كارثة وشيكة بسبب الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة في قطاع غزة
الاحتلال يستهدف كل من لهم علاقة بتفكيك المتفجرات والقنابل
تحديات كبيرة على الاقتصاد والصحة
خاص الحدث
خطر هائل، أثار المخاوف على مدار عشرة أشهر متواصلة، جراء وجود كميات كبيرة من القنابل والصواريخ غير المنفجرة التي ألقاها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ورغم اختلاف التقديرات حول كميتها، إلا أن أحدا لا يختلف على أنها كميات ضخمة وتحتاج إلى حلول عاجلة وتدخلات سريعة، خاصة في ظل نقص الكوادر المتخصصة في قطاع غزة واستهدافها من قبل جيش الاحتلال بشكل متعمد وممنهج.
وأكد خبراء إزالة الألغام التابعين للوكالات الدولية أنهم يستعدون لمواجهة كارثة وشيكة نظرا لكمية الذخائر المدفونة تحت الأنقاض مشيرين إلى أن واحدة من كل 10 قنابل من الأسلحة التقليدية لا تنفجر عادة، ومع رفض الاحتلال الإسرائيلي إنهاء الحرب، فإن النزوح المتجدد للفلسطينيين يزيد من خطر وقوع حوادث وانفجارات لهذه الصواريخ والقذائف خاصة بالعودة إلى أماكن تم استهدافها سابقا، كما أن كل طبقة من الحطام قد تكون تحتها ذخائر غير منفجرة وغير مرئية.
وتشكل القنابل غير المنفجرة تحديًا ضخمًا للاقتصاد ومستقبل الفلسطينيين في غزة، مشيرة إلى أن عملية التخلص من هذه القنابل والصواريخ مهمة صعبة ستستغرق سنوات وقد تؤثر على جهود إعادة الإعمار لأسباب تتعلق بالأمان خاصة وأن قطاع غزة يتكون من مجتمعات سكنية مكتظة بالسكان.
ويؤكد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، على وجود كميات كبيرة من القنابل والصواريخ غير المنفجرة في قطاع غزة كان قد ألقاها جيش الاحتلال على "أهداف" في قطاع غزة، مشيرا إلى أن القنابل الإسرائيلية لم تنفجر جميعها في قطاع غزة ولكنها تشكل تحديا وخطرا حقيقيا.
وقال بصل في حديث خاص لـ "صحيفة الحدث"، إن في غالبية المناطق والمنازل هناك قنابل وصواريخ وقذائف غير منفجرة، منها ما هو تحت الأنقاض ومنها ما هو داخل المنازل التي جرى استهدافها سابقا، ومن الصعب جدا التعامل معها في الوقت الحالي، ولكنها تسبب إشكالية كبيرة لإنها تحتاج إلى أدوات وإمكانيات وإزالة الركام ثم البدء بتفكيك المقذوفات التي تشكل خطرا على أرواح المواطنين وكذلك على أرواح الفرق التي تعمل على إزالة الركام الموجود.
وأشار المتحدث باسم الدفاع المدني، إلى أنه في كل مرة يدخل فيها الاحتلال الإسرائيلي قطاع غزة برا؛ يترك خلفه منازل مفخخة وفيها مخلفات عسكرية، وعندما يعود المواطنون لها هناك احتمالات عالية لتشكيل خطر على المواطنين، خاصة في المناطق التي سبق ودخلتها قوات الاحتلال.
وذكر بصل، أن واحدة من أكبر الإشكاليات الموجودة هي أن الفرق العاملة في مجال تفكيك القنابل ووقف خطرها (فرق هندسة المتفجرات في الشرطة الفلسطينية) على المواطنين، جميعها يتم استهدافها من قبل قوات الاحتلال وكلها متوقفة عن العمل تماما، بسبب استهدافهم بالاغتيال والقتل، ومنذ بداية الحرب عملت هذه الطواقم على تفكيك المتفجرات وتحييدها ولكن الآن توقفت هذه العمليات بسبب صعوبة العمل والاستهدافات المتعمدة.
