الحدث الاقتصادي
شهد السوق الفلسطيني ازدهاراً ونمواً كبيراً في الفترة الماضية لتجارة السجائر المهربة، حيث أن هذا النوع من السجائر إما أن يكون مقلدا أو مزورا في بعض الأحيان، وبالتالي فإن الخسائر في عدم ضبط هذا النشاط ومنعه تمتد لتشمل المناحي الاقتصادية والصحية.
وشهدنا في الأشهر الماضية دخول أنواع لم نسمع بها من قبل، فهل أصبح السوق الفلسطيني وجهة رئيسية للسجائر المهربة وأين نحن من مجابهته؟
يذكر، أن هذه المنتجات مهربة غير خاضعة للمواصفات الفلسطينية والفحوصات اللازمة من الجهات المختصة، وهو ما يضاعف الأخطار الصحية على المستهلكين.
والتهريب له العديد من الآثار الاقتصادية السلبية على الاقتصاد الفلسطيني الذي يعاني أصلا، والإيرادات الضريبية والجمركية في تناقص، وهنا تكمن المعضلة، حيث تعتبر الإيرادات الضريبية من السجائر ثاني أكبر مصدر لإيرادات السلطة الفلسطينية.
ويعد ازدهار التجارة غير المشروعة والتهريب للسجائر والتبغ؛ تهديداً رئيسياً وكبيراً للإيرادات المالية للسلطة على المدى القصير والمدى البعيد، وهذا يتطلب وقفة عاجلة، في الميدان ومن خلال العقوبات الرادعة، من جميع الجهات المعنية في مجابهة ومكافحة هذا النشاط الذي يمكن النظر على أنه تهديداً للاقتصاد الوطني.
وفي مقارنة تجارب العديد من الدول في مكافحة نشاطات التجارة غير المشروعة للسجائر المهربة، والتي تسعى إليها الحكومات في سبيل حماية الصحة العامة وفي نفس الوقت تحصيل الإيرادات المالية لاقتصادها، فإن التجربة الأردنية خلال الأعوام الماضية تشكل حافزاً للسلطة الفلسطينية في مكافحة هذه الآفة.
وشهد الأردن في الأعوام من 2015 إلى 2019 زيادة كبيرة في تجارة السجائر المهربة، حتى وصلت إلى حوالي 40% من حجم السجائر المتوفرة في السوق الأردني، وأشار وزير المالية آنذاك، عز الدين كناكرية، خلال تصريح له إلى أن نحو 110 مليون دينار مجمل انخفاض الإيرادات بسبب الدخان المهرب والسجائر الإلكترونية، وهو ما شكل سبباً رئيسياً لتراجع إيرادات الخزينة الأردنية في حينه، ولكن نتيجة لإغلاق المنافذ البرية والجوية التي صاحبت وباء كورونا في العام 2020 التي شهدتها العديد من الدول، ومنها الأردن، بالتالي انخفضت نشاطات تهريب السجائر، حينها أدركت الجهات الأردنية حجم الإيرادات المالية الضريبية والجمركية التي كانت مفقودة نتيجة السجائر المهربة.
وحتى بعد عودة الحياة والنشاطات الاقتصادية إلى طبيعتها بعد وباء كورونا، ما زال الأردن يفرض سيطرة يحتذى بها على تجارة السجائر المهربة، حيث لا تتعدى نسبة السجائر المهربة أو غير مدفوعة الضرائب في السوق الأردني عن 5%، حيث يعتبر إنجازا لا بد من الإشادة به، وهي في نفس الوقت فرصة لجهات السلطة المسؤولة للاستفادة وتبادل الخبرات والاطلاع على الاستراتيجيات والأساليب والتي تم اتباعها للسيطرة على هذه التجارة وتطبيقها في الأراضي الفلسطينية.