السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بين فكي كماشة النظام وكتائب المعارضة المسلحة

الفلسطينيون في سوريا..

2014-02-03 00:00:00
بين فكي كماشة النظام وكتائب المعارضة المسلحة
صورة ارشيفية

دمشق- غسان ناصر

دفع فلسطينيو سوريا ثمناً باهظاً منذ الشهور الأولى للاحتجاجات السلمية السورية، التي سرعان ما اشتعلت، فتعرضوا للاعتقال والتنكيل والخطف والقتل، فضلاً عن مكابدتهم ويلات الحصار والتشريد والتجويع، كما وتعرّضت بيوتهم وممتلكاتهم في كافة المخيمات في دمشق وباقي المحافظات للقصف العشوائي والتدمير الوحشي والنهب والسلب، من قبل طرفي الصراع نظاماً ومعارضة. 

يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وفق تقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) ومؤسّسات المجتمع المدني، أكثر من نصف مليون فلسطيني يقيمون فيها تحت سمة «لاجئ»، والحقيقة التي لا تخفى على أحد أن هؤلاء اللاجئين حظوا بما لم يحظّ به فلسطيني في أي بلد عربي آخر، ولا حتى في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل اتفاقات أوسلو، وصاروا منذ العام 1956 مواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات تتساوى مع المواطن السوري، باستثناء حقي الانتخاب والترشح لمجلس الشعب (البرلمان) والرئاسة، وذلك قبل حكم البعث للبلاد ووصول الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى سدة الحكم.

غير أن احتجاجات السوريين ومطالبتهم بحقوقهم المشروعة ومواجهة النظام لهم بالحديد والنار، أدى إلى تدهور أوضاع عامة الناس في سوريا، ولم يكن الفلسطينيون في آتون هذا الحدث المشتعل استثناء، فوفقاً لتقديرات إحصائية من هيئات حقوقية سورية وفلسطينية فإن عدد الضحايا الذين سقطوا قتلى في الصراع الدائر تجاوزوا الـ(1800شخصاً) - ولا يوجد إحصائيات دقيقة - كما أن ثلاثة أرباع اللاجئين الفلسطينيين تم تهجيرهم من مخيماتهم خلال هذه الاحتجاجات التي اندلعت أوائل شهر آذار/ مارس 2011، بعد أن بات النظام عاجزاً عن استخدامهم كورقة سياسية رابحة في مغامرات إقليمية ودولية، فأنزل من شأنهم كـ»أبناء قضية مقدسة»، ليغدوا مجرد ضيوف يسيئون الأدب والضيافة، وأرقاماً يترصّدها العقاب الذي وصل حد القتل الجماعي جوعاً. 

لم يكن مخيم اليرموك وحده ضحية النظام، فقد تعرض مخيم درعا جنوب سوريا لقصف عنيف من قوات الجيش النظامي، ما أدى إلى نزوح أكثر من %90 من سكانه بسبب القصف العشوائي بالهاون والراجمات والدبابات، كذلك تعرض مخيم العائدين في حمص، ومخيمي خان الشيح وسبينة بريف دمشق لدمار كبير جراء القصف، وهما يخضعان حالياً لسيطرة قوات النظام السوري. 

كما أن قوى المعارضة السورية المسلحة قد مارست انتهاكات واعتداءات بحق المخيمات الفلسطينية، سواء في مخيم اليرموك أو مخيم درعا، أو مخيم حندرات في حلب شمالي سوريا، وأجبرت سكانه على النزوح، بعد أن سيطروا بقوة السلاح على منازلهم.

وقد صرح المفوض العام لـ(الأنروا) فيلبو غراندي مؤخراً، بأن «الحرب الدائرة في سوريا تسببت بتهجير نحو ثلاثة أرباع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا من مخيماتهم، وهنالك نحو 530 ألف فلسطيني سوري مسجلين في سجلات الوكالة بسوريا، نحو %70 إلى %80 منهم مهجّرون الآن، بسبب النزاع في البلاد». 

نكبة اليرموك المتصاعدة .. 

أنشئ مخيم اليرموك عام 1957، على مساحة تقدر ب2 كم مربع أول الأمر، لتوفير سكن لائق للاجئين الفلسطينيين، وهو أكبر تجمع للاجئين في سوريا، ولا يعتبر من حيث تصنيف (الأنروا) مخيماً رسمياً، ويقع في قلب أحياء سورية كثيفة السكان، مثل: الحجر الأسود والتقدم ويلدا وببيلا والتضامن والزاهرة.

ورغم تعرض المخيم لقصف عشوائي عدة مرات في العام الثاني من الاحتجاجات الشعبية السورية، والتي أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين الفلسطينيين، فإن النظام كان يتهم قوى المعارضة بارتكاب هذه الجرائم. إلا أن قصف جامع عبد القادر الحسيني في قلب المخيم في الخامس عشر من شهر كانون الثاني/ ديسمبر 2012 بطيران «الميغ» بعد يومين من دخول ميليشيات مسلحة تابعة للمعارضة السورية، أدى إلى مقتل العشرات من أبناء المخيم بينهم أطفال ونساء، الأمر الذي أدى في اليوم التالي إلى خروج أكثر من %70 من سكان باتجاه مدينة دمشق ولبنان، الذي استقبل الآلاف منهم في ذلك اليوم، بينما بقي في المخيم نحو 30 ألف فلسطيني ومثلهم من السوريين، خرج ثلثهم في الشهور اللاحقة، ليبقى نحو 18 ألف فلسطيني وآلاف من السوريين لم يبق لهم منذ عدة شهور غير أكل القطط والكلاب والأعشاب. 

ومنذ نهاية عام 2012، صار المخيم في قلب الحدث المشتعل، ولم يكن سهلا البقاء على الحياد، فانقسم الفلسطينيون كما نظرائهم السوريين إلى موالين ومعارضين، وهو ما لم يقبله طرفي الصراع السوري، فراح كل طرف يتوعد من يخالف مواقفه من الفلسطينيين، الذين حملوا بدورهم السلاح في وجه «عدوهم المفترض»، ومع الأيام دخل المخيم مقاتلون يتبعون لـ(جبهة النصرة، ولواء أحرار الشام، ولواء أحفاد الرسول، ولواء التوحيد، وألوية الفرقان)، وكل هذه الألوية ذات مرجعيات مختلفة، أما فلسطينياً فقد تعددت المجموعات، غير أن تعداد المقاتلين فيها لا يتجاوز الألف، وأبرز هذه المجموعات، هي المعروفة بكتيبة «أكناف بيت المقدس» والتي تألفت من أعضاء في حركة حماس، تقول قيادة الحركة إنهم صاروا خارج بنيتها التنظيمية، وإن كانت لا تدين ما يقومون به.

وأمّا ما يروج له النظام السوري، وتبناه الوفد الرئاسي الفلسطيني، من وجود مقاتلين يتبعون الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، فلا صحة له على أرض الواقع، والترويج المستمر له من قبل السياسيين السوريين والفلسطينيين سواء من هم في دمشق أو برام الله، من شأنه أن يخدم سياسات الحصار الجائرة التي يذهب ضحيتها العشرات من الفلسطينيين، وتساهم في استمرار وتصاعد النكبة