الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

احتمالات توسيع الحرب ومصير صفقة غزة/ بقلم: جمال زقوت

2024-07-29 05:46:52 PM
احتمالات توسيع الحرب ومصير صفقة غزة/ بقلم: جمال زقوت

 

يبدو أن واشنطن نجحت مبدئياً في منع نتانياهو من المبادرة بحرب واسعة النطاق ضد لبنان وحزب الله، ذلك يأتي في سياق استراتيجية أمريكية يبدو أنها ثابته لمنع الانزلاق إلى حرب اقليمية تجبرها على التورط فيها، وكذلك في سياق موقفها الذي لا يتزحزح قيد أنملة لضمان أمن إسرائيل وتفوقها العسكري والأمني في المنطقة. إلا أن ذلك لا يلغي احتمال حدوث مثل هذا الانزلاق، سيما أن الولايات المتحدة، التي حمَّل وزير خارجيتها بلينكن حزب الله المسؤولية عن صاروخ مجدل شمس، لن تستخدم نفوذها لمنع إسرائيل كلياً من تنفيذ ضربة قوية و إن كانت محدودة، لا أحد يستطيع منع تحولها إلى شرارة لحريق كبير .

ما هو الثمن الذي يريده نتانياهو لعدم توسيع الحرب

و رغم أن دبلوماسية واشنطن ونفوذها سبق وأن منع انزلاق الحرب المباشرة بين تل أبيب وطهران بعد الهجوم الإسرائيلي على قنصلية طهران في دمشق، حيث جاء الرد الإيراني محسوباً في سياق لجم واشنطن لتل أبيت ومنعها من رد معلن، إلا أن نتانياهو، الذي أكد بصورة لا تقبل التأويل خلال زيارته للولايات المتحدة، بدءاً من خطابه في الكونجرس، اصراره على استمرار حرب الابادة في قطاع غزة، رغم الفشل الواضح في إمكانية تحقيق أهدافها ، ما زال يسعى إلى جر الولايات المتحدة لحرب مباشرة مع إيران، حيث اعتبر أنه يخوض حربه ضدها دفاعاً عن الولايات المتحدة والحضارة الغربية، مذكراً بأزمة رهائن السفارة الأمريكية في طهران، والهجوم على قوات المارينز الأمريكي من قبل المقاومة اللبنانية. فمن وجهة نظر نتانياهو أن نجاحه في توريط الولايات المتحدة في هكذا حرب سيُتوِّجه ملكاً على إسرائيل ، وسيُمَكِّنه من الخروج من وحل غزة، التي لن تبدو حينها سوى أزمة ثانوية أمام هول حرب اقليمية شاملة، في وقت تلقي واشنطن بثقلها لتجنب اسباب تورطها في مثل هكذا حرب . والسؤال هل ستنجح واشنطن في منع التدحرج الذي يسعى إليه نتانياهو و زمرته نحوها ، وما هو الثمن الذي يريده من واشنطن و من باريس مقابل ذلك ، وما هي الشروط التي يسعى لفرضها على حزب الله ؟

صاروخ مجدل شمس: محاولة لابتزاز الحزب

فبغض النظر عن مصدر وملابسات من ارتكب خطأً سقوط صاروخ مجدل شمس، فقد استثمره نتانياهو كفرصة ثمينة لابتزاز حزب الله سياسياً وعسكرياً، ومحاولة تحقيق أهدافه بفك ارتباط الحزب عن مساندة غزة، والسعي لفرض شروطه على الحزب دون وقف الحرب ضد قطاع غزة . ذلك كله بهدف الاستفراد بغزة، مُصراً على اطالة أمد الحرب لتحقيق ما يسميه " النصر المطلق"، بما يعني استمرار الحرب لسنوات، تضمن ليس فقط استمرار حكومته الفاشية، بل ونجاحه في أي انتخابات قادمة، سيما أنه يحقق تقدماً في استعادة مكانته الانتخابية وفقاً لاستطلاعات الرأي بعد خطاب "كونجرس التصفيق للحرب".

