خاص الحدث
بعد السابع من أكتوبر 2023 وبدء عملية طوفان الأقصى؛ أوقف الاحتلال الإسرائيلي نحو 200 ألف عامل فلسطيني في الداخل المحتل والمستوطنات المقامة على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين بما يشمل العاملين بتصاريخ ودون تصاريح، وفق إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، والنسبة الأكبر منهم تنشط في قطاع البناء والتشييد يليه قطاع التعدين والصناعات التحويلية ثم التجارة والمطاعم والفنادق.
وتبلغ فاتورة العمال الفلسطينيين لدى الاحتلال الإسرائيلي نحو 1.5 مليار شيقل شهريا حيث يعدون من أهم الموارد المالية للأسواق الفلسطينية.
ويقول الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين، شاهر سعد، إن جزءا من العمال الذين عادوا للعمل في الأشهر الأخيرة هم عمال لديهم تصاريح استثنائية وقسائم رواتب وبلغ عددهم 9500 عامل، بالإضافة إلى 4500 عامل يعملون بتصاريح استثنائية ولكن يعملون في أماكن عمل عشوائية. مشيرا إلى وجود نحو 45 ألف عامل بدون تصاريح ويعتمد جزء منهم على التصاريح التي أسماها سعد وهمية عبر تطبيق المنسق، بالإضافة إلى 20 ألف عامل يعملون في المستوطنات.
وأوضح سعد، أن العمال الذين عادوا للعمل، يعملون في الصناعات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات بالإضافة إلى بعض شركات البناء، مشيرا إلى أن قطاعي البناء والزراعة هما من أكثر القطاعات تضررا جراء وقف العمال الفلسطينيين عن العمل بعد السابع من أكتوبر.
وأشار سعد في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث"، إلى أنه سيتم نهاية الشهر الجاري رفع قضية من خلال الاتحاد الدولي لنقابات العمال لمنظمة العمل الدولية على السلطات الإسرائيلية لتعويض العمال الفلسطينيين في سوق العمل الإسرائيلية، وكشف سعد عن اجتماع تم خلال الأسبوعين الأخيرين لبحث قضية التعويضات وأوضاع العمال جمع الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال و25 خبيرا قانونيا دوليا بحضور وزيرة العمل إيناس العطاري واتحاد نقابات عمال فلسطين.
وأكد شاهر سعد، أنه تم الاتفاق على رفع القضية نظرا لأن إسرائيل موقعة على اتفاقية منظمة العمل الدولية وبالتالي بالإمكان إجبار إسرائيل على تعويض العمال الفلسطينيين. مشيرا إلى أنه من حق أي عامل حاصل على تصريح عمل الحصول على تعويض من قبل الحكومة الإسرائيلية.
وأشار إلى أنه سيتم اللجوء إلى قوائم وزارة العمل ووزارة الصحة لمن يحصل على تأمين صحي من أجل التأكد من كافة قوائم العمال للحصول على تعويض كما سيتم العمل على حملة للتأكد من أن كافة العمال تم إضافة بياناتهم.
ويبلغ إجمالي القوى العاملة في سوق العمل الإسرائيلية حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي 4.2 ملايين فرد، ويبلغ إجمالي عدد العمالة الفلسطينية في إسرائيل والمستوطنات المقامة في القدس والضفة الغربية 178 ألف عامل، ويرتفع الرقم إلى أكثر من 210 آلاف عامل مع إضافة العمالة التي تدخل إسرائيل بشكل غير رسمي، بحسب مؤسسات فلسطينية اقتصادية، واتحاد نقابات عمال فلسطين.
وذكر تقرير للمركز الإحصائي الفلسطيني، أن 93 ألف عامل من إجمالي العمالة الفلسطينية في إسرائيل والمستوطنات، ينشطون في قطاع البناء والتشييد، بحسب اتحاد المقاولين الإسرائيليين.
وتدخل العمالة الفلسطينية في الداخل المحتل نحو 1.5 مليار شيقل شهريا إلى الضفة الغربية؛ وهناك آثار اقتصادية قد تكون طويلة الأجل ستخلفها هذه الخطوة (منع العمال من الدخول للداخل المحتل) على الاقتصاد الفلسطيني، لها أبعاد اقتصادية واجتماعية ونفسية، خاصة وأن القيود التي يفرضها الاحتلال على الاقتصاد الفلسطيني، مع تبعيته للاقتصاد الإسرائيلي أدت إلى ضعف إمكان استيعاب العمالة الفلسطينية في أسواق العمل المحلية، وإلى الاعتماد المتزايد على أسواق العمل الإسرائيلية، والتي أصبحت تشكّل مصدراً أساسياً لدخل آلاف الأُسر الفلسطينية.
