة الداخلية، وحالة من اللامبالاة الشعبية وتشتت القوى الوطنية..

على ضوء كل ماسبق وحتى لا تُكرر الحكومة وتغني موال الحكومات السابقة وهي أصلاً لا تتقن فن الغناء، ماذا لو قامت بالتفكير خارج الصندوق بخوض معركة التجنيد الإجباري وفرضه على الشباب الفلسطيني من آجل استنهاضهم وتهيئتهم لمرحلة قادمة، يتدرب فيها على مهارات الفنون القتالية الغير عسكرية، ومهارات القيادة الجماعية، والانضباط في المعسكرات الكشفية لِبث الروح الوطنية، من اجل إعداد قيادات مستقبلية طريقاً لاعادة صياغة المشروع الوطني وترميم الحالة الوطنية، بما يتناسب مع زخم التضامن الشعبي والتأييد الكبير للقضية الفلسطينية في العواصم الغربية..
وبهذا يتحرر هذا الجيل من حالة العجز واللامبالاة، ومن حالة الترهل والانقسامات الفصائلية، وفقدان البوصلة الوطنية..

ومن لم يقتنع بفكرة معركة إعادة صياغة المشروع الوطني وترميم الحالة الوطنية، سيقضي العمر رهينة معركة تحرير الرواتب والأقساط الشهرية..