الأحد  07 تموز 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

شبح المجاعة يكبر في قطاع غزة

2024-07-04 09:22:49 AM
شبح المجاعة يكبر في قطاع غزة

 

جميع السكان يواجهون أزمة جوع كارثية

مستويات الجوع والمعاناة لم يتم تسجيلها في أي مكان

 

خاص الحدث

أسباب كثيرة ومتعددة، دخلت على خطّ الموت في قطاع غزة، الذي يواصل عدد الشهداء فيها بالارتفاع منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في أكتوبر الماضي، منها القصف والإعدام بالقنص وإطلاق النار المباشر والمساعدات الإنسانية التي يتم "رميها" جوا ومؤخرا المنتجات الغذائية الفاسدة، إلا أن المجاعة وصلت إلى مستويات متقدمة تفاقم معاناة الغزيين في الحرب الإسرائيلية الدامية والمدمرة وتهدد حياة الآلاف من المدنيين الذين ينتظرون في طابور الموت إن لم يكن برصاص الاحتلال وصواريخه سيكون جوعا أو تسمما.

يؤكد فلسطينيون في شمال قطاع غزة لـ صحيفة الحدث، أن هناك عددا قليلا من العائلات تمتلك بضع أغذية معلبة تبقيها فقط على قيد الحياة، في ظل انتشار الجوع خاصة بين الأطفال وشحّ توفر الإمدادات الغذائية بالأساس، الذي تفاقم في الأسابيع الأخيرة بعد تناول المواطنين معلبات فاسدة بسبب سوء التخزين أو انتهاء تاريخ صلاحيتها، حيث تم توثيق عشرات حالات التسمم التي احتاجت لتدخلات طبية.

ورغم التحذيرات الأممية والدولية من وفاة آلاف الغزيين جراء المجاعة؛ إلا أن المعابر لا تزال مغلقة، ودخول شاحنات المساعدات الغذائية شحيحا للغاية، وتجار الحروب ذاع صيتهم برفع مبالغ فيه للأسعار، التي لا تقدر على شرائها إلا عدد قليل جدا من العائلات.

مواطنون فلسطينيون من قطاع غزة، أكدوا لصحيفة الحدث، أن هان إشكاليات كبيرة في توفير المواد الغذائية الأساسية، فمثلا فيما لو توفر الطحين لصناعة الخبز، فإن لا شيء لدى العائلات لتناوله مع الخبز، معتبرين أن ما يجري مقصود خطير للغاية ويحتاج إلى تدخل عاجل، فالجوع يتفشى بطريقة غير مسبوقة، ما يترك آثارا قاسية وصعبة على صحة السكان في قطاع غزة بالمجمل وسط مخاوف كبيرة على صحة الأطفال.

وأشاروا، في أحاديث منفصلة، إلى أن بعض المناطق لا يوجد فيها لا لحوم ولا حتى خضراوات وأحيانا بلا معلبات، ما يفاقم شبح الجوع الذي يكبر يوما بعد يوم، مشيرين إلى أن بعض العائلات لا طعام لديها إلا بعض المعلبات الفاسدة التي أدت إلى حالات تسمم.

من جانبه يقول مدير مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل الثوابتة، إن المجاعة تتفاقم بشكل كبير في قطاع غزة خاصة في محافظتي الشمال ومحافظة غزة، "هاتان المحافظتان يتواجد فيهما نحو 700 ألف من أبناء شعبنا الفلسطيني وهؤلاء يعيشون مجاعة حقيقية".

وأضاف الثوابته في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث"، إن أوضاع النازحين في المناطق الشمالية من قطاع غزة يعانون من صعوبة كبيرة وبالغة جدا في موضوع توفير الغذاء، مشيرا إلى أن المتوفر فقط مادة الطحين والخبز، دون دوفر أي سلع أو بضائع بسبب قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بمنع إدخال السلع والبضائع منذ أكثر من شهرين متواصلين ما أدى إلى نفاد جميع السلع والبضائع في محافظتي غزة والشمال وبالتالي باتت سياسة التجويع والمجاعة تهدد حياة الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني لا سيما المرضى والأطفال.

وأوضح مدير مكتب الإعلام الحكومي، إن هناك 3500 طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية وانعدام المكملات الغذائية ونقص حاد في الغذاء وكذلك نقص في التطعيمات أو انعدامها بسبب انهيار المنظومة الصحية وبالتالي فإن المستشفيات والمنظومة الصحية والخارجة عن الخدمة لا تستطيع تقديم أي خدمات طبية أو صحية للمواطنين هناك، وتتعمق المجاعة بشكل أكبر يوما بعد يوم.