ويهدد استمرار الحرب بانخفاض عام في النشاطات الاقتصادية في الضفة الغربية إضافة إلى الكارثة الاقتصادية في قطاع غزة، وجزء من ذلك بسبب توقف الإمدادات وانخفاض حركة الاستيراد والتصدير وانخفاض الاستهلاك العام والخاص، وانعكاس ذلك على الإيرادات العامة غير المباشرة لخزينة السلطة، ولجوء بعض المؤسسات في الضفة إلى إحالة نسبة من عامليها إلى البطالة، وهو ما أثبتته الأشهر الماضية للحرب.
وفي السياق، تتوالى التحذيرات الإسرائيلية بتجرع الاقتصاد الإسرائيلي خسارة اقتصادية كبيرة نتيجة عدم السماح للعمال الفلسطينيين بالعمل في الداخل المحتل، من المتوقع أن تصل إلى 3 مليارات شيقل شهريا، كواحدة من التداعيات الاقتصادية للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وأشار مسؤولون إسرائيليون، إلى أن نحو 160 ألف عامل دخلوا إلى الداخل المحتل قبل السابع من أكتوبر بعدها سمح فقط لعدد من العمال بالدخول والعمل مع بعض الاستثناءات لصالح الشركات الرئيسية فقط.
وأكد مسؤولون إسرائيليون، أن التأثير على اقتصاد الاحتلال وسوق الإسكان كبير، ومن المحتمل أن يؤثر على مليون شخص بشكل مباشر وعلى عدد كبير من الصناعات بصورة غير مباشرة، محذرين من أن الأمر قد يؤثر على الدخل من الضرائب العقارية، وقد يؤدي إلى رفع دعاوى قضائية ضد الدولة.
وعلى الرغم من الخسائر الفادحة التي يتعرض لها الاقتصاد الفلسطيني، بسبب توقف المداخيل المالية للعمال في الداخل المحتل 48، إلا أن اقتصاد الاحتلال تأثر بصورة كبيرة حيث تشير تقديرات سابقة صادرة عن وزارة مالية الاحتلال إلى أن غياب العمال الفلسطينيين في قطاعات البناء والزراعة والصناعة، يكلف الإنتاج خسارة بثلاثة مليارات شيقل، جراء منع العمالة الفلسطينية من الوصول إلى منشآت البناء والمزارع والمصانع.
وتشير بيانات مؤشر قطاع البناء في بورصة تل أبيب إلى تراجعه بأكثر من 18 بالمئة خلال 2023، بينما تجاوزت نسبة التراجع 60 بالمئة خلال الربع الأخير 2023، بينما تراجع مؤشر القطاع الزراعي بأكثر من 13 بالمئة في 2023.
وبسبب هذه الخسائر لاقتصاد الاحتلال؛ حاول الاحتلال الإسرائيلي مضاعفة العمالة الآسيوية من الهند والفلبين وتايلاند خلال فترة الحرب، لتعويض غياب العمالة الفلسطينية، إلا أن الأرقام الفعلية التي دخلت قليلة للغاية مقارنة مع الحاجة الملحة للعمالة، وفي الوقت ذاته طالب اتحاد العمال الوطني لدى الاحتلال باستبعاد العمالة الفلسطينية وطالب بجلب عمال مهرة من دول أجنبية.
ورغم ذلك، إلا أن الخطة الإسرائيلية بجلب آلاف العمال الأجانب فشلت بسبب التكلفة الكبيرة التي يجب على مشغلهم دفعها، إضافة إلى حاجتهم لفترات طويلة لتعلم المهارات، إضافة إلى الإجراءات التي تحتاجها عملية جلب عمال أجانب من التنسيق بين الحكومات، وهو ما يحتاج إلى جهود كبيرة لجلب العمال الأجانب، مع تركيز كبير على العمالة الهندية.
ولكن؛ هناك تخوفات من جلب أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية يثير مخاوف بشأن احتمال ارتفاع عمليات الاتجار بالبشر، وفقا لصحيفة كالكاليست الإسرائيلية، التي قالت إن هناك تحذيرات من وزارة العدل الإسرائيلية من المخاطر المحتملة، لأنه قد يؤدي إلى زيادة وتيرة الاتجار بالبشر، حيث تتعارض الخطة الإسرائيلية بالخصوص مع نهج وحدة وزارة الخارجية الأميركية لمراقبة الجهود العالمية لمكافحة الإتجار بالبشر، كما قد تؤثر هذه الخطوة على تصنيف إسرائيل في تقارير التتبع الأميركية المقبلة، مما قد يؤدي في مراحل متقدمة إلى فرض عقوبات اقتصادية.
وتذكر تقارير إسرائيلية، أنه رغم نية حكومة الاحتلال معالجة النقص في العمالة في قطاعي البناء والصناعة، فإن القرار لم تثبت فعاليته بعد في تسريع عمليات التوظيف، علاوة على ذلك، فإنه يفرض تحديات دبلوماسية ذات تداعيات محتملة.