حرب الاحتلال الاقتصادية تهدد بخنق الضفة الغربية

الحدث الاقتصادي

بموازاة تصاعد التوتر في الضفة الغربية على وقع الحرب في قطاع غزة، تعاني السلطة الفلسطينية أزمة مالية في ظل قيود إسرائيلية متزايدة.

وتواجه الضفة الغربية المحتلة تدهورا متواصلا في الوضع المالي مند اندلاع الحرب على غزة، مع وقف الاحتلال تسليم السلطة الفلسطينية كامل عائدات الرسوم الجمركية التي تقوم بجبايتها لصالحها، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

ويشكو رجال أعمال فلسطينيون من تراجع كبير في عائداتهم منذ اندلاع الحرب في غزة.

وقال عماد رباح الذي يملك مصنعا للبلاستيك إن أرباحه الصافية تراجعت بنسبة النصف خلال عام واحد.

كذلك قال نخلة جبران الذي ينتج العرق إن مبيعاته تراجعت بنسبة 30 بالمئة خلال الفترة ذاتها، مضيفا أن الضفة الغربية تواجه "حربا اقتصادية" بموازاة الحرب في قطاع غزة.

وبموجب اتفاقات السلام التي توسطت فيها النرويج جزئيا في التسعينات، تقوم إسرائيل بجمع الأموال للسلطة الفلسطينية التي تمارس حكماً ذاتياً محدوداً في أجزاء من الضفة الغربية.

وأوقف الاحتلال تسليم السلطة الفلسطينية كامل المبلغ العائد لها من الضرائب والرسوم، متذرعة بأن المال يستخدم من أجل تمويل حركة حماس.

وتحتاج السلطة الى هذه المبالغ لدفع رواتب موظفيها ولتأمين نفقاتها، وفق مسؤولين وخبراء.

وقد يتفاقم الوضع في يوليو، إذ هدد وزير المالية لدى الاحتلال بتسلئيل سموتريتش في أيار بقطع قناة مصرفية حيوية بين الاحتلال والضفة الغربية ردا على اعتراف ثلاث دول أوروبية بدولة فلسطين.

وأبلغ سموتريتش رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بأنه "لا يعتزم تمديد" الضمانات الممنوحة للمصارف الإسرائيلية المتعاملة مع المصارف الفلسطينية لإعطائها حصانة من أي دعاوى قضائية قد تواجهها بتهمة "تمويل الإرهاب".

وهذه الحماية السنوية التي تمنحها حكومة الاحتلال وتنتهي مدتها في 30 حزيران، ضرورية للسماح لمصرفي "هبوعليم" و"ديسكاونت بنك" الإسرائيليين بمواصلة لعب دور المراسلة بين البنوك الفلسطينية ونظيراتها لدى الاحتلال والدول الأخرى.

كما قرر سموتريتش اقتطاع نحو 35 مليون دولار من عائدات الضرائب التي تمّ تحصيلها لصالح السلطة الفلسطينية وتحويلها إلى عائلات إسرائيلية، متهما السلطة الفلسطينية ب"تشجيع الإرهاب" عبر "دفع أموال لعائلات الشهداء والأسرى، والأسرى المحررين.

"أزمة إنسانية"

وأثارت تهديدات الوزير الإسرائيلي مخاوف كبرى في واشنطن.

ورأت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أن "قطع المصارف الفلسطينية عن المصارف الإسرائيلية المتعاملة معها سيولد أزمة إنسانية".

وشددت على أن "هذه القنوات المصرفية أساسية للقيام بتحويلات تسمح بنحو ثمانية مليارات دولار من الواردات الآتية من الاحتلال بما في ذلك الكهرباء والمياه والوقود والمواد الغذائية، وتسهل حوالى ملياري دولار من الصادرات في السنة، يعول عليها الفلسطينيون لتأمين معيشتهم".

من جانبه، أوضح محافظ سلطة النقد الفلسطينية فراس ملحم لوكالة فرانس برس أن قطع القنوات المصرفية "سيكون له تأثير كبير علينا لأن اقتصادنا يعتمد على الاقتصاد الإسرائيلي ولأن إسرائيل تسيطر على الحدود".

كما تضرر الفلسطينيون بفعل منع العمال من الدخول إلى الأراضي المحتلة للعمل، وبسبب تراجع حاد في النشاط السياحي في الضفة الغربية.

وعلى الصعيد الأمني، تشهد الضفة الغربية تصاعدا في العنف منذ أكثر من عام، تفاقم بصورة خاصة مع اندلاع الحرب في قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 546 فلسطينيا بأيدي قوات الاحتلال أو مستوطنين.

وتخشى الدول الغربية أن تثير سياسة الاحتلال الاقتصادية فوضى في الضفة الغربية.

وحذر مصدر دبلوماسي أوروبي في القدس طالبا عدم كشف هويته من أن "النظام المصرفي قد ينهار ... السلطة الفلسطينية في أزمة مالية وقد تنهار قبل آب".

ورأى موسى شامية الذي يملك شركة تصنع ملابس للنساء أن السياسة الإسرائيلية هدفها دفع الفلسطينيين إلى مغادرة الضفة الغربية.

وقال إن الإسرائيليين "يريدون أن نغادر أرضنا، وهم يعرفون أنه سيكون من الصعب علينا البقاء إذا لم يكن بإمكاننا مزاولة أعمال".

ويشكو مدير مدرسة سيرك فلسطين في بيرزيت محمد رباح من صعوبات مالية وقال "نعاني مع المدفوعات الدولية"، لافتا الى عقبات بيروقراطية تؤخر تسليم المدرسة تجهيزات ومعدات تحتاج اليها لفترة تصل إلى شهر.

وأوصى فراس ملحم "علينا العمل على خطة بديلة في ما يتعلق بالعلاقات التجارية".