السبت  29 حزيران 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وثائق إسرائيلية: حملة منسقة من تل أبيب لتشكيل الخطاب الأمريكي حول غزة ومعاقبة المؤيدين لفلسطين

2024-06-24 08:17:35 PM
وثائق إسرائيلية: حملة منسقة من تل أبيب لتشكيل الخطاب الأمريكي حول غزة ومعاقبة المؤيدين لفلسطين

 

الحدث الإسرائيلي

نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعده لي فانغ وجاك بولسون قالا فيه إن وثائق تظهر محاولات حثيثة قامت بها الحكومة الإسرائيلية لتشكيل الخطاب الأمريكي بشأن غزة. ففي تشرين الثاني/ نوفمبر وبعد أسابيع من الحرب، استدعي عميحاي شيكلي وهو وزير ليكودي، عمره 42 عاما إلى الكنيست لإحاطة المشرعين حول ما يمكن عمله لمواجهة التظاهرات المعادية التي نظمها الشبان في أنحاء الولايات المتحدة، وبخاصة في جامعات النخبة. وقال شيكلي “قلت من قبل وسأقول الآن، أعتقد أنه يجب أن نكون مهاجمين، وبخاصة في الولايات المتحدة”. وقاد تشيلكي عملية لمواجهة الناقدين لإسرائيل.

وكشفت “الغارديان” عن أدلة تظهر الطريقة التي قامت بها إسرائيل بإنشاء كيان كجزء من حملة علاقات عامة لاستهداف الجامعات الأمريكية وإعادة تشكيل قوانين معاداة السامية في أمريكا. وبعد لحظات من التعبير عن القلق في الكنيست، أكد شيكلي للنواب بأن الميزانية الجديدة تشمل على أموال مخصصة للحملة الجديدة، وهي منفصلة عن ميزانية العلاقات العامة التقليدية والمحتويات التي تعلن عنها وتنتجها الحكومة. وتضم 80 برنامجا و”يجب عملهم” بطريقة كونسيرت”. وتعني “كونسيرت” إعادة برنامج العمل ببرنامج الحكومة المثير للجدل والمعروف باسم “كيلا شلومو” والذي صمم لكي تقوم إسرائيل بـ “نشاطات جماهيرية واعية” في الولايات المتحدة وأوروبا. وحملة كونسيرت هي أصوات إسرائيلية عملت في السابق بحملة لدفع الولايات الأمريكية لتمرير قوانين ضد حركة المقاطعة التي تعاقب الأمريكيين المشاركين في حملة المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية ضد إسرائيل.

وتقول الصحيفة إن الانبعاث الجديد هو جزء من عملية متشددة وسرية أحيانا رعتها الحكومة الإسرائيلية للرد على تظاهرات الطلبة ومنظمات حقوق الإنسان والأصوات الناقدة. وشنت أصوات إسرائيلية حملاتها الجديدة عبر كيانات غير ربحية والتي عادة لا تكشف عن المتبرعين لها. وأشرف شيكلي في الفترة ما بين تشرين الأول/أكتوبر حتى أيار/مايو بميزانية 32 مليون شاقل (8.6 مليون دولار) على حملات لإعادة تشكيل النقاش العام المتعلق بغزة. وجاءت ثمار الحملة من خلال معهد مناصر لإسرائيل وهو “معهد دراسة معاداة السامية العالمية والسياسة”، ففي جلسة استماع أمام الكونغرس حول معاداة السامية المزعومة بين الطلاب والمعارضين للحرب، استعار عدد من المشرعين الجمهوريين بأبحاث المعهد في تحقيقهم مع رئيسات ثلاث جامعات للنخبة. وانتهت جلسة الاستماع في مواجهة انتشرت سريعا بين النائبة الجمهورية عن نيويورك إليس ستيفانيك ورئيسة جامعة هارفارد كلودين غاي، التي استقالت لاحقا من دورها بعد موجة من التغطية السلبية في الأخبار.

وافتخر المعهد، الذي تلقى معظم تمويله في عام 2018 من وكالة إسرائيلية تدير حملة “كونسيرت”، بانتصاره في مناسبة عقدت في 7 نيسان/أبريل في بالم بيتش كانتري كلوب. وتفاخر ناثان شرانسكي، عضو الكنيست السابق الذي احتل منصب شيكلي من قبل ويدير المعهد الآن، إذ أخبر شرانسكي الحضور أن تعليقات ستيفانيك حظيت بمليار مشاهدة. وواصل المعهد تشكيل تحقيقات الكونغرس بشأن الدوافع المعادية للسامية التي تشعل التظاهرات الطلابية المعادية للحرب والناقدة لسجل حقوق الإنسان. وقد لعب المعهد دورا في تشكيل قوانين جديدة تهدف لإعادة تعريف معاداة السامية وضم أشكال من التعبير الناقدة لدولة إسرائيل في التعريف.

لعب معهد “دراسة معاداة السامية العالمية والسياسة” دورا في تشكيل قوانين جديدة تهدف لإعادة تعريف معاداة السامية وضم أشكال من التعبير الناقدة لإسرائيل في التعريف. واستعار عدد من المشرعين الجمهوريين الأمريكيين بأبحاثه في تحقيقهم مع رئيسات ثلاث جامعات للنخبة

وقامت منظمات امريكية أخرى مرتبطة بأصوات إسرائيلية بمتابعة عدد من المبادرات لتعزيز الدعم لإسرائيل. واحدة منها مسجلة كشريك هي “المجلس الوطني لتعزيز السود”، والذي نشر رسالة من الساسة الديمقراطيين السود تعهدوا فيها بدعم إسرائيل. وهناك جماعة أخرى وهي “سايبر ويل” المؤيدة لإسرائيل والمعادية للتضليل والتي يقودها مسؤول عسكري استخباراتي إسرائيلي سابق ومسؤولون في أصوات إسرائيلية وشكلت نفسها كشريك موثوق لتيك توك وميتا، حيث ساعدت منصتا التواصل الإجتماعي على التأكد من المحتوى وتحريره. ودعا تقرير أصدره “سايبر ويل” قبل فترة ميتا لقمع الشعار المعروف “من النهر إلى البحر فلسطين حرة”.

وتصف وثيقة تعود إلى الأول من تشرين الثاني/نوفمبر قرار الحكومة الإسرائيلية إعادة تشكيل عمل مجموعة “أصوات إسرائيلية” وتجميد كل الحملات من أجل “كسب الحرب من أجل قصة إسرائيل”. وأصبحت المجموعة الآن تحت إدارة شيكلي، وزير شؤون الشتات. وكشفت صحيفة “هآرتس” و”نيويورك تايمز” عن تعاون وزارة شيكلي سرا مع شركة علاقات عامة من أجل الضغط على المشرعين الأمريكيين. واستخدمت الشركة مئات الحسابات المزورة المؤيدة لإسرائيل والمعادية للمسلمين على تويتر وفيسبوك وانستغرام (ونفت وزارة الشتات لعب أي دور في الحملة والتي قيل إنها أنفقت عليها مليوني دولار)، لكن الجهود هي واحدة من حملة منسقة قامت بها الوزارة ولم تحظ بتغطية صحافية كافية، فقد قامت وزارة الشتات والمجموعات المشاركة معها بإعداد تقارير أسبوعية قدمت نصائح للطلاب المؤيدين لإسرائيل في الولايات المتحدة وحصلت على تمويل من مصادر حكومية إسرائيلية. مثلا، هيليل انترناشونال، المؤسس المشارك لشبكة ائتلاف إسرائيل في الحرم الجامعي وواحدة من أكبر الجماعات اليهودية في حرم الجامعات بالعالم. وقدمت دعما ماليا واستراتيجيا من موزاييك يونايتد، انتفعت من التعاون مع وزارة شيكلي. وقد أثمر التعاون الطويل من أجل تشكيل النقاش بشأن الحرب الإسرائيلية. وظهر المدير التنفيذي لهيليل انترناشونال، آدم ليهمان، أمام الكنيست لمناقشة العلاقة مع موزاييك ووزارة الشتات والتي قال إنها أنتجت ثمارها. وقال “لقد غيرنا الإدارة، فقط في الأسبوع الماضي، قامت رئيسة أم اي تي، نفس الرئيسة التي شجبت أمام الكونغرس، بخطوة وعلقت فرع منظمة طلاب من أجل العدالة لفلسطين، بسبب خلقها جوا غير مريح للطلاب اليهود”، وكان ليهمان يشير لرئيسة معهد ماساشوستس للتكنولوجيا سالي كورنبلاث. وتوصلت الصحيفة إلى الطريقة التي حاولت فيها إسرائيل تشكيل الخطاب الأمريكي من خلال مراجعة جلسات الاستماع وملفات الشركات الإسرائيلية ووثائق الشراء وغير ذلك من الوثائق العامة.