نتانياهو لا يريد اتفاقاً يوقف الحرب على غزة

هذا هو الذي يفسر التراجع المستمر من قبل نتانياهو عن اجمال صفقة التبادل و وقف الحرب على غزة ، كما فعل في لقاء روما الأحد الماضي، حيث أشارت القناة 12 الاسرائيلية الى ان رئيس الشاباك ومسؤول ملف الأسرى رفضا المشاركة بمفاوضات روما مع " الوسطاء - واشنطن ومصر وقطر" ، حيث اقتصر الوفد الإسرائيلي على رئيس الموساد منفرداً، والذي عرض رسمياً مطالب نتانياهو لأي اتفاق، بينما يعلم وفده غير المفوض بأنها عقبات جديدة من نتانياهو لن تكون مقبولة من المقاومة.

غياب رؤية فلسطينية موحد تخدم نتانياهو

هنا يبرز التحدي الذي ما يزال يدور في حلقة مفرغة، والمتمثل بالإصرار على تغييب أي رؤية أو دور فلسطيني موحد للخروج من هذا المأزق، والذي يدفع شعبنا ثمنه من دمه وربما من مصيره ، ولكي لا تتحول التضحيات الهائلة في قطاع غزة، وما ولدته من تحولات في الرأي العام الدولي، إلى مجرد تفصيل محدود سواء في احتمال الانزلاق نحو حرب اقليمية شاملة أو صفقة لاحتوائها والسيطرة عليها . والسؤال الذي يبرز مجدداً هو ما الذي تنتظره الأطراف الفلسطينية بعد أن حققت ورقة بكين اختراقاً ينسجم مع الارادة الشعبية لجهة بلورة مثل هذه الرؤية والتوافق على اطر مشتركة وجامعة لوضعها قيد التنفيذ ؟! فطرفا اتفاق بكين الرئيسيان عادا إلى صمتهما أو مهاجمة أشخاص محسوبين على الرئيس عباس لهذا الاتفاق في محاولة لطيه، وكأنه لم يكن، وليس أكثر من ورقة تضاف إلى ما سبقها من اتفاقات خلت من أية إرادة سياسية لتنفيذها.

مصير اتفاق بكين

كان حرياً، وما زال بالقوى التي طالما دعت للمشاركة في صنع القرار الوطني في اطار منظمة التحرير والدعوة لحكومة توافق انتقالية غير فصائلية، أن تأخذ الاتفاق على محمل الجد لمتابعة تنفيذه الفوري، بمطالبة الرئيس عباس لعقد اجتماع فوري للإطار القيادي المشترك لوضع تفاهمات بكين موضع التنفيذ الفوري، سيما أنها تشكل مصلحة وطنية وحاجة سياسية لها على الأقل لجهة الانخراط في جهد سياسي موحد لوقف حرب الابادة، وإعطاء أمل ملموس لأهلنا في القطاع بامكانية اعادة إعماره، وبما يفشل مخططات التهجير، وكذلك التصدي الموحد لمخططات الضم . هذا كله بالاضافة إلى هزيمة وافشال مخططات نتانياهو بفصل قطاع غزة عن الكيانية الوطنية الموحدة ومؤسساتها الجامعة، وهي الهزيمة الأكبر لحكومة تل أبيت الفاشية. فمتابعة تنفيذ الاتفاق يجب أن تحظى بالأولوية الوطنية العليا سواء بتحويله إلى واقع ملموس وخشبة خلاص وطني، أو تعرية من لا يريد تنفيذه وتحميله المسؤولية الشعبية و الوطنية الكاملة عن إفشاله، وبلورة سيناريوهات وطنية أخرى تضمن حماية وانتزاع حقوق شعبنا وصون مصيره الوطني .