الحدث الإسرائيلي
في عمود رأيه بصحيفة “لوموند”، قال الكاتب آلان فراشون، إن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يوجد على رأس ائتلاف حاكم لم يتماسك إلا بفضل مشاركة الأحزاب اليمينية المتطرفة، يعمل على إطالة أمد الحرب في الأراضي الفلسطينية، ويرفض دون أن يقول ذلك صراحة، آخر المقترحات الأمريكية التي تم تطويرها مع قطر ومصر، ثم أقرتها الأمم المتحدة.
يقترح جو بايدن وقفاً فورياً لإطلاق النار، مقابل إطلاق سراح الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس. وتفترض واشنطن أن هذا التوسيع، باستثناء بضع عمليات لمرة واحدة، لا يمكن أن يأتي إلا من خلال المفاوضات، وهو ما يطالب به المزيد من المتظاهرين الإسرائيليين. ومن دون الخوض في التفاصيل، تنص خطة بايدن بعد ذلك على وقف نهائي للأعمال العدائية، وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة، ثم برنامج إعادة إعمار مدته خمس سنوات لقطاع غزة المدمر، يُشير الكاتب.
ويضيف آلان فراشون أنه سواء كانت مستقلة أو مرتبطة بالأمم المتحدة، محلية أو دولية، فإن جميع المنظمات الإنسانية ترسم نفس الصورة: الجحيم على شواطئ البحر الأبيض المتوسط. حيث يواجه سكان غزة ظروفاً صحية وغذائية كارثية، ويؤثر سوء التغذية على آلاف الأطفال.
ولكن حتى هذا التاريخ، لا حكومة نتنياهو ولا حماس مستعدتان لمنح موافقتهما لجو بايدن. وتريد الحركة الفلسطينية ضمانات بشأن انسحاب نهائي ل القوات الاحتلال إسرائيلية من غزة، فيما يتمسك نتنياهو بنفس الخط: لا نقاش حول فترة ما بعد الحرب دون تحقيق “النصر الكامل” (الذي لم يحدده) على حماس. وهذا أيضاً هو الشرط الذي وضعه حلفاء نتنياهو المتطرفون لإبقائه في السلطة، يوضّح الكاتب.
بمعنى آخر، لا جدوى من التخطيط لما سيحدث في غزة ما دامت الحرب مستمرة. لا داعي للرد على التصرف الاستثنائي للدول العربية -من الخليج إلى مصر- تجاه الاحتلال. فهذه الدول على استعداد، تحت رعاية الولايات المتحدة، لإصلاح وتعزيز السلطة الفلسطينية، التي فقدت مصداقيتها، لمساعدتها في إدارة غزة والضفة الغربية، على أمل إنشاء دولة فلسطينية في المدى المتوسط. لكن ائتلاف نتنياهو لا يريد ذلك بأي ثمن، ويواصل الاستيطان بالضفة الغربية، وهي الأراضي التي تنوي حكومة الاحتلال ضمها.
لذا فإن الحرب ستستمر لسبعة أشهر إلى سنتين، كما يقولون في حاشية رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي. وقد تغلبت مماطلة نتنياهو على “حكومة الحرب”، التي غادرها للتو ممثلو المعارضة الوسطية، بيني غانتس وغادي آيزنكوت.
ويرى الكاتب أن موقف حكومة الاحتلال الإسرائيلية يرسم رؤية واضحة إلى حد ما للمستقبل: إسرائيل باقية في غزة. بل إن الجيش الإسرائيلي يظل في غزة، مطالباً بمراقبة السكان المحرومين من كل شيء، في حين أن آخر مقاتلي حماس سيطلقون النار، من وقت لآخر، على القوات الاحتلال.
في صحيفة “بوليتيكو”، كتب الصحافي نحال الطوسي: “في غضون عامين، ستصبح غزة في متاهة من الأنقاض، مخيما واسعا لللاجئين يراقبه جيش الاحتلال الإسرائيلي. وبعبارة أخرى، فإن إسرائيل، حتى لو رفضت الاعتراف بذلك اليوم، فإنها ستحتل المنطقة. حيث سيولد جهاديو الغد”.
وقال جو بايدن في مقابلة مع شبكة “سي إن إن” يوم 8 مايو الماضي، إنه حذر نتنياهو في أكتوبر 2023: “لا تفعل مثلنا في العراق”. ولكنه قدم الأسلحة التي طلبتها حكومة الاحتلال.
اليوم، يقول الرئيس الأمريكي: “أعرف أن هناك أشخاصا داخل الحكومة نفسها، سيرفضون اقتراحي لوقف إطلاق النار والتفاوض بشأن الرهائن. إنهم لا يخفون ذلك، إنهم يريدون احتلال غزة، ويريدون مواصلة الحرب لسنوات، والرهائن ليسوا أولوية بالنسبة لهم” كما يُشير الكاتب.