الحدث الفلسطيني
يدين الائتلاف الفلسطيني للحقوق الرقمية والحلفاء الموقعين أدناه بشدّة طريقة معاملة مايكروسوفت الأخيرة لمستخدمين/ات فلسطينيين/ات، إن إجراءات الشركة الأخيرة في حظر حسابات البريد الإلكتروني وسكايب (Skype) لمستخدمين/ات فلسطينيين/ات، والتي تعتبر إجراءات تمييزية غير عادلة، لها آثار خطيرة على حياتهم/ن اليومية لا سيّما في وقت الحرب، وهي ليست فقط إهانة للكرامة الإنسانية، بل أيضًا انتهاكًا لحقوقهم/ن الأساسية. يُعدّ الوصول إلى التكنولوجيا والاتصالات أمرًا ضروريًا، خاصة في مناطق النزاع حيث تلعب المعلومات والاتصالات دوراً أساسياً بين الحياة والموت. إنّ حسابات مايكروسوفت توفر الوصول إلى منصات الاتصال والحسابات المصرفية وفرص العمل، ومن خلال حظر خدماتها، تقطع الشركة فعليًا الفلسطينيين/ات عن الفرص الاجتماعية والمهنية والمالية في وقت يعانون فيه من معاناة شديدة ودمار واسع. ويبعث قرار مايكروسوفت بتقييد خدماتها للفلسطينيين/ات في مثل هذا الوقت الحرج على القلق العميق ولا يمكن تبريره.
يأتي هذا الإجراء التمييزي في وقت يعاني فيه الشعب الفلسطيني في غزة من عدوان إسرائيلي مستمر منذ 9 أشهر أودى بحياة ما لا يقل عن 38,000 فلسطيني/ة، ودمر أكثر من 70,000 منزل، وشرّد أكثر من 1.9 مليون شخص. في الأسبوع الماضي، أعلن خبراء الأمم المتحدة أن المجاعة قد تفشّت في جميع أنحاء قطاع غزة نتيجة للحملة المتعمدة والموجهة لتجويع الفلسطينيين/ات. وفي كانون الثاني من العام الجاري، قضت محكمة العدل الدولية بوجود إبادة جماعية محتملة مستمرة في غزة، وفي هذه الظروف قررت مايكروسوفت حظر المستخدمين/ات الفلسطينيين/ات من خدماتها بشكلٍ تمييزي.
يفاقم إجراء مايكروسوفت من انتهاكات الحقوق الرقمية في سياق الانقطاعات المتكررة للاتصالات في غزة، التي تفرضها السلطات الإسرائيلية بشكلٍ متعمد من خلال سيطرتها على بنية الاتصالات التحتية في غزة، والهجمات الموجهة ضد أبراج وشركات الاتصالات، وقطع إمدادات الوقود، وتعطيل الكهرباء. هذه الانقطاعات تزيد من حدة الوضع السيء بالفعل عن طريق قطع خطوط الحياة القليلة المتبقية للاتصال والوصول إلى الخدمات الأساسية، مما يجعل الفلسطينيين/ات أكثر عزلة.
إنّ مثل هذه الإجراءات من قبل مايكروسوفت تقوّض مبادئ العدالة والمساواة التي تدعي الشركة أنها تلتزم بها. من خلال حرمان الفلسطينيين/ات من الوصول إلى خدمات الاتصالات الأساسية، تساهم مايكروسوفت فعليًا في عزل وتهميش شعب محاصر. لا يعيق هذا فقط قدرتهم على التواصل مع أحبائهم، بل يحد أيضًا من وصولهم إلى المعلومات الحيوية، والموارد، ونظم الدعم. في عصر رقمي يُعادل فيه الاتصال بالتمكين، تعمل إجراءات مايكروسوفت على إضعاف وتجريد الشعب الفلسطيني من حقوقه بشكل متزايد، ويضع قرار الشركة سابقةً خطيرة لدور شركات التكنولوجيا في حالات النزاع، مما يثير أسئلة أخلاقية ومعنوية جدّية حول مسؤوليات هذه الشركات في ضمان أن تكون خدماتها متاحة للجميع، بغض النظر عن الظروف الجغرافية أو السياسية.
لقد كان قطاع التكنولوجيا بشكلٍ عام متواطئًا في السياسات التمييزية والعنصرية ضد الفلسطينيين/ات لعقود، لكن هذا وصل إلى مستوى غير مسبوق منذ بداية الحرب على غزة. قامت المنصات الإلكترونية بفرض سياسات تمييزية في مراقبة المحتوى، مما أسكت الأصوات الفلسطينية بشكلٍ غير عادل وسمح بانتشار خطاب الكراهية والتحريض ضدهم. هذا التواطؤ لا يسهل فقط انتشار الخطاب الضار واللا إنساني، بل يهمش الرواية الفلسطينية، مما يزيد من عزل الفلسطينيين/ات ويفاقم معاناتهم/ن.
في ضوء ما سبق، من الضروري أن تقوم مايكروسوفت فورًا بالتراجع عن قرارها بحظر الخدمات عن الفلسطينيين/ات، ويجب عليها أن تدرك التأثير العميق لإجراءاتها وتتخذ خطوات لضمان بقاء تقنياتها متاحة لجميع الأفراد، خاصة في المناطق المتأثرة بالنزاعات والذين يعتمدون على هذه الخدمات من أجل سلامتهم ورفاهيتهم. مايكروسوفت لديها القدرة والمسؤولية لتعزيز الشمولية ودعم الجهود الإنسانية، لذلك يجب عليها مواءمة أفعالها مع المبادئ الدولية المعترف بها للأعمال وحقوق الإنسان. وفقًا للمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال وحقوق الإنسان، يجب على مايكروسوفت تجنب التسبب أو المساهمة في الآثار السلبية على حقوق الإنسان ومعالجة هذه الآثار عندما تحدث، ويجب على الشركة اتخاذ خطوات استباقية لتخفيف أي انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان والحقوق الرقمية المرتبطة بعملياتها.