ووفقا لـ بصل، إنه ولأكثر من مرة، حدثت انفجارات في مناطق انسحب منها جيش الاحتلال الإسرائيلي وفي خانيونس كانت هناك حالة بتر لطفل جراء انفجار هذه الصواريخ، وهناك شواهد كثيرة على الخطر المحدق بسبب هذه المتفجرات والقنابل الإسرائيلية والذي من الممكن أن يخلف عددا كبيرا من الضحايا.
وكجهاز دفاع مدني، يقول بصل، إنهم طالبوا بوجود فرق دولية تعمل في هذا المجال خاصة في ظل وجود قنابل غير منفجرة وجثامين ومصابين في المنازل المستهدفة وتحت الركام، "وكطواقم دفاع مدني هناك مخاطر عالية وصعوبات كبيرة جراء القلق من انفجار هذه الصواريخ"، وفي كثير من الأحيان "نحن نعمل في المجهول تحت الأنقاض ولا نعلم إذا ما كانت هناك صواريخ ومكانها بدقة لتلافي الخطر، ونحن نعرض أنفسنا للخطر في كل مرة، ولا بد من وجود فرق دولية متخصصة تعمل في هذا المجال حتى نتمكن من تأدية مهامنا على أكمل وجه دون تعريض حياتنا وحياة المواطنين وممتلكاتهم للخطر".
ورغم ذلك، يؤكد بصل، أنه رغم النداءات والمطالبات، بوجود فرق متخصصة، إلا أن أحدا لم يستجب ولم تصل أي فرق بالخصوص، "وهناك تقريبا منزلين من بين كل 10 منازل تقريبا فيها قنابل غير منفجرة"، بالإضافة إلى المساحات الفارغة والطرقات، وكل ما يمكننا فعله هو وضع تحذير بجانب القنابل والصواريخ التي يتم الكشف عنها في المساحات الفارغة، ونسبة الخطر مرتفعة جدا بسبب هذه الصواريخ والقنابل غير المنفجرة.
وأكد بصل، أن إزالة خطر المتفجرات والقنابل تحتاج إلى إزالة الركام بطريقة دقيقة وليست عشوائية لأنها يمكن أن تشكل خطرا على من يعملون على انتشال الجثامين وإنقاذ المصابين وكذلك إزالة خطر المتفجرات التي تحتاج إلى فرق متخصصة وآليات ثقيلة.
وأشار بصل، إلى جيش الاحتلال لم يبق أي منطقة آمنة بالفعل في قطاع غزة وأصبح المواطنون يعيشون حياة صعبة جدا.
وذكر بصل أن 79 شهيدا ارتقوا من طواقم الدفاع المدني خلال الأشهر العشرة الماضية جراء الاستهدافات الإسرائيلية بالإضافة إلى 200 جريح منهم حالات بتر وحالات إصابة خطيرة بحاجة إلى علاج للخارج، بالإضافة إلى اعتقال أكثر من 5 أشخاص من الدفاع المدني مصيرهم مجهول، كما ودمرت قوات الاحتلال نحو 80% من مقدرات الدفاع المدني في غزة بما يشمل المركبات والمعدات والمقرات، مشيرا إلى أن الدفاع المدني له حصانة في القانون الدولي الإنساني، وبعض الاستهدافات متعمدة لطواقم الدفاع المدني حيث تم استهداف طواقم الدفاع المدني في مقر الدفاع المدني ومركبات تابعة للدفاع المدني كذلك.
والخطر لا يقتصر فقط على وقوع انفجار مميت، بل إن التداعيات الصحية والبيئية تبعث على القلق، حيث يوجد حوالي 800 ألف طن من الأسبستوس تحت الأنقاض، وآلاف الجثث، فضلا عن المواد السامة والعضوية والكيميائية، خاصة أن معظم المستشفيات قد تأثرت، وبالتالي قد تكون تحت الأنقاض آلات مشعة أو مخاطر بيولوجية.
وفي وقت سابق، أثيرت تقارير حول عدم انفجار آلاف القذائف والصواريخ التي ألقاها جيش الاحتلال على قطاع غزة، ما سيلقي بثقله على مدار سنوات على الفلسطينيين في قطاع غزة.
