بات واضحًا وجليًا أن وجود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على رأس الحكومة الإسرائيلية لن يجلب الاستقرار للمنطقة أو يوقف حرب الإبادة في غزة بل؛ سيشعل الحروب ويفجر الصراعات وها هي المنطقة أصبحت على فوهة بركان وحرب اقليمية، ربما تنفجر في أي لحظة بسبب سياسات نتنياهو الذي تحول إلى أداة في يد اليمين المتطرف في إسرائيل.
لقد دأب نتنياهو على إفشال أي محاولة لوقف الحرب على غزة؛ بل أمعن في اختلاق العراقيل وافتعال الأزمات، والتنصل من الالتزامات، ونقض التعهدات؛ حتى يستمر في حرب الإبادة التي يقوم بها تجاه الشعب الفلسطيني للشهر العاشر، قتل خلالها ما يزيد على ٤٠ ألفًا، ودمر كامل القطاع، الأمر الذي باتت فيه الحياة شبه مستحيلة بعد أن طال الدمار ومشاهد الجوع وانتشار الأوبئة كل ربوع غزة.
أساليب الخداع والمماطلة التي اتخذ منها نتنياهو أداة للمراوغة لاستمرار الحرب، لم تعد خافية على أحد، حتى من يعملون معه في الحكومة، وحليفه الأمريكي إلا أنه لم يُعر كل هؤلاء أي اهتمام سوى مصلحته الشخصية؛ ممثلة في استمراره بالسلطة وتنفيذ أهداف حلفائه في الحكومة من المتطرفين الذين وجدوا في هذه الحرب فرصة لتنفيذ مخططاتهم في الإبادة، مدفوعين بأفكار تلمودية تحض على القتل وسفك الدماء، وتدعو إلى الإبادة؛ بل ومحو الشعب الفلسطيني بكامله من على وجه الأرض.
لقد نجح هذا التيار المتطرف الذي يستمد قوته أيضًا من ظهير شعبي كبير في تنفيذ مخططاته التدميرية؛ حيث كشف أحدث استطلاع للرأي أجرته صحيفة معاريف أن نحو ٧٠ بالمائة من الإسرائيليين يدعمون سياسة القتل للقيادات الفلسطينية على حساب التوصل إلى صفقة تبادل للاسرى؛ وهو ما يؤكد الروح العدوانية والدموية المتجذرة في هذا الشعب.
لقد كشفت التطورات خلال الأيام الماضية وسياسة الاغتيالات، التي يقوم بها نتنياهو، أن هذا الكيان المحتل لا يسعى لإشعال المنطقة فحسب؛ بل وتوريط الولايات المتحدة الأمريكية في حرب مع إيران، ستدفع شعوب المنطقة تكلفة تداعياتها وفاتورة تطوراتها.
وفي ضوء كل المؤشرات التي تؤكد أن إيران، وما يسمى بمحور المقاومة في لبنان، وبعض الدول في طريقهم للقيام بعمل عسكري ضد إسرائيل؛ ردًا على اغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وقائد من حزب الله في بيروت.
فإن المنطقة أصبحت على أعتاب سيناريوهات مفتوحة، إذا ما تطور الرد إلى رد أيضًا من إسرائيل، واتسعت رقعة الحرب إلى صراع إقليمي، طالما حذرت منه مصر، وأكدت تفادي نشوب مثل هذه الحرب ومخاطرها على أمن واستقرار المنطقة.
الحقيقة الدقيقة أن كل هذه التطورات التي باتت تشكل خطرًا محدقًا على أمن المنطقة والعالم، تتلاقى خطوطها وتتقاطع عند نتنياهو، الذي لم يعد يسمع أو يرى سوى أنصاره المتطرفين، الذين وجدوا في هذه الحرب فرصة لتنفيذ أفكارهم التدميرية، ومخططاتهم الشيطانية، ولم يعد أمامه إلا السمع والطاعة لهذا التيار المتطرف، الذي يهدد نتنياهو جهارًا؛ إما أن يسمع الكلام ويواصل الحرب والقتل وعدم التوصل إلى اتفاق هدنة أو وقف للحرب، أو أن هذا التيار سينسحب من الائتلاف الحكومي؛ وبالتالي تنهار حكومة نتنياهو بكاملها، وهو السيناريو الذي لا يريده نتنياهو؛ فهو يعني بالنسبة له نهاية حياته السياسية؛ بل ومحاكمته في قضايا فساد، وكذلك في فشل التصدي لهجوم ٧ أكتوبر.
هكذا هو المشهد، وتلك هي الحقائق التي تنذر بوقائع وأحداث جسام تتهدد المنطقة في قادم الأيام؛ بسبب التطرف الإسرائيلي الدموي، الذي يعتبر القتل من طقوس التقرب إلى الله.