وأكد الثوابته، أن جيش الاحتلال ومعه الإدارة الأمريكية يستخدمان سياسة التجويع كأداة للضغط السياسي وهذه جريمة ضد الإنسانية، والمتمثلة بمنع إدخال السلع والبضائع إلى داخل قطاع غزة من أجل تحقيق مكاسب سياسية، ونحن ندين هذه الجريمة وندعوا كل دول العالم والمجتمع الدولي لإدانة هذه الجريمة، وندعو إلى تجريم ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي.

وحمل مدير مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة، حكومة وجيش الاحتلال وإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن كامل المسؤولية عن هذه الجريمة المتواصلة بحق شعبنا الفلسطيني وتجويع أكثر من 2.4 مليون إنسان، خاصة أن هؤلاء يعتمدون بشكل أساسي ووحيد على المساعدات التي لم تدخل إلى قطاع غزة منذ نحو شهرين ولم تدخل إلى جنوب قطاع غزة منذ أكثر من 50 يوما حيث أغلق الاحتلال الإسرائيلي واحتلّ معبر رفح وأغلقه بشكل كامل وكذلك قامت قوات الاحتلال بتجريف المعبر وإحراقه وإخراجه عن الخدمة وهذا يضاف إلى إغلاق معبر كرم أبو سالم منذ 50 يوما ومنع إدخال المساعدات وبالتالي هناك حاجة ماسة وكبيرة ومتفاقمة للسكان للغذاء، وعدم إدخال هذه المساعدات تعني أن هناك مقايضة للمدنيين والأطفال والنساء بتحقيق مكاسب سياسية من أجل إدخال المساعدات وهذا ما اعترف به الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته وقادة الاحتلال بمنع كل شيء عن قطاع غزة.

وأكد الثوابتة، أن قطاع غزة أمام كارثة إنسانية وجريمة تاريخية تسجل في صفحات التاريخ بأن الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية يمارسان الجريمة المنظمة وجريمة مبيتة من أجل تجويع شعبنا الفلسطيني في إطار تحقيق مكاسب سياسية، وندعو المجتمع الدولي إلى وقف الإبادة الجماعية وفتح المعابر وإدخال المساعدات بشكل سريع وعاجل وإعادة إعمار القطاع  قبل فوات الأوان.

وفيما يتعلق بموضوع التسمم الغذائي في ظل النقص الحاد للغذاء خاصة في مناطق الشمال؛ قال الثوابته إن نحو 60 مواطنا اضطروا غالبتيهم أطفال ونساء، إلى تناول وأكل بعض المأكولات منتهية الصلاحية الأمر الذي أدى إلى إصابتهم بالتسمم، حيث دخلوا مرحلة الخطر في وقت سابق ووضعهم استقر لاحقا وتم تدارك هذا الأمر.

وأوضح، أن التسمم الغذائي الذي جرى بسبب تناول المنتجات منتهية الصلاحية تشير إلى خطورة الأوضاع في قطاع غزة، وتأثيراتها على حياة المواطنين.

وأشار الثوابته لـ "صحيفة الحدث"، إلى أن هناك 33 حالة توفيت نتيجة الجوع وسوء التغذية، 29 منهم أطفال و4 كبار سن. مطالبا بوقف حرب الإبادة الجماعية وإنهاء هذه المسألة بأسرع وقت ممكن.

وفي السياق، أكدت تقارير تقارير ميدانية وأممية بتضرر سكان غزة من انعدام الأمن الغذائي بنسبة تقارب 100%، في حين وصلت قطاعات ومرافق حيوية مرحلة الانهيار، فاقم منها الحصار الخانق وإغلاق المعابر المحيطة بالقطاع، ما أدى لتفشي المجاعة.

وقال تقرير دولي صادر عن "مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" إن نحو 96% من سكان غزة يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام حاد للأمن الغذائي، وأكثر من 495 ألف شخص، أو أكثر من خُمس سكان غزة، يواجهون مستويات كارثية هي الأخطر من انعدام الأمن الغذائي.

وتسبب الهجوم الإسرائيلي على رفح في إغلاق المعبر البري على حدود غزة مع مصر، والذي كان طريقا رئيسيا لتوصيل المواد الغذائية والإمدادات الأخرى، إضافة إلى كونه نقطة إجلاء للمدنيين المبتلين بأمراض خطيرة أو المصابين.

ويأتي ذلك بالتزامن مع النداءات في غزة بشأن انهيار القطاع الصحي، حيث تكتظ المستشفيات بالجرحى وجثامين الشهداء، مع نقص الأدوية والمستلزمات الصحية وانعدام الوقود، وتدمير الاحتلال عشرات المنشآت الصحية بينها كبرى المستشفيات مثل مستشفى الشفاء.