وتشير التقديرات الأممية إلى أن 10% من القذائف والقنابل التي ألقاها جيش الاحتلال على قطاع غزة لم تنفجر، أي أكثر من 75000 طن من المتفجرات ملقاة في الشوارع والأراضي والمنازل وبين الركام وتحت الأنقاض.
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي في وقت سابق، من تكرار حوادث انفجار مخلفات جيش الاحتلال في منازل المواطنين، سيما التي تكون على هيئة معلبات، حيث سجلت العديد من الإصابات جراء انفجار مثل هذه المعلبات المفخخة التي يتم إلقاؤها لخداع الأهالي خاصة الأطفال.
وطالب من جانبه، المجتمع الدولي بإدخال الفرق الهندسية التخصصية وخبراء المتفجرات وتزويد جهات الاختصاص المحلية بالإمكانات الفنية اللازمة، للتعامل مع هذه المخلفات وإزالة خطرها عن الأهالي.
وفي وقت سابق، قالت صحيفة إنفورماسيون الدنماركية، إنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى فقط من الحرب على غزة، تم إلقاء نحو 45 ألف قنبلة على غزة، مما يعادل حوالي 500 قنبلة يومياً أو 21 قنبلة في الساعة.
وأضافت، أن هذا الهجوم الهائل أسفر عن تدمير أو تضرر بين 50 إلى 62 في المائة من جميع المباني في قطاع غزة، وفقاً لدراسة أجرتها جامعة نيويورك بالتعاون مع جامعة أوريغون، وحذرت من عواقب وخيمة ستسببها آلاف القنابل غير المنفجرة في قطاع غزة، وسط تقديرات أن تكون لها تأثيرات طويلة المدى على الفلسطينيين وعلى جهود تعافيهم بعد انتهاء الحرب.
وأفادت منظمة "إتش آي"، بأن أكثر من 14 في المائة من القنابل التي ألقاها الاحتلال على القطاع لم تنفجر، مما يعني أن عدد القنابل الفعلي يتجاوز بكثير التقديرات السابقة التي بلغت نحو 6 آلاف و300 قنبلة وصاروخ في الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب.
واعتبرت الصحيفة، أن وجود عدد كبير من القنابل غير المنفجرة سيُجبر الناس على العيش وكأن الحرب مستمرة، حتى بعد خروجهم من مرحلة الصدمات الأولية".
وشدد خبراء للصحيفة، أنه لا ينبغي التهاون بتأثير الصواريخ التي لم تنفجر وتداعياتها، مطالبين بضرورة التدخل الدولي لمساعدة الفلسطينيين في غزة على تنظيف القطاع من هذه القنابل الموقوتة التي تركتها الحرب الإسرائيلية.
وسبق أن صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بأن كل مكان في غزة هو "منطقة موت محتملة"، وقال إن المستوى الشديد للقتال والدمار في غزة "غير مفهوم ولا يمكن تبريره"، مؤكدا أنه لا "مكان آمنا في غزة فكل مكان هو منطقة قتل محتملة".
وأفادت الأمم المتحدة، بأن إزالة الأنقاض الناتجة عن القصف الإسرائيلي المدمر على قطاع غزة قد تستغرق 15 عاما، بتكلفة تراوح بين 500 و600 مليون دولار، وأوضحت أن الحطام يشكل تهديدا محتملا وخطيرا، فقد يحتوي على ذخائر غير منفجرة ومواد ضارة، وأن إزالته ستتطلب أكثر من 100 شاحنة.
واستشهد الأورومتوسطي بتقرير صادر عن برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة صدر في يونيو/حزيران وقال إن 137 ألفا و297 مبنى قد تضرر في غزة، أي أكثر من نصف إجمالي القطاع، مشيرا إلى أن الأمر يتطلب مواقع ردم مترامية الأطراف تشغل بين 250 و500 هكتار لإلقاء الأنقاض.
وجاء في التقرير، أن الأسلحة المتفجرة التي استخدمت في الحرب قد خلّفت نحو 39 مليون طن من الحطام، فكل متر مربع من غزة كان يتناثر فيه أكثر من 107 كيلوغرامات من الحطام في المتوسط.