تعاونت وزارة شيكلي سرا مع شركة علاقات عامة من أجل الضغط على المشرعين الأمريكيين. واستخدمت الشركة مئات الحسابات المزورة المؤيدة لإسرائيل والمعادية للمسلمين على تويتر وفيسبوك وإنستغرام

وفي الوقت الذي تمول معظم المؤسسات الخاصة والأفراد المؤيدين لإسرائيل نشاطاتهم بدعم محلي، قلة منها تعتمد على توجيهات خارجية. إلا أن الوثائق تظهر تدخلا كبيرا من الحكومة الإسرائيلية في السياسة الأمريكية المتعلقة بغزة وحرية التعبير في الجامعات الأمريكية وسياسة إسرائيل- فلسطين.

ويقول إيلي كليفتون، المستشار البارز في معهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، “هناك تركيز في إسرائيل وحتى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على مراقبة الخطاب الأمريكي المتعلق بالعلاقات الأمريكية- الإسرائيلية وحتى الخطاب في الجامعات” و”يكافح الواحد للبحث عن مقارنة فيما يتعلق بتأثير دولة أجنبية على النقاش السياسي الأمريكي”. ولم تسجل أي من الجماعات التي ورد اسمها في تحقيق الغارديان بناء على قانون الوكلاء الأجانب. ويطلب القانون من الجماعات التي تتلقى دعما أو توجيهات من حكومات أجنبية تقديم معلومات أو الكشف عن ملفاتها لوزارة العدل الأمريكية. وتقول لارا فريدمان، رئيسة مؤسسة السلام في الشرق الأوسط، “هناك افتراض أساسي من أنه لا يوجد شيء غريب بالنظر إلى الولايات المتحدة كساحة مفتوحة لإسرائيل كي تمارس ما تريد وبدون قيود”. وكشفت النشرية اليهودية الأمريكية فورويرد عن حملة “كونسيرت” إلى جانب “العين السابعة” وهي مؤسسة تحقيق استقصائي إسرائيلية.

وتعود جذور الحملة إلى عام 2017 حيث بحثت وزارة الشؤون الإستراتيجية عن برنامج لإدارة حملات سرية وتغيير الرأي العام من خلالها. وتصور المسؤولون “عربة من خارج الحكومة” كي “تقدم ردا سريعا ومنسقا ضد الجهود التي تحاول تشويه صورة إسرائيل حول العالم”. وتصور الوزير في حينه، جلعاد إردان “كونسيرت” على أنها “وحدة كوماندو للعلاقات العامة”، قادرة على شجب النجوم النقاد لإسرائيل ومراقبة النقد على منصات التواصل الإجتماعي. وكشفت الوثائق التي حصلت عليها “العين السابعة” أن معظم الجماعات التي حصلت على تمويل من الوزارة هي جماعات مسيحية صهيونية، مثل “مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل” و”مؤسسة الإعلان عن العدالة للأمم وحلفاء إسرائيل”. وكان أكبر متلق للدعم هو “معهد دراسة معاداة السامية العالمية والسياسة”، إذ تلقى على الأقل 445 ألف دولار، أي ما يساوي 80% من ميزانيته في عام 2018.

ونفى دكتور تشارلس سمول، في تصريحات لفورويرد، التقارير، مع أن تصريحاته تتناقض مع تصريحات لقناة إخبارية كندية. وقال سمول إن منظمته لا تحتاج لأن تسجل بناء على قانون العملاء الأجانب الذي يستثني المؤسسات الأكاديمية طالما لم تشترك في نشاطات دعم سياسي. وفي العام الماضي أصبحت الجنرال سيما فانكين- غيل، ضابطة الاستخبارات السابق ومنسقة كونسيرت السابق رئيسا للمعهد. وفي كانون الثاني/يناير قدمت فانكين- غيل وسمول شهادة أمام الكنيست وقدما شهودا حول ضرورة تشجيع الدول تبني تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست والذي يقارب بين نقد إسرائيل ومعاداة الصهيونية وسياسات إسرائيل العنصرية بمعاداة السامية.

وانتقد اليمين واليسار تعريف التحالف الذي يتناقض مع البند الأول المعدل من الدستور الأمريكي ويحد من نقد الحكومة ويلوح بمعاداة السامية كوسيلة لمعاقبة نقاد سياسة إسرائيل. إلا أن المشاركين في جلسة الاستماع بالكنيست أكدوا على ضرورة جعل تعريف التحالف الدولي اولوية لإسرائيل.

وقالت فانكين- غيل إن “حركة مواجهة معاداة السامية تبنت تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست”، وهي الحركة التي يتزعمها شرانسكي وتعتبر فانكين عضوا في مجلس إدارتها.

وقرر حاكم ولاية جورجيا براين كيمب التوقيع على قانون يضم تعريف التحالف الدولي لتعريف معاداة السامية، مما يفتح الباب أمام زيادة أحكام السجن ضد نقاد إسرائيل. واتخذت ولاية ساوث داكوتا وساوث كارولينا قرارات مشابهة، إلى جانب قانون مشابه في فلوريدا وينتظر توقيع الحاكم رون دي سانتيس. وكشفت الوثائق عن مراسلات بين عضو مجلس الولاية لوري بيرمان وكيندي ستارنيس، المسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية بشأن التشريع. وأقر الكونغرس تشريعا مماثلا الشهر الماضي صادق على تعريف التحالف الدولي وتم تضمينه في وزارة التعليم. ويعطي الوزارة الصلاحية لقطع الدعم عن المؤسسات التعليمية والجامعات ومبادرات المجتمع المدني التي تسمح بانتقاد إسرائيل.

وقدم سمول أكثر من شهادة أمام الكنيست واستعرض أمام النواب ما قام به معهده من إنجازات “هذه لحظة تاريخية تحتم علينا زيادة قوتنا وتناسب تاريخ فيا يتعلق بتاريخ الشعب اليهودي”. وقبل شهر، قدم شهادة أخرى أمام الكنيست زعم فيها أن منظمة طلاب من أجل العدالة لفلسطين هي ذراع لجماعة الإخوان المسلمين. وفي الشهر الماضي، قدم شهادة في جلسة مغلقة للجنة الإشراف وقبل زيادة النواب الجمهوريين التحقيق في نشاطات الجماعات الطلابية المؤيدة لفلسطين. وزعم المعهد الذي قاده سمول أن القطريين يمولون برنامجا طبيا في جامعة كورنيل وشكل مواقف الطلاب وأثار قلقهم من عدد القتلى في غزة. وفي حديثه أمام بالم بيتش كلوب في نيسان/أبريل أن التقاطعية هي مفهوم يمكن استخدامه “لمواجهة مليار مسلم وكل الليبراليين في العالم الغربي” وهو مفهوم وصفه بأنه “تشاي تشي”. وقدم سمول جدالا قال فيه إن الإسلام السياسي “يريد قتل اليهود واضطهاد المرأة وقتل كل المثليين”.