تجار الحرب

رغم شحّ المواد الغذائية داخل قطاع غزة وصعوبة توفرها؛ إلا أن هناك "تجار حرب" كما أطلق عليهم المواطنون الذين يحاربون من أجل البقاء على قيد الحياة، يفاقمون من معاناة الفلسطينيين هناك، معاناة فوق معاناة الحرب والإبادة والنزوح والجوع، لدرجة أن بعض السلع الغذائية تضاعفت أسعارها أكثر من 15 ضعفا، وأخرى أعلى بكثير كالسجائر مثلا، وبعض التجار يرفع أسعار السلع من تلقاء نفسه وآخرون يقولون إن الأسعار يتم رفعها من الجانب المصري.

وقال مدير مكتب الإعلام الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل الثوابتة حول قضية تجار الحروب ورفع الأسعار، إنه "مثل أي دولة في دول العالم التي يحدث فيها أزمات وكوارث وحروب يكون فيها ارتفاع للأسعار من قبل بعض التجار أو بعض القائمين على بيع السلع، وهذه الحالة "للأسف" تواجدت في قطاع غزة بعد الحرب".

وأكد الثوابتة، أن هناك سياسة واضحة من قبل وزارة الاقتصاد الوطني في قطاع غزة، بإصدار العديد من التعليمات للتجار بأهمية الاستيراد والاستمرار في عملية استيراد جميع السلع غير أن الاحتلال الإسرائيلي يعمل على تقليص عدد الشاحنات التي تدخل فيما يتعلق بالسلع والبضائع التي تدخل من معبر كرم أبو سالم التجاري، وعدد الشاحنات التي تدخل محدود جدا وللغاية، لدرجة عدم كفاية هذه السلع 5% فقط من حاجة السكان جنوب قطاع غزة، أما في الشمال فممنوع قطعا إدخال أي من السلع والبضائع، وفيما لو دخلت السلع يكون هناك ارتفاع كبير للأسعار بسبب قلة العرض وزيادة الطلب بشكل رهيب جدا.

وقال الثوابتة، إن الطواقم الحكومية تقوم بتنفيذ جولات ميدانية على مثل هؤلاء التجار للالتزام بالأسعار وهناك استجابة واسعة ويتم بيع البضائع من قبل بعض التجار بأسعار مناسبة وآخرون يرفعون الأسعار وهؤلاء يتم اتخاذ ضدهم إجراءات تتناسب وحجم التجاوزات التي يقومون بها، ونحاول قدر المستطاع حماية المستهلك فيما يتعلق بهذه القضية، والكارثة الأكبر تتمثل بمنع إدخال السلع والبضائع إلى قطاع غزة وهذا ما سيفاقم انتشار الجوع.

وشدد على أن الطواقم الحكومية لا زالت قادرة على ضبط الأسواق رغم استهداف الاحتلال الإسرائيلي للطواقم الشرطية والحكومية بشكل متكرر واستشهاد نحو 100 من أفراد الشرطة والطواقم التي تعمل على تأمين المساعدات وإيصالها إلى مستحقيها، وهناك جهود كبيرة رغم كل ما يجري تبذل من الطواقم الحكومية محاولة قدر المستطاع ضبط الأسواق والأسعار، وهذه الطواقم تقوم بجولات باستمرار، في إطار تنظيم العلاقة وتحسين حالة السوق، والحكومة في قطاع غزة تعمل على قدم وساق ولدينا 25 ألف موظف على رأس عملهم يعملون في كافة المجالات وتقديم الخدمة لشعبنا الفلسطيني في جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية.

 

وأشارت تقارير أممية في وقت سابق، إلى أن المجاعة حتى في شمال غزة يمكن وقفها إذا تم تسهيل الوصول الكامل لمنظمات الإغاثة لتوفير الغذاء والمياه والأدوية والخدمات الصحية وخدمات الصرف الصحي، على نطاق واسع، لجميع السكان المدنيين، وذلك يتطلب وقفا لإطلاق النار لأسباب إنسانية.

وقدر برنامج الأغذية العالمي أن مجرد تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية يتطلب دخول ما لا يقل عن 300 شاحنة يوميا (على الأقل) إلى غزة وتوزيع الأغذية وخاصة في الشمال.

ويحتاج إرسال المساعدات إلى شمال غزة إلى موافقات يومية من الاحتلال الإسرائيلي، وأثناء فترات الانتظار الطويلة عند نقطة التفتيش في وادي غزة التي كثيرا ما يتم إعادتها.

يذكر أن مستويات الجوع والمعاناة في قطاع غزة مروعة من الجوع والمعاناة، وهذا هو أكبر عدد من الأشخاص ممن يواجهون جوعا كارثيا يسجله نظام التصنيف على الإطلاق في أي مكان وفي أي